فوائد من قصة اصحاب الكهف
تتضمن سورة الكهف معانٍ ودلالات بارزة جميلة، وتنوع قصصها يفتح الآفاق على عالم من الخيال، كما تضم صورًا بلاغية رائعة ومعانٍ فريدة، وتتميز بقصة أصحاب الكهف المشهورة
ما هي قصة اصحاب الكهف
تروى قصة أصحاب الكهف، الفتية الذين آمنوا بالله وحده ولم يشركوا به، وانفصلوا عن القوم المشركين الذين عبدوا آلهة متعددة، فلجأوا إلى هذا الكهف. يذكر الله تعالى قصتهم في القرآن الكريم بهذه الطريقة: (نحن نروي لك نبأهم بالحق، إنهم فتية آمنوا بربهم وزادناهم هدى، وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا: ربنا رب السماوات والأرض، لن ندعو من دونه إلها. قد قلنا ذلك عندما تجاوزوا الحدود).” يذكر الله تعالى صفاتهم وهي: أنهم كانوا فتية، وأن الله قد هديهم وزادهم إيمانا، وأنهم كانوا شبابا مؤمنين وموقنين بالله بيقين خال من الشك والحيرة والقلق والاضطراب.
كان هؤلاء الشباب يعيشون في مجتمع لا يعبد الله ويؤذون أي شخص يكفر بآلهتهم. لذا، أدرك الشباب الحكماء أن اللجوء إلى مكان يعبدون فيه الله وحده هو الخيار الأفضل من هذه القرية. قرروا مغادرة القرية والذهاب إلى كهف يكون ملجأ لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الكبيرة إلى الكهف الضيق. تركوا منازلهم الفسيحة للعيش في هذا الكهف النائي، وذلك لكي يحظوا برضا الله عز وجل
المعجزة الآلهية في قصة اصحاب الكهف
بعدما لجأ الشباب إلى الكهف لعبادة الله واكتساب رضاه، وللهروب من الظلم الذي يعيشه سكان القرية، حدثت معجزة إلهية هناك، فقد نام الشباب لمدة تسعة وثلاثمائة سنة، وخلال هذه الفترة، كانت الشمس تشرق عن يمين الكهف وتغرب عن يساره، مما جعلهم لا يتعرضون لأشعة الشمس سواء في بداية النهار أو نهايته، وكانت أجسادهم تتحرك أثناء النوم دون أن تتعرض للتلف، وكل من ينظر إليهم يشعر بالرعب لأنه يعتقد أنهم مستيقظون بسبب حركتهم الدائمة
بعد تحقق الحكمة من الحدث بأكمله، عاد قانون الحياة ليعود إلى سيره الطبيعي، ويبدو أن الفتية عند عودتهم كانوا يثيرون البلبلة بين الناس ولم يكونوا واضحين
ما هي الحالة للأشخاص؟ هل هم نائمون أم قد توفوا؟ وإذا كانوا قد توفوا، فيجب أن يتم دفنهم، وإذا كانوا نائمين، فلا يجوز دفنهم، وعندما استيقظوا من نومهم الطويل، لم يدركوا مقدار الوقت الذي مر عليهم، ثم طلبوا من شخص ما أن يذهب سرا إلى المدينة لشراء طعام بالنقود التي كانت معهم، لكنه وجد كل شيء غريبا في القرية التي تغيرت وآمنت بأن رجلا صالحا قد أتى إليها، وبعد أن تم تأكيد معجزة إحياء الموتى، أخذ الله تعالى أرواح الشباب، فلكل نفس موعد محدد، ولا يجوز التأخير عنه.
ماذا يعلمنا الله من قصة اصحاب الكهف
نستنتج من قصة أصحاب الكهف أن الانعزال عن الناس في الفتن، سواء في السواحل والشعاب أو الكهوف أو البيوت، هو الخير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “سيأتي على الناس زمان يكون فيه خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بها دينه من الفتن”. وقد يضطر المؤمن للاعتزال عندما يأتي المسيح الدجال. ومن هذا القول نفهم ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر حين سأله: “ما النجاة يا رسول الله؟” فأجاب: “امسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك
فوائد مستخرجة من قصة اصحاب الكهف
- قدرة الله على إحياء الموتى، وهذا يدل على قدرة الله التي لا يمكن تجاوزها، حيث بعث الله هؤلاء الفتية بعد سنوات من النوم، وقال تعالى: “أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا” (سورة الكهف: 9). ورغم أن قصة أصحاب الكهف مدهشة، إلا أنها أقل إعجابا بالمقارنة مع قدرة الله على خلق السماوات والأرض والحادثة التي ينتظرها الكافرون يوم البعث. ويعتبر إحياء الموتى بعد موتهم أعظم من إيقاظ أصحاب الكهف، لأن الحياة تبقى في الجسد أثناء النوم، بينما لا يوجد أي دليل على الحياة في الجسد بعد الموت
- يجب حماية الدين من الفتن وعدم تعرضه للمحن التي تهز الكيان وتثير الخوف في أسس الإيمان. فقد أشارت الآيات إلى أن أصحاب الكهف فروا بدينهم وهاجروا مع أهلهم وديارهم للحفاظ على دين التوحيد. يقول الله تعالى: `نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى` [الكهف: 13].
- تأكيد الاتجاه نحو الله تعالى بالدعاء لتحقيق الأهداف والاستمداد، لأن الله تعالى هو القادر الوحيد على تحقيق كل شيء، والمؤمن الصادق هو الذي يثق بقدرات الله، وأصحاب الكهف دعوا الله في ظروف صعبة تعرضوا لها، قال تعالى: “إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا” [الكهف: 10].
- الدعاء إلى الله والتضرع هو سبب النجاة: توضح قصة اصحاب الكهف انهم بعد ما لجؤوا إلى الله استجاب لهم دعائهم، وصرف اعدائهم وصد كيدهم، والهمهم موضع الكهف، ووضع الكهف على جهة صالحة كي تبقى اجسادهم سليمة، وانامهم فترة طويلة كي يمضي الزمن وتتغير احوال المدينة، وثبتهم على دين الحق، وجعل قصتهم اية لمن يعتبر من المسلمين فيزداد إيمانًا.
- الحق في القصة التي ذكرت في القرآن الكريم وما ورد فيه لا شك فيه
- اللجوء إلى سنة الله تعالى هو سمة المؤمن، والله هو نصير وعون المؤمن، ولا يمكن حدوث التوفيق دون رضا من الله، وكلما زادت العلاقة بين العبد وربه، كلما زاد التوفيق والثبات من الله عز وجل.
- يلعب الشباب دورًا في نشر الدعوة الإسلامية ونشر دعوة التوحيد لله عز وجل.
ما هي اسباب نزول ايات قصة اصحاب الكهف
تفسر بعض العلماء سبب نزول هذه الآية بأن المشركين من أهل قريش في مكة المكرمة أرسلوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى الأحبار اليهود ليستفسروهم عن بعض المسائل التي يمكن أن يختبروا بها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ليعرفوا ما يمكن أن يقوله عن هذه القصص. فسألوا الأحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا لهم: اسألوه عن ثلاثة أمور ننصحكم بها، فإن أخبركم بها فهو نبي مرسل، وإلا فهو رجل متكلم فاختاروا فيه رأيكم، وهذه هي الأسئلة
- اسألوه عن الشبان الذين ذهبوا في العصر الأول، وما حدث لهم، والهدف من ذلك هو قصة أصحاب الكهف
- استفسر عن رجل مسافر، وصل إلى أطراف الأرض ومناطقها المغربية، هل تحققت نبوءته؟ القصة المقصودة هنا هي قصة ذي القرنين
- سئل رسول الله عن الروح، فظل صامتًا، وجاء في القرآن الكريم: `ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي`