علماء اللغة في العصر العباسي
العلم في العصر العباسي
شهدت الحياة الثقافية في الدولة العباسية تقدما هائلا في العلوم والتخصصات، وظهرت الترجمة بشكل كبير، حيث توفرت العديد من أنواع العلوم واعلامها في عصر الدولة العباسية .
في القرون الأربعة الأولى، أي في الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 132هـ و656هـ، شهدت الثقافة الإسلامية تألقاً كبيراً في المعرفة، حيث تفوقت العقول الإسلامية في الإبداع والتفكير، وتم استيعاب علوم الفقه الإسلامي بأشكالها المختلفة، بما في ذلك القرآن والسنة النبوية واللغة والأدب، وكان يطلق على هذه العلوم اسم “علوم النقل .
كانت تلك الفترة فترة إبداع واستيعاب لجميع العلوم التي تشترك فيها الحضارات، وتشتهر بالعلوم العقلية مثل الفلك والكيمياء والفيزياء والطب والأدوية والعقاقير والنبات والرياضيات وغيرها من أنواع العلوم الأخرى .
في ذلك الزمن، كان هناك عدد كبير من المدارس التي تعلم جميع أنواع العلوم، والتي انتشرت في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية في ذلك الوقت، وظهر في ذلك العصر منافسة وتفاعل بين التخصصات المختلفة .
تطورت المعاهد العلمية، حتى أصبح العلم لا يقتصر على المساجد فقط، وما زالت المساجد تحتفظ بأهميتها واستمراريتها. كما اتسعت دوائر العلم، وتأسست العديد من المجالس والجامعات والمدارس والمكتبات العلمية، التي تتمتع بمكانة كبيرة .
واستمرت المكتبات في الإبداع والابتكار، وقد وصفت بأنها الحضارة الأولى والعالمية والمهيمنة بإنفراد خلال تلك الفترة من التاريخ، وهذا ما ذكره صاحب موسوعة القصة للحضارة (ول ديورانت) .
لقد شكلت حضارة قديمة واسعة في مختلف أنحاء العالم، واستمرت هذه الحضارة لمدة تزيد عن عشرة قرون، حتى القرن العاشر الهجري .
علماء العصر العباسي في اللغة العربية
شخصيات علمية من العصر العباسي في اللغة العربية:
- الخليل بن أحمد الفراهيدي
هو واحد من الأئمة المتخصصين في علم الأدب واللغة، وهو الذي أسس علم العروض وكان يحب الشعر، ودرس النظم والإيقاع وجمع مجموعة كبيرة من الأشعار ونظمها بشكل منظم معا .
- أبو الأسود الدولي
هو شخص مشهور بالفصاحة وقام بوضع علم النحو، وشرح ما يتضمنه من فاعل ومفعول وحروف الجر والمضاف والجزم والنصب، وقام بوضع النقاط على المصحف وأوضح أن هناك فرقًا بين الاستفهام والتعجب .
- الأصمعي
هو شاعر وحافظ للأداب باللغة العربية، وهو من العلماء الأئمة في اللغة، وقام بتجميع كل ما وصلت إليه يديه، وكان علمه الغزير في النحو يساعده بشكل كبير في تلك المهمة الأدبية .
- الجاحظ
أطلق عليه هذا الاسم بسبب جحوظ عينيه، وهو واحد من الأوائل الذين اتبعوا منهجًا خاصًا في النقد الأدبي، وتميز منهجه بالدقة والعلم، حيث بدأ بالشك قبل عرض النقد .
- ابن جنى
كان نابغًا في الأدب منذ صغره، وقرأ في مختلف المواضيع المتعلقة بالأدب واستوعب المذهب البصري باللغة، وتميز بقوة ملاحظته لمعاني اللغة
شرح العديد من أبيات المتنبي الشعرية، وكان يهتم بقضايا لغتنا العربية وما يتصل بالأصل الذي يعود إليه اللفظ، وله العديد من المؤلفات، بما في ذلك مؤلفه في فقه اللغة .
- سيبويه
له إرث عظيم في اللغة، حيث قام بتبسيط علم النحو وله العديد من الكتب، ومن بين أشهرها الكتاب، كما تلقى دروسًا في الحديث والفقه في بداية حياته، وكان يلقب بأبي النحو .
- الزمخشري
كان هذا الرجل واحدًا من أشهر علماء اللغة العربية، حيث كان يثنى عليه الأدباء والشعراء، وكان إمامًا في البلاغة والنحو والتفسير والحديث، وقام بتأليف مجموعة كبيرة من المؤلفات، ومن بينها كتابه الأساس البلاغة الذي يعد واحدًا من أروع القواميس في اللغة العربية .
- المبرد
كان هذا الرجل من علماء النقد والبلاغة والنحو، وعاش في العصر العباسي وكان لديه ثقافة واسعة شملت الكثير من الفنون والعلوم، وكان يتلقى العلم في مدينة البصرة من قبل مجموعة كبيرةمن علماء الأدب واللغة، وعاصر تسعة من خلفاء الدولة العباسية .
- عبد القاهر
هذا العالم يعتبر أحد رواد علم البلاغة وله عدد من المؤلفات الرائعة مثل “أسرار البلاغة” و”دلائل الإعجاز”، بالإضافة إلى عدد آخر من الكتب التي تناولت في كلماتها الإعجاز، ومن بين هذه الكتب “الرسالة الشافية في إعجاز القرآن .
هذا الكتاب من أهم الكتب التي تتحدث عن الإعجاز، ويتضمن نظرية النقد العربي بمفهومها الحديث .
علماء العصر العباسي في التصريف
علماء العصر العباسي في النحو :
- محمد بن عبدالله بن مالك
هو مقيم في دمشق وهو أحد الأئمة النحات ، وحافظ على اللغة وقيل أنه ولد في 601 أو 600 هجريا ، وتلقى العلم في دمشق من قبل جماعة منهم الحسن الصباح والسخاو .
قد شهد العديد من علماء اللغة العربية جهودا كبيرة لتحسين اللسان لدى العرب، وقد بلغوا الهدف المطلوب. تفوقوا وكانوا من الأوائل في القراءة والتحليل اللغوي .
كان بن عبدالله عالمًا بالتصريف والنحو، وكأنه بحرًا لا يمكن لأحد مجاراته، ولا يمكن لأحد الوصول إلى مستواه، وقد وصفه أبو حيان بأنه ليس لديه معلم مشهور، في حين قال السوطي عنه أنه لديه معلم جليل وهو ابن يعيش الحلبي .
لهذا الكتاب عدد كبير من التصنيفات المتنوعة، بما في ذلك الألفية في النحو، وإكمال العمدة بالشرح والعمدة وقصيدة في الأفعال، وقصيدة في المقصور والممدود وشرحها .
يتضمن هذا الكتاب عدة تصنيفات، مثل تعريفه في الصرف وشرحه، والجامع المعمور، وإذا صلى بالعادلية، وفلك المحتوم، ويتم إصداره بالتربة العادلية، كما أنه يشتمل على إعراب عدد من أحاديث الإمام البخاري .
- عثمان بن جنى أبو الفتح
فكان من أعلم الأئمة بالنحو والتصريف وإن كان علمه بالصرف يتفوق على النحو لأنه كان يقوم بقراءة النحو بجامع الوصل ومر من عنده أبو على الفارسي ، ووجه له سؤال في التصريف وكان قد قصر فيها وقال له ( تزببت قبل أن تخصرم) وعند ذلك قام بملازمته لمدة 40 عام، وتلقى التصريف وأعتنى به .
وصف المتنبي هذا الرجل بأنه شخص لا يعرف مكانته الحقيقية لدى الناس، وقد ألَّف الكثير من الأعمال المتعلقة بعلم النحو وغيره، وكان يتبادل الآراء مع المتنبي في هذا المجال .
- عبد الوهاب بن إبراهيم بن أبي المعالي الخزرجي الزنجاني
هو مؤلف شرح الهادي المشهور، وأكثر الجاربردي نقلًا عنه في شرح الشافية، وقال السيوطي إنه توقف عنده في كتابته، وذكر في آخره عندما انتهى منه في بغداد عام 654 هـ، وله أيضًا التصريف المشهور .
يتضمن مؤلف الهادي للإمام الشافعي عددًا كبيرًا من القوافي والعروض، وله شروح مشهورة ومفيدة لدى أبناء الزمان، ومن أفضل هذه الشروح شرح السعد التفتازاني وخطة ذات جودة عالية .