صحة مقولة إن الطلاق أبغض الحلال عند الله
لماذا أوصى الله الزوج بحسن معاملة زوجته
لقد سمعت كثيرا مؤخرا بزيادة حالات الطلاق، وتلك المقولة الشهيرة `أبغض الحلال عند الله الطلاق`، وقد لا تدرك التحديات العديدة التي قد تواجهها.
أمر الله الزوج في القرآن الكريم بمعاملة زوجته بلطف وعدل، لتجنب المشاكل التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى الطلاق. وأمر الزوج بأن يتعامل بلطف مع زوجته، وقال الله تعالى في كتابه العزيز (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) [النساء:19]
على الرغم من ذلك، تزايدت حالات الطلاق بشكل كبير في المجتمع، خاصة في الفترة الأخيرة، مما جعلها أمرًا سهلاً وشائعًا على كثير من الناس في مجتمعنا.
يعد الكثير من الأشخاص غير على دراية بأسرار الطلاق وتداعياته، والتأثيرات التي يمكن أن تؤثر على العائلة بأكملها، وليس فقط على الزوج والزوجة، حيث بعد الانفصال، يسلك كل من الطرفين طريقه الخاص في الحياة.
يعاني الأطفال في حالات الطلاق من اضطراب نفسي وتشتت بين الأم والأب، ويشعرون بالحيرة والارتباك فيما يتعلق باختيار الجانب الذي يجب أن يبقوا معه. وبسبب الآثار السلبية التي قد تنجم عن الطلاق على الصعيد الأسري والنفسي للأطفال، فإن الطلاق يعد أبغض الحلال عند الله سبحانه وتعالى.
تضاربت الآراء على مر الزمان حول صحة تلك المقولة الشهيرة، فالكثيرون يعتبرونها حديثًا صحيحًا، ومع ذلك فإن الحقيقة تختلف عن ذلك.
شرح ابغض الحلال عند الله الطلاق
في الواقع، هناك اختلاف في تفسير تلك المقولة بين العلماء، ولذلك ذُكر في التفسير أن الطلاق ينبغي تجنبه وتركه ما لم يكن هناك حاجة ضرورية له، وأنه عند الله حلال ليس بحرام، ولكنه أكثر الحلال أبغضًا.
لماذا يعتبر الطلاق هو أشنع الحلال؟
ينبغي للمسلم عدم اللجوء إلى الطلاق إلا إذا كان هناك أسباب جذرية وحلول أخرى لمشاكله الزوجية، لأن الطلاق يؤدي إلى فتنة بين الزوجين وتفرقة الأولاد ومشاكل نفسية وأسرية أخرى.
فإذا كان من الممكن أن يتصالحا هو وزوجته، فذلك أفضل لهما، فالصلح بين الزوجين هو الأفضل،أما الاستمرار في العيش مع الزوجة ومحاولة تغيير الذات، فذلك أفضل لها وله أيضًا.
بالنسبة للمقصود في حالة الطلاق الحلال عند الحاجة إليه، فإنه يعتبر أبغض الحلال إلى الله تعالى، والمعنى الذي يتضمنه هذا هو الترغيب في عدم حدوث الطلاق، والتشجيع دائمًا على البقاء مع الزوجة إذا كان ذلك ممكنًا، لأن البقاء يعتبر خيرًا كثيرًا للأسرة ويعود بالنفع عليهم.
– إذا كان الحب غير موجود في الأساس أو إذا كانت هناك أسباب كثيرة وأضرار كبيرة في المصلحة العامة للطلاق، فلا مانع من ذلك.
ما هو صحة حديث ابغض الحلال عند الله الطلاق
فيما يتعلق بصحة هذا الحديث، فإنه على الرغم من أن معناه يبدو صحيحا وأن الطلاق يعد من أبغض الأحلام في نظر الله سبحانه وتعالى، إلا أن هناك جدلا بين علماء الفقه الإسلامي ورجال الدين حول صحة هذا الحديث، وحتى الآن لم يتم تأكيد صحته كحديث صحيح من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ونظرًا لأنه من المستحيل الجزم بأن هذا الحديث غير صحيح حتى لو كان بنسبة ضعيفة، فإننا سنعتبره مجرد مقولة صحيحة يمكن الاعتماد عليها في تلك الأوقات.
لذلك فحديث:روى أبو داود وابن ماجه حديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، وصححه الحاكم، ورجح بعض أهل العلم أنه مرسل فقط وليس صحيح، وضعفه الشيخ الألباني في إرواء الغليل.
اقتبس ابن الجوزي هذا الحديث في كتابه المسمى `العلل`، وأكد أنه ضعيف بسبب وجود عبيد الله الوصافي في سلسلة الإسناد، ولذلك قوبل بضعف من علماء الحديث مثل النسائي ويحيى بن معين.
ما هو حكم الطلاق في الإسلام
زادت في الفترة الأخيرة حالات الطلاق، وغالبًا ما يكون الناس غير مدركين بشأن حكم الطلاق في الإسلام وشروطه الواجب توافرها وفقًا للسنة النبوية الشريفة.
يمكن أن يكون الطلاق مباحًا إذا كان مدعومًا بعدد من الأدلة والبراهين من القرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى الإجماع العلمي، حيث قال الله سبحانه وتعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
وقال أيضا الله عز وجل: `يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ`. واستدلوا على قول عمر بن الخطاب الذي ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها
وبما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: يُعتقد أن الأصل في الطلاق هو متى يكون مباحاً”(إنما الطلاق لمَن أَخَذَ بالسَّاقِ)، وذلك وفقًا لبعض الأحاديث، وقد اتجه جمهور كبير من الفقهاء إلى هذا الاعتقاد.
حيث من الممكن أن يكون مباحاً في حال أن:
- الرجل قد كره زوجته
- ووعدها بأنه سوف يطلقها
- وصف الزوجة بأن أخلاقها سيئة
- عدم تمكنها من اصلاح نفسها
- إذا شق عليها العيش مع زوجها
- – إذا كرهته أو حتى وصفتها بسوء الأخلاق.
متى يكون الطلاق مستحباً أو مندوباً
يمكن أن يكون الطلاق هو الحل الأمثل في حالة الشقاق أو النزاع بين الزوجين، وقد يستحب في بعض الحالات الاضطرارية، ولا يجب اللجوء له إلا كحل أخير
إذا لم تقم المرأة بحق الله في الفرائض مثل الصلاة وغيرها، فإن ذلك يعتبر تقصيرًا منها ويكون الزوج قادرًا على إجبارها على أداء العبادة كالصلاة والصوم.
يحدث ذلك في حالة انحراف المرأة وقلة عفتها، حيث يخشى الرجل أن تلد له امرأته طفلًا ليس منه، فيفضل طلاقها.
قد يتم تفريق الزوجين في حالة تضرر بقاء الزوجة مع زوجها، ويُفضل أن يكون الطلاق طلقة واحدة فقط وليس ثلاث كما يشاع.
متى يكون الطَّلاق واجباً ؟
في الواقع، يجب الطلاق إذا كان من الصعب على الزوجين العيش معا، ويجب أن يكون الطلاق بعد فترة الإيلاء، والتي تشمل الحلف بعدم ممارسة الجنس لمدة أربعة أشهر.
كما قال الله تعالى( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، ومن خلال ذلك نستنتج أنه قد وجب الطلاق على من خاف أن لا يقيم حقوقه مع زوجته كأنه لا يعطيها حقها من نفقة.
متى يكون الطَّلاق مكروها؟
عموما، الطلاق يعتبر مكروها، وبناء على ذلك، قد يكون الطلاق مكروها في العديد من الحالات، مثل عدم وجود أسباب منطقية للطلاق. وتكون نتائجه أسوأ بكثير من عدم حدوثه، مما يؤثر سلبا على الأسرة والمجتمع. فقد وصف الله تعالى الزواج بالميثاق القوي، كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم (وكيف تأخذونه وقد أفضىٰ بعضكم إلىٰ بعض وأخذن منكم ميثاقا قويا).
فإذا كان الزواج يدل على قدسيته في الحياة الدنيا، فلا ينبغي التخلي عنه لأسباب تافهة، ولكن يجب أن تكون الأسباب لإجبارية، وإلا فإن الطلاق بسبب غير الضرورة يعد شيئًا مكروهًا.
متى يكون الطَّلاق حراماً
نعرف جميعًا أن الطلاق مكروه في الدين والشرع، ومع ذلك، يمكن أن يصبح حرامًا في حالة الطلاق البدعي الذي يتم بطرق غير شرعية
- أن يطلق الرجل زوجته ثلاث مرات في جلسة واحدة.
- أو عندما تكون الزوجة في حالة حيض أو نفاس، أو بعد الجماع بدون طهارة.
- أو في حال قام الرجل بطلاق زوجته، سيكون ذلك سببًا في وقوعه في الحرام مثل الزنا وغيره.
وذلك لأنه معروف أن شروط الحياة الزوجية الصحيحة تتطلب الاستمرارية والدوام. وبالتالي، يحرم التفريط فيها وعدم اتخاذها بجدية. إنها ميثاق غليظ، كما وصفه الله -تعالى-. ويجب الحذر والاهتمام بحفظ هذه الأمانة.