سيرة حياة إلتون مايو
: “ولد إلتون مايو في السادس والعشرين من شهر ديسمبر عام 1880 في أستراليا، وحصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من جامعة أديليد مع ترتيب الشرف الأولى. كانت دراسة مايو في علم النفس والفلسفة وشغفه بالعلم، وحصل على درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة كوينزلاند. خلال فترة إقامته في الجامعة، انضم إلى لجنة الحرب بالجامعة، ويعتبر من بين رواد الأبحاث في مجال علم النفس، وخاصة في قسم العلاج من الأمراض النفسية عن طريق الصدمات
بسبب تخصصه النفسي، كان إلتون يساعد بشكل كبير الخارجين من الحروب على العودة إلى الحياة الطبيعية ومساعدتهم في التعافي من الآثار النفسية التي تركتها الحرب على تلك الجنود. درس إلتون أيضا علاج المرضى النفسيين من خلال تقنية الصدمات الكهربائية، وحقق نتائج مذهلة في التجربة العملية، واشتهر بكونه مؤسس المدرسة الإنسانية في مجال الإدارة
سيرة حياة إلتون مايو
لم تختص حياة إلتون مايو بعلم النفس والعلاج النفسي فحسب، بل تطرق أيضا إلى بعض المهن والمجالات الأخرى، ومن أهمها تعيينه مدرسا للأعمال الصناعية في جامعة هارفارد، وعمله على دراسة سبب الدوران الذي تواجد في مصنع للنسيج لزيادة الإنتاج. وكل ذلك جعل إلتون محل نظر الجميع في أستراليا، خاصة علماء الاجتماع في عصره، إذ كان من العلماء الذين عملوا على إثراء العديد من المجالات في شتى النواحي عن طريق البحث والدراسة، مثل إدارة الأعمال وعلم الاجتماع الصناعي والفلسفة وعلم النفس. كما كان من العلماء الذين عملوا على معرفة الأصل فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية
من بين الأمور التي ساعدت إلتون على تحقيق شهرته الواسعة، دراسته المستمرة في مجال الإدارة والعمل الذي ساهم في تحسين أوضاع العمالة، وخاصة فيما يتعلق بالنظام الإداري، حيث تم اكتشاف ذلك عن طريق التجارب العملية في مصنع هوثورن التابع لشركة ويسترون إلكتريك. وقد أظهرت التجارب أن مشاركة الموظفين في بعض قرارات الإدارة تزيد من رضاهم بشكل كبير، كما أن ذلك يجعل الموظفين أكثر أمانا واستقرارا في وظائفهم ويساعدهم على الحصول على الترقيات والحوافز بشكل أفضل. وقد أطلق على هذه الطريقة مدرسة “مايو” الإنسانية في الإدارة
الحياة العملية لالتون مايو
في بداية مسيرته المهنية، عمل إلتون كمدرس للمنطق والأخلاق وعلم النفس في جامعة أديليد. ثم عمل أيضا كمدرس في جامعة كوينزلاند في عام 1911. وفي عام 1923، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعمل بجامعة بنسلفانيا، ثم انتقل بعدها إلى جامعة هارفارد ليعمل كأستاذ مساعد في بحوث الصناعة. وظل يعمل في جامعة هارفارد حتى عام 1947، وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، عمل على الإشراف والتدريب للقادة الصناعيين في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي العامين الأخيرين من حياته، بقي في بريطانيا وعمل كمستشار للحكومة في الشؤون الصناعية
مايو وتجربة هوثورن
قام مايو بإجراء عدة تجارب ميدانية لدعم وجهة نظره الخاصة بمشاركة الموظفين في عملية صنع القرار والاهتمام بآرائهم. وكانت واحدة من أبرز تلك التجارب تجربة هوثورن، التي أجراها على 29000 موظف في شركة ويسترن إلكتريك في شيكاغو. كانت هذه الشركة معروفة بأنها تعتمد على الابتكار والتحسين، وقد رحب أصحاب الشركة بتجارب مايو. تعتمد هذه التجربة على
يتم تحديد الإنتاج للموظفين بعد تقسيمهم إلى مجموعات، وذلك بمراعاة الاحترام المتبادل بين المجموعات الأخرى .
