قصة غزوة الأحزاب ( الخندق)
بدأت العرب وقبائلها تخشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حروبه في الجزيرة، ولكن اليهود لا يهدأ لهم بال حيث يدبرون مؤامرات جديدة ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فعشرون من سادات بني النضير الذين أجلهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتوبوا ولم يرتدعوا، فأصبحوا يقوضون القبائل العربية ضد رسول الله. ذهبوا أولا إلى قريش وذكروا قريش بأنهم انسحبوا من معركة بدر الثانية وأن هيبتهم قد ضعفت أمام العرب والقبائل، وحثوهم على محاربة رسول الله، وأن العرب سيكونون جميعا معهم. أقنعت قريش بهذه الخطة والمكيدة، أنهم سيحاربون رسول الله كرجل واحد. فجهزت قريش والحلفاء، الذين كانوا معها، أربعة آلاف مقاتل، وذهبت اليهود إلى جميع قبائل الجزيرة العربية، قبيلة بقبيلة، لكي يحثوهم على القتال. ذهبوا إلى غطفان وحثوهم على محاربة رسول الله. فتجمعت جميع قبائل العرب لرمي النبي صلى الله عليه وسلم بالأسهم .
تجمع القبائل و التوجه نحو المدينة المنورة :-
تجمع جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل ويتجه إلى مدينة رسول الله. يقودهم الشيطان، وتحرضهم اليهود في شوال من العام الخامس للهجرة. الأحزاب هم قريش برئاسة أبو سفيان بن حرب، وكنانة الأحباش وغطفان معها فزارة وبنو مرة وأشجع بقيادة عيينة بن حصن، والحارث بن مرة ومسعر بن رخيلة. بنو أسد بقيادة طليحة بن أسد، وسليم بقيادة سفيان بن عبد شمس، ومعهم يهود بني قريظة. بذلك تجمعت ملة الكفر الواحدة متوجهة إلى المدينة .
الإستعداد للقتال و بناء الخندق :-
بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرا يفيد أن جميع العرب قد تجمعوا وتحالفت الأحزاب لغزو المدينة ومحاربة النبي وأصحابه. جمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للاستشارة، وقام سلمان الفارسي وقال: يا رسول الله، في فارس كنا نواجه أمما تحاربنا، فصنعنا حولنا خندقا، فلنقم بهذا هنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، هذا رأيك الممتاز. فتجمع الأصحاب في مجموعات، وكل مجموعة منهم كانت تحفر خندقا يبلغ طوله أربعون ذراعا. المدينة محاطة بجبال من كل جهة، باستثناء جهة أمر الرسول بحفر الخندق بها. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحفر مع الأصحاب، ويذكرهم وهو يقول: “اللهم، لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة.” كان الجو شديدا، فربط الأصحاب الحجارة على بطونهم، وربط النبي صلى الله عليه وسلم حجرين. وكان الجوع شديدا، والتعب كبيرا. وكان حفر الخندق حول المدينة أمرا صعبا. كان عدد الصحابة ثلاثة آلاف رجل، وهم من شاركوا في الغزو .
عند الحفر وجد الصحابة الكرام صخرة كبيرة تحتاج لرجل قوي كان لها رسول الله صلّ الله عليه وسلم قال اعطوني المعول ضربها الضربة الأولى فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام إني أرى قصورها الحمراء و الثانية قال الله أكبر أعطيت فارس إني أرى المدائن و الثالثة قال الله أكبر أعطيت مفاتيح صنعاء إني لأرى أبوابها الآن و الصحابة ينظرون للنبي كيف يشجعهم وهم يحفرون الخندق عليه الصلاة و السلام .
وصول الأحزاب إلى المدينة :-
وصل أحزاب الكفر إلى المدينة أربعة ألاف من قريش وحدها و ستة ألاف من غطفان و من معها من القبائل لما وصلوا وجدوا الخندق يحجزهم الخوف بدأ يزداد فجيوش الكفر كبيرة و جيش المسلمين قليل و لكنهم كانوا ثابتين صابرين لما رأوا الخندق قالوا هذه مكيدة لا تعرفها العرب و لم يستطيعوا أن يدخلوا الخندق فسهام المؤمنين لهم بالمرصاد حتى وجدوا منفذ في الخندق إخترقوه بقيادة عمرو بن عبد ود و عكرمة بن أبي جهل و ضرار بن الخطاب فكان لهم في المواجهة عليّ بن أبي طالب و معه ثله من المؤمنين نزل عمرو بن عبد ود يريد المبارزة نزل إلية الإمام عليّ فتبارزا فصرعه الإمام عليّ فهرب البقية و رجعوا مرة أخرى ، بعد ذلك تراشق الطرفان مات ستة من المؤمنين و عشرة من المشركين من شدة الخوف و إنشغال الصحابة بالمعكرة شعلوا عن الصلاة حتى الرسول صلّ الله عليه وسلم لم يصلى العصر حتى غربت الشمس فدعا الله عليه و قال شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمي ملء الله عليهم قبورهم و بيوتهم نارًا .
تحريك يهود بني قريظة لنقد العهد مع المسلمين :-
إستغل فرصة إنشغال المسلين سيد بنى النضير حيي بن أخطب تسلل إلى المدينة و ذهب إلى بنى قريظة اليهود الذين بقوا في حلفهم مع رسول الله إلى سيدهم كعب بن أسد طرق الباب مرات حتى فتح وقال له ماذا تريد قال جئتك بعز الدهر قريش و أسيادها و جيوشها و غطفان و حلفاءها عاهدوني ألا يغادروا المدينة حتى يقتلوا محمدًا و أصحابه قال بل جئتي بذل الدهر لم أرى من محمد و أصحابه إلا الخير الوفاة بالعهد و لن أقاتل معك و لكنه أقنعه حتى نقد العهد .
كانت المدينة تحتوي على النساء والأطفال الصغار، ولم يهتم أحد بحراستهم، فقد أرسلوا جاسوسا ليتجسس على بيوت النساء، ورأته السيدة صفية، عمة الرسول، صلى الله عليه وسلم، فأخذت عمودا وضربت رأسه به، فسقط على الأرض جثة هامدة. هذا أثار فزع اليهود، لأنهم أدركوا أن هناك من يحمي المؤمنين، فعندما علم النبي بهذا الأمر، أرسل فريقا من المؤمنين ليتحققوا من الأمر، وعلموا أن قبيلة قريظة قد خرقت العهد مع رسول الله. عندما علم الجميع بذلك، انتابتهم حالة من الرعب، ونزل الله تعالى في كتابه الكريم قوله: `وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا`. بدأ المنافقون بنشر الشائعات بين المؤمنين، وذهب المنافقون وانشقت الصفوف، ولم يمر المؤمنون بمحنة مثل هذه المحنة
بداية النصر و هزيمة الأحزاب :-
غفى النبي صلى الله عليه وسلم بنوم قصير، وعندما استيقظ قال لهم أبشروا بنصر من الله. استشار الصحابة حول التوفيق مع غطفان وإعطائهم ثلث ثمار المدينة، لكنهم تراجعوا. فقال الأنصار: لا والله يا رسول الله، لن نعطيهم شيئا من ثمارنا إلا إذا أعطونا حقوق الإسلام. ثم جاء رجل يدعى نعيم بن مسعود، وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا من غطفان، أسلمت ولم يعلم أحد بإسلامي. فقال النبي: تعامل معنا كما تشاء، أنت رجل واحد والحرب خدعة. وكان رجلا ذكيا، فذهب إلى اليهود وقال لهم: هل تعرفون قدري عندكم، وإني لكم ناصح. قالوا: قريش لن تقاتل معكم إلا إذا انتصرتم، وإلا فسوف تتراجعون وتتركون محمد، ولن تتمكنوا من مقاومته. فسألوه: ماذا نفعل؟ فقال: اطلبوا منهم رهائن حتى لا يتراجعوا. فقالوا: نعم، أيها الحكيم، فذهب إلى قريش وقال لهم: إن اليهود غدروا بكم ويطلبون منكم رهائن يسلموهم لمحمد وأصحابه .
لما كانت ليلة السبت أرسلت قريش إلى اليهود أننا لن نجلس في هذه الأرض أبد الدهر فقوموا معنا نقاتل محمدًا و نناجز أصحابه فقالت اليهود تعلمون أن الليلة سبت و أن القتال عندنا فيه محرمًا ثم أننا لن نقاتل معكم محمدًا إلا بعد أن تسلمونا رهائن فلما سمعت قريش قالت صدقكم نعيم فأرسلت لليهود أننا لن نرسل إليكم أي رهائن فلما سمعت اليهود قالت صدقنا نعيم و إتهم كل فريق الأخر و دبت الفرقة بينهما و دب الرعب بين الصفوف و نقض الفريقان العهد بينهما و كانت بداية النصر.
الرياح جند من جنود الله تعالى :-
أرسل الله تعالى جنديا من جنوده، إنه الريح رياح شديدة القوة والبرودة، نزلت إلى صفوف المشركين، فتخلع الخيام وتتطير بالسماء، ويدب الرعب في صدورهم. جمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال رجلا يأتيني بخبر القوم ويكون صاحبي يوم القيامة لم يقم أحد بالخوف الشديد، فقال النبي مرة أخرى لم يقم أحد، ثم قالها للمرة الثالثة لم يقم أحد. نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى كاتم سره حذيفة بن اليمان، وقال: يا حذيفة، قم وأتنا بخبر القوم، ولا تحدث أمرا يزعرهم عليك حتى لا يتراجعوا وينسحبوا. دخل حذيفة بين صفوف المشركين، وهو يسلل في الخندق، ورأى القائد أبا سفيان يتدفأ بالنار، وكاد أن يصيبه، ولكنه تذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فعاد إلى النبي عندما سأله عن الأخبار، وبشره بالخبر. وقال أبو سفيان: أيها الناس، إني راجع إلى مكة، فمن يرغب في العودة، فليرجع معي. فبشر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر .
{لم ينفع الله الذين كفروا غيظهم ولم يجدوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين في القتال ، وكان الله قويا عزيزا} سورة الأحزاب. عندما علم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر ، قال: الآن سنهاجمهم ولن يهاجمونا