قصة اسلام سلمان الفارسي
سلمان الفارسي أو “مابه بن يوذخشان”، الذي كان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أصل فارسي، لذلك أطلق عليه لقب الفارسي. كان يعتنق الديانة المجوسية قبل إسلامه، وكان لديه فكرة بناء الخندق الذي كان مبتكرا بالنسبة للعرب. له عدة ألقاب في الإسلام، وهي سلمان الفارسي، سلمان الخير، والباحث عن الحقيقة. قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الخندق تكريما له: `سلمان منا آل البيت`. توفي في عام 33 هـ، في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان.
قصة اسلام سلمان الفارسي
تم ذكر قصة إسلام الصحابي سلمان الفارسي في العديد من كتب الحديث والسيرة النبوية، وذلك من خلال حديث الصحابي عبد الله بن عباس الذي يروي قصة إسلام سلمان الفارسي كما رواها عن نفسه: عبد الله بن عباس قال: سلمان الفارسي أخبرني قصته وهو يضع يده على فمه قائلا
كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان، وكان أبي دهقانها، وأنا من قرية تسمى جي. كنت أحب خلق الله إليه، ولم يفارق حبه لي قلبي حتى أسكن في بيت أبي كالجارية المحبوسة. اجتهدت في الديانة الزرادشتية حتى أصبحت قاطنا للنار التي يوقدها، ولا يدعها ينطفئ لحظة. وكان لأبي ضيعة عظيمة، ففي يوم بنى فيها، وأمرني بأن أذهب وأرى الضيعة وأنجز بعض المهام، لكنه حذرني من عدم التأخير في العودة، لأن ذلك سيشغله عن كل شيء، وأنا أهم بالنسبة له من ضيعته.
فخرجت أريد ضيعته، فعبرت بكنيسة من كنائس المسيحيين، فسمعت أصواتهم وهم يصلون فيها، وكنت لا أدري لماذا يحبس الناس أبي في بيته، فعندما مررت بجانبهم وسمعت أصواتهم، دخلت لأرى ما يفعلون، وعندما رأيتهم أعجبت بصلواتهم وتأثرت بأمرهم، وقلت: `بالله، هذا أفضل من ديننا الحالي`، وبالله لم أتركهم حتى غروب الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم أعود إليها، وقلت لهم: `من أين جاء هذا الدين؟`، فأجابوا: `من الشام`. ثم عدت إلى أبي وكان قد بعث لي وشغله عن عمله بأكمله، وعندما جئته قال: `يا بني، أين كنت؟ ألم أوصل إليك ما أوصلت؟`، فقلت: `أيها الأب، مررت بأشخاص يصلون في كنيسة تخصهم، وأعجبني ما رأيت من دينهم، وبالله لم أزل بينهم حتى غروب الشمس`. فقال: `يا بني، ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه`. فقلت: `كلا وبالله، إنه أفضل من ديننا`. فخاف مني وقيد رجلي، ثم أحتجزني في بيته.
فبعثت إلى النصارى، فقلت: إذا واجهتم قافلة تجارية من النصارى قادمة من الشام، أخبروني عنهم.” وبالفعل واجهوا قافلة تجارية من النصارى قادمة من الشام، وأخبروه عنهم، فقال: “إذا انتهوا من أعمالهم وأرادوا العودة، أخبروني.” فعملوا ذلك، وألقى الحديد من رجليه، ثم سافر معهم حتى وصلوا إلى الشام. وعند وصولهم إلى هناك، سأل: “من هم الأفضل في هذا الدين؟” فأجابوا: “الأسقف في الكنيسة.” فذهب إلى الأسقف وقال: “لقد أشتهيت هذا الدين، وأرغب في أن أكون معك وأخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك.” فقال له الأسقف: “ادخل.” فدخل معه، وكان رجلا سيئا يأمرهم بالصدقة ويحثهم عليها، وإذا جمعوا شيئا منها، يخزنه لنفسه ولا يعطيه للفقراء، حتى جمع سبعة قلال من الذهب والورق، فشعرت بشدة بالكراهية تجاهه بسبب ما رأيته يفعله.
ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: «إن هذا رجل شرير، يأمركم بالصدقة ويشجعكم عليها، فإذا أتيتم بها، يحتفظ بها لنفسه ولا يعطيها للفقراء»، وقد أظهرت لهم مكان كنزه الذي يحتوي على سبع حقائب ممتلئة، وعندما رأوها، قالوا: «والله لن ندفنها أبدا». فصلبوه ثم رموه بالحجارة. ثم جاءوا برجل ليحل محله، ولم أر رجلا أراه أفضل منه، يزهد في الدنيا ولا يشتهي الآخرة، ولا يقيم الليل والنهار، وما علمت قبله شيئا أحببته، فبقيت معه حتى حضرت وفاته. فقلت: «يا فلان، قد حانت لك مرحلة ما تراه من أمر الله، وإني والله لم أحب شيئا قط قبل حبك، فماذا تأمرني وإلى من توصيني؟»، فقال لي: «يا بني – والله – لم يبق لي إلا رجل بالموصل، فإنك ستجده في مثل حالتي».
