سيرة الجهم بن صفوان
الجهم بن صفوان ، هو أبو محرز الجهم بن صفوان الترمذي ، من بني راسب وهي إحدى قبائل الأزد وهو مؤسس فرقة الجهمية ، ولقد نشا وولد عام 78هـ في الكوفة بالعراق وقد كان ذو فكر وجدال ودأب وذكاء ، صاحب الجعد بن درهم وتأثر بفكره وتعاليمه التي أثرت فيه كثيرًا ، وبعد أن قُتل الجعد بن درهم في عام 105هـ ، سار الجهم على نهجه وحمل لواء مذهبه المعطلة حتى نُفي إلى مدينة ترمذ بخراسان .
الجهم بن صفوان في ترمذ
عندما وصل إلى ترمذ بخراسان، بدأ في نشر مذهبه. كان ماهرا في الكلام وإقناع الآخرين بالحجج، حتى اكتسب أتباعا وانتشر مذهبه في بلخ، وهي أكبر مدن خراسان في ذلك الوقت. بالفعل، انتشر مذهبه في تلك المدينة، حيث كانت المناظرات والجدل شائعين بين الفلاسفة. في ترمذ، كان هناك فلاسفة من الهند يعرفون بـ السمنية، وكان الجهم يناقشهم. كما كان يناقش المفسر المشهور مقاتل بن سليمان في مسجده. ومقاتل بن سليمان كان مناظرا بارعا وكان الجهم يميل إلى التشبيه. تعرف الجهم بن صفوان بترمذ على الحارث بن سريح التميمي وأصبح كاتبه .
مذهب الجهمية
عندما استقر بن صفوان الجهم في ترمذ، أسس مذهب الجهمية ونشر هذا الفكر في ترمذ وبلخ بخراسان، وكانت أهم معتقدات مذهبه هي:
- كان الجهم بن صفوان ينفي صفات الله الأزلية مثل الإرادة والعلم والقدرة ، ويدلل على أن تلك الصفات هي عينه الذاتية وليست صفات مستقلة عن الله. يعني بذلك الجهم أنه لا يمتلك القدرة بما لا يملكه من قدرة ولا يعلم بما لا يعلمه من علم، وكذلك لا يريد بإرادة غير ذاته .
- لقد نفي التشبيه وأيضًا تأويل الآيات التي تشعر بالتشبيه ، وكان يعتقد الجهم بن صفوان بتنزيه الله تعالى ولقد أول الصفات ومنها صفة الكلام ، فكان الجهم يقول بأن كلام الله هو داخل نفسه وبالتالي كان يؤمن الجهمية بخلق القران وأيضا نفي الجهمية رؤية الله في الآخرة وكان حجتهم قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم “لا تركة الأبصار ” صدق الله العظيم حيث كان الجهمية يؤمنوا بأن طبيعة الإله تعلو وتسموا فوق إدراك الأبصار البشرية .
- الجهمية نكروا القدرة البشرية على الفعل، حيث كانوا يعتقدون أن الإنسان مجبر على أفعاله بما يخلقه الله تعالى له ويقرره له تماما كالأشياء غير الحية، مثلما يقال `شرقت الشمس` و`جرى الماء` .
- يعتقد الجهمية أن الإيمان يتحقق في القلب، حتى لو اعتنق الشخص الكفر، فالإيمان لا يتأثر بذلك، ولذلك يعتبرون من المرجئة.
- تعتقد الجهمية أن الله موجود في كل مكان. يقال أن جهم بن صفوان كان يوما على جسر بترمذ، وتم سؤاله من قبل أحد تابعيه: `صف لنا الله؟` فدخل إلى بيته وخرج بعد عدة أيام وأجاب قائلا: `الله هو هذا الهواء، هو كل شيء ولا يخلو منه شيء.
- يعتقد الجهمية أن الجنة والنار ستفنى، بينما يعتقد الجهم بن صفوان أنه لا يمكن تصور نهاية الجنة والنار، ويستدل على ذلك بقوله تعالى `إلا ما شاء ربك`، ويقول إنه لو كانت مؤبدة لما استثنى الله شيئًا.
أهل السنة والرد على مذهب الجهمية
ردَّ أهل السنة على الجهمية بأنّ الإيمان لا يُضرّ بالمعصية، لأنّ هناك قاعدة أساسية في الإسلام تقول بأنّ الإيمان يزيد وينقص، فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
وردًا على نفي أهل السنة لصفات الله الأزلية، يعربون عن رفضهم للتشبيه وعدم جواز إثبات الصفات كما يفعل المجسمة، وأيضًا لا يجوز نفيها، ولم يتصف بمثل هذا الخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم
رد أهل السنة على أهل البدع في قولهم بأن الله موجود في كل مكان، ويستدل أهل السنة بحديث الجارية عندما سألها رسول الله أين الله؟ فأجابت في السماء، فقال رسول الله لصاحب الجارية: أعتقها فإنها مؤمنة.
وقد رد أهل السنة على جهم بن صفوان بفناء الجنة والنار، وهذا يتعارض مع ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة. فالله تعالى يقول في سورة النساء بسم الله الرحمن الرحيم: `إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا، إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا`. صدق الله العظيم .
مقتل الجهم بن صفوان
عندما خرج الحارث بن سريح والجهم بن صفوان للثورة على الدولة الأموية عام 128 هـ، دعوا للعمل بكتاب الله والسنة. كانوا أول من جيشوا الجيوش ضد الدولة الأموية التي سقطت عام 132 هـ وقامت محلها الدولة العباسية. وفي خراسان حاربهم الوالي نصر بن سيار وهزمهم وقتل الحارث بن سريح، وتم القبض على الجهم بن صفوان وتسليمه للأمويين، وقطعت رأسه على نهر أصفهان حيث قتله سلم بن أحوز، وأخبره أن السبب هو أن الجهم بن صفوان أنكر أن الله كلم موسى .