الهدف هو جعل الإنتاجية والعمل الجاد هو الأولوية الرئيسية للمجموعات دون الانتظار للحصول على حوافز أو ترقيات من صاحب العمل، فالعاملون مدفعون بالإخلاص الكامل للعمل وزيادة الإنتاجية .
تم تخصيص قائمة لكل مجموعة تحتوي على الإنتاجية التي يرغبون في تحقيقها والوصول إليها في فترة زمنية محددة. ومن بين مهام هذه المجموعة العمل على مواجهة الإدارة في حالة تعرض الموظفين لأعباء زائدة. وتعود مسؤولية تحديد مستوى الإنتاج بشكل كبير إلى فئات اجتماعية تعتمد على هذا الإنتاج أو المشرفين. وتم تعيين مجموعة من المشرفين ودودين جدا، ولهذا لديهم تأثير كبير على العمل .
أظهرت تلك النقاط التي خطى عليها الموظفون بوضوح قدرة الفئات الاجتماعية على الإدارة والسيطرة، بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية العالية للموظفين. وكانت هذه التجارب رسالة لأصحاب الأعمال في العديد من البلدان بضرورة زيادة إنتاج مؤسساتهم الخاصة. وعلاوة على ذلك، أثرت هذه التجارب على تغيير سلوك الأفراد والموظفين بشكل واضح، حتى أصبحوا يؤدون الأعمال المطلوبة بحب وتفان دون تردد .
نتائج التجارب للمشرفين
أولا، يولي مايو اهتماما بالمشرفين على الأعمال وكذلك بالموظفين. يعتقد أن المشرفين يجب ألا يعيشوا في عزلة، بل يجب أن يشاركوا في مختلف الأمور والقضايا المتعلقة بالموظفين والعمل بشكل عام. يجب أن يفكروا بطريقة مرنة ويسعوا لإيجاد الحلول المناسبة لبعض المشكلات التي يواجهها الموظفون. من خلال هذه التجارب، يعمل مايو على استخلاص بعض الأمور الهامة
العمل في بيئة حرة يزيد الإنتاج ويزيد رضا الموظفين والمسؤولين، وذلك عن طريق تحديد الإنتاجية التي يريد أصحاب العمل الوصول إليها وتحقيقها
يتمثل ظهور التماسك الاجتماعي في التعاون والتفاعل بين الموظفين والعمل في مجموعات لتحقيق الأهداف المشتركة .
في عالم الأعمال والعمل يعتمد التعاون بشكل كبير واحساس الموظفين بأنهم ذوو قيمة ومكانة كبيرة في الشركة أو المؤسسة، مما يدفع الموظفين لبذل قصارى جهدهم لتقدم الشركة وتطورها
وبسبب أفكار وتجارب مايو أتضح لأصحاب الأعمال أن العمل لايختص فقط بالأمور والجوانب العملية فحسب ، بل يتطلب النظر والاهتمام أيضا بالأمور والجوانب الإنسانية للموظفين للحصول على أعلى إنتاجية مع مشاركة الموظفين لمشاكلهم وإيجاد الحلول المناسبة لها ، وما يجب على المدراء الالتزام به هو السعي بصورة مستمرة لخلق موازنة بين كل من الأمور الإنسانية والأمور الفنية ، والعمل بشكل مستمر أيضا لتطوير المهارات للتعامل مع العلاقات الإنسانية والاجتماعية مع محاولة فهم السلوك للموظفين والفهم الجيد لمهارات التعامل مع الآخرين عن طريق كل من التشجيع والقيادة والتواصل والإرشاد والتدخل من قبل المسؤولين في الوقت المناسب .
يُعتبر منهج مايو الذي تبعه في الإدارة جزءًا من المنهج السلوكي في الإدارة، وهو أحد المدارس الإدارية الشهيرة في يومنا هذا .
وفاة إلتون مايو
توفي العالم والباحث إلتون مايو بعد حياة حافلة بالبحث العلمي والدراسة لأهم القضايا التي يواجهها الإنسان، وخاصة في مجال العمل. رحل عن عالمنا في اليوم السابع من شهر سبتمبر لعام 1949 بعد أن عاد لوطنه إنجلترا، حيث قضى آخر عامين من حياته بها .