بعد وفاته واختفائه، ذهبت إلى الموصل وقابلت صاحبها. وجدته يعمل بجد ويتنزه عن الدنيا. قلت له: `فلان وصى علي بأن أأتيك وأكون بجانبك`. رد علي قائلا: `فاقم معي يا بني`. نزلت عنده وفقا لتوجيهات صاحبه حتى حضرت وفاته. قلت له: `فلان وصى بي عليك وأنت تعرف ما ينتظرك من أمر الله. فمن توصيني أن أكون معه؟ وماذا تأمرني أن أفعل؟` رد علي قائلا: `والله، يا بني، لا أعلم إلا رجلا بنصيبين`. بعد أن دفناه، ذهبت للآخر ونزلت عنده بنفس الطريقة حتى حضرت وفاته. وصى علي بأن أذهب إلى رجل من أهل عمورية في الروم. ذهبت إليه ووجدته يعيش نفس الحالة واكتسبت من خلاله حتى أصبح لي ثروة وماشية.
ثم احتضر فكلمته إلى من يوصي بي؟ قال: والله لا يوجد أحد يعرف مكانه بالضبط كما كنا عليه في السابق. أمرتك بزيارته ولكن يبدو أنه ما زال يعيش في زمن الأنبياء الذي يرسل من الحرم، مهاجرا بين حرتين إلى أرض سبخة تحتوي على نخل. وبالفعل، هناك علامات لا يمكن إخفاؤها، وبين كتفيه يحمل خاتم النبوة. يقبل الهدايا ولا يأخذ الصدقات. إذا كنت قادرا على الوصول إلى تلك البلاد، فافعل ذلك؛ لأنه ما زال يعيش في زمنه الخاص.” عندما رأيته، قمت بالانتظار حتى مرت بي رجال من تجار العرب من كلب، فقلت لهم: “هل يمكنكم أن تحملوني إلى أرض العرب، وسأعطيكم غنائمي وبقراتي؟” أجابوا: “نعم”. فأعطيتهم غنائمي وحملوني. ولكن عندما وصلنا إلى وادي القرى، ظلموني وباعوني كعبد لرجل يهودي في وادي القرى. فوالله، رأيت النخل وتمنيت أن يكون هذا البلد الذي وصف لي بواسطة رفيقي.
وما حدث لي هو أن جاء رجل من بني قريظة في وادي القرى، واشترى مني شيئا من صاحبي. ثم ذهبت معه حتى وصلنا إلى المدينة. عندما رأيت المدينة، عرفتها وتعرفت على معالمها. اقتربت من السكن في منطقة رق، وفي هذا الوقت بعث الله نبيه إلى مكة، ولم أكن أعلم أي شيء عن أمره بسبب وضعي الرقيق. حتى وصل رسول الله إلى قباء، وفي هذا الوقت كنت أعمل لصاحبي في نخلة له. فجاءني ابن عم صاحبي وقال لي: `يا فلان، قاتل الله بني قريظة. إنهم الآن مجتمعون في قباء لمحاربة رجل يزعمون أنه نبي قد جاء من مكة`. عندما سمعت ذلك، أصابتني حالة من الرعب حتى ظننت أنني سوف أفقد وعيي وأسقط على الأرض. ونزلت قائلا: `ما هذا الخبر؟`. فرفع صاحبي يده وضربني بشدة وقال: `ما الذي يحدث لك؟ اعود إلى عملك`. فقلت: `لا شيء، سمعت فقط خبرا وأردت أن أبلغ عنه`.
في المساء، وعندما كان عندي بعض الطعام، حملته وذهبت إلى رسول الله وهو في بقباء. قلت له: `وصلتني أخبار عنك بأنك رجل صالح، وأن لديك أصدقاء غرباء. وكان عندي بعض الصدقة، ورأيتك تستحقونها أكثر من هذه الأرض، فها هو لكم جميعا لتأكلوا`. فأخذه رسول الله وقال لأصحابه: `تناولوا`. وفي نفسي قلت: `هذا ما وصفه لي صديقي`. ثم عدت وغادر رسول الله إلى المدينة. جمعت ما كان معي من شيء آخر وأتيت به له، وقلت: `رأيت أنك لا تأكل الصدقة، فهذه هدية لك`. فتناول رسول الله وأكل مع أصحابه. فقلت في نفسي: `هذا هو ما وصفه لي`. ثم جئت رسول الله وهو يشارك في مراسم الجنازة، وكان يرتدي رداء. فلما رأني، ألقى رداءه عن ظهره لأتمكن من النظر إلى الخاتم الذي وصف لي. فعرفته، فانكببت عليه وأقبلته وبكيت.
فقال لي: «تحول». فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله أن يسمع ذلك أصحابه. ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله بدر وأحد. ثم قال رسول الله: «كاتب يا سلمان». فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له بالفقير، وبأربعين أوقية. فقال رسول الله لأصحابه: «أعينوا أخاكم». فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، حتى اجتمعت ثلاث مائة ودية. فقال: «اذهب يا سلمان ففقر لها، فإذا فرغت فائتني أكون أنا أضعها بيدي». ففقرت لها وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها، جئته وأخبرته، فخرج معي إليها نقرب له الودي، ويضعه بيده.
والله الذي نفس سلمان بيده، لم تمت أحدية من نفسي واحدة، أديت النخل وبقي علي المال، فجئت ببيضة دجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال رسول الله: “ما فعل الفارسي المكاتب؟” فدعوت له، فقال: “خذها وأد بها ما عليك”. قلت: “وأين تقع هذه يا رسول الله من ما علي؟” فقال: “خذها فإن الله سيؤدي بها عنك”. فأخذتها وزنت لهم أربعين أوقية، وأوفيتهم حقهم وعتقت، فشهدت مع رسول الله حرب الخندق، ثم لم يفتني بعدها مشهد