اسلاميات

فضل الصبر على اذى الاقارب وطرق التعامل معها

هل الصبر على أذى الناس ضعف في الشخصية

الصبر هي قيمة عظيمة يجب على الفرد أن يتمتع بها. إن الله يحب الصابرين ويضاعف أجورهم. فالصبر ليس ضعفا، بل يتحلى به الأشخاص الأقوياء الذين يمتلكون القدرة على تحمل الصعاب وكبت الغضب. الله يذكر هؤلاء الأشخاص في كتابه العزيز: `والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين`. وكما قال الرسول الكريم: `من يكبت غضبه وهو قادر على التعبير عنه، يدعوه الله يوم القيامة وهو مجتمع مع الأبرار ويخيره من الحور العين ما يشاء`.

إن الصبر على آفات الناس هو علامة قوة الإنسان، ويجب المعرفة أنه لا يوجد حاجة للتورط في مشاكل غير مجدية أو العداوات التي تستند على الكراهية والحقد، وأن الإنسان الضعيف هو الذي يضيع وقته في الفساد واللغط وإثارة القلق. لذا، الصابرون ليسوا أبدا ضعفاء ولا ينبغي وصفهم بذلك، ومن يرى ذلك فهو جاهل أهوج، ولا يحب الله المعتدين. لذلك، الصبر هو دليل على قوة الإيمان والإدراك بأن الله وحده هو من يكافئ العبد الذي يصبر على آفات الناس ويتحمل مرض قلوبهم. فإذا كانت آفات الناس توجد بينهم، فهذا يدل على ضعف الأمان وغل القلوب وعدم معرفة الله حق المعرفة.

فضل الصبر على أذى الأقارب

كثيراً من الناس يعاني من مشكلات مع أقاربهم، ويعانوا من أذى مباشر أو غير مباشر نتيجة التعامل مع الأهل والأقارب، كما أن بعض المشكلات تؤثر على الحالة المزاجية والنفسية للشخص، حيث إن الطبيعة البشرية لا تميل للصراعات ولا الكراهية، خاصة الشخص المسلم لأنه يعرف طريق الله ويميل للسكينة والهدوء.

يفكر بعض الناس في الانفصال والبعض الآخر يتحمل، ويحتسب هذا التحمل عند الله عز وجل، متوقعا الأجر من الله وليس من الخلق، فإن الله تعالى يجازي الصابرين دائما ويعطيهم أجورهم، لأن الأجر على الصبر عظيم في أي مصيبة أو ضرر يلحق بالأقارب، إذ يفترض أن تكون العائلة ملاذا وحماية من المتاعب، لكن عندما تصبح هي المصدر للشقاء والتعب، فإن المصيبة عظيمة على الشخص.

يتمثل فضل الصبر على إساءة الأقارب وغيرهم في قول الله تعالى في سورة فصلت آية 35، إذ يقول عز وجل: `ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم` صدق الله العظيم. أي أنه إذا صبر الشخص على أذى العدو وقام بفعل الخير وامتنع عن الرد بالإساءة، فإن جزاؤه سيكون عظيما من عند الله.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الصدقة لا تنقص من المال بل تزيده، وأن الله يعز من يعفو ويصفح، وأن من تواضع لله رفعه الله، وينصح بالحفاظ على صلاة الصبح، ومن صلى الصبح في جماعة فهو تحت حماية الله.

إذا كنت تتحملين الإيذاء من أقاربكمن أجل الله عز وجل، لتكوني غير قاطعة للرحم، فإن جزاؤك من الله عظيم، يتمثل في أن يكون الله قد منَّ عليك بالنعم ورفع عنك النقم، وجزاؤك في الدنيا والآخرة هو خير جزاء.

الصبر على الأذى من أجل عدم قطيعة الرحم يسبب البركة في الحياة والرزق والعر، كما يساعد على تقوية المشاعر الطيبة بين الأخوة والود والتكاتف، وقد يتوب المؤذي من كثرة العطاء والود الصابر، فيضاعف الله الأجر للصابرين.

من يصل رحمه يصل ربه، وكلما كانت الصلة بها مزيد من الشقاء كان الأجر عظيم، غذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن الله خلق الخلق، حتى إذا فَرَغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة؛ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب؛ قال: فهو لك؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم، اقرأو إن شئتم: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ”.

كيف التعامل مع ظلم الأقارب

عند تعرض الشخص للأذى من قِبَلِ الأقارب، يجب أن يحتسب ما تأذى به عند الله عز وجل، لأن الله تعالى لا يضيع شيئًا، ويجازي كل نفس على ما صبرت وعلى ما احتسبت. ويمكن التعامل مع ظلم الأقارب بعدة طرق، وذلك بناءً على قدرة تحمل الشخص ودرجة الأذى والظلم الذي تعرض له

يفضل في التعامل مع ظلم الأقارب دفع الظلم مع عدم قطع الصلة، وكظم الغيط، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة آل عمران آية 134″ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”، دلالة على قيمة كظم الغيظ والعفو عن الظالم والمسيء.

ينبغي تذكر أن الصبر على جروح الأقارب بهدف عدم قطع الرحم يعتبر جزاءً عظيمًا، حيث يساهم ذلك في تحسين صحة المجتمع وجعل الأفراد أكثر تماسكًا وقوة. ويعد الحصول على الأجر العظيم مكافأة لذلك، خاصة إذا قدموا اعتذارًا وتراجعوا عن إيذاء الآخرين، وفي هذه الحالة يجب أن يتم العفو من أجل الله عز وجل.

عن أبي هريرة روى”  أن رجلاً قال يا رسول الله: لدي قرابة أصلهم ويرفضونني، وأنا أحسن إليهم ويساءون لي، وأتسامح معهم ويتجاهلونني. فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا كنت كما قلت، فإنهم يتجاهلونك ويظل من الله دعمك حتى تستمر في ذلك.” ومعنى هذا الحديث الشريف، حسبما أوضحه الإمام النووي، هو أن الشخص الصابر على ظلم أقاربه وعدم ارتباطه بهم، يشبه الذي يطعمهم رمادا حارا ويتعرضون للألم والحرقة من عذاب الله، ولكنه ليس ملزما بالتعامل معهم بصورة سيئة، فكلما زادت إحساناته لهم، زادت ذنوبهم وانتقلت عنه الآثام. وكما زاد احتقارهم لأنفسهم وضياعهم، زادوا في الشعور بالقبح والتحقير، مثل من يتجاهل الأمور ويستهين بها.

التعامل مع الأقارب الحاقدين

معاملة الأقارب الحاقدين تعتبر أمرا صعبا، حيث يدبرون ويمكرون ويتمنون الشر لبعضهم البعض، وبالتالي فإن التعامل معهم قد يكون مؤذيا. ومع ذلك، قطع الأرحام أمر صعب جدا، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: `لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا`، وقال الله عز وجل في كتابه العزيز: `وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم`.

التعامل السليم مع أفراد العائلة المحقودين ينبغي أن يكون بسيطا في المناسبات ومن خلال المكالمات الهاتفية والزيارات البسيطة، وعدم إفشاء أي تفاصيل قد تثير فيهم الحقد وتجعلهم يشعرون بالغيرة والكراهية. يجب حماية النفس والأسرة من الحسد، لأن الحقد يولد الحسد، كما قال الرسول الكريم: `استعيذوا بالله من العين، فإن العين حق`. والشخص المحقود القريب أكثر شرا من الغريب لأنه يعرف الكثير والمزيد من التفاصيل عن الأقارب.

ولكن إن أشتد الأذى والحقد والحسد وأصبح يؤثر بشكل بالغ على الشخص والأسرة فعلى الشخص الابتعاد عن هؤلاء الأقارب لقول ابن عبد البر “أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مخالطته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى