المجتمعمنوعات

سلبيات وإيجابيات الغربة

تدفع الحياة الكثير من الأشخاص خاصة الشباب للسفر بعيدا عن أوطانهم وأحبائهم وذويهم، ومنهم من يغادر بحثا عن مستقبل أفضل له ولأسرته، ومنهم من يغادر بأمل العثور على وظيفة توفر له دخلا كافيا لتحقيق أحلامه في وطنه، ومنهم من يسعى لتأسيس حياة جديدة في دولة أخرى توفر له المستوى الحياتي الذي يطمح إليه، ومنهم من يسافر بغاية العلم. وبغض النظر عن الأسباب ومهما كانت منطقية ومبنية على رغبات داخلية، يبقى مغادرة الوطن غربة، وعلى الرغم من محاولة الفرد التكيف مع المجتمع الجديد، فإن الغربة تحمل العديد من الإيجابيات والدروس التي يمكن للفرد أن يستفيد منها.

جدول المحتويات

إيجابيات الغربة

ترتبط الغربة دائماً بالمعاناة والشعور بالوحدة ففي العادة يركز الجميع على سلبياتها متجاهلين ما يمكن للمرء أن يحصلها منها من إيجابيات، ففي الواقع ليست دائماً مؤلمة فإن أمعنا النظر في نصف الكأس الممتلئ بدلاً من الاهتمام فقط بنصف الكأس الفارغ سنجد العديد من الفوائد للغربة، وفيما يلي نوضح لكم بعض من إيجابيات الغربة:

الاستقلالية

الاعتماد على ذاتك هو أول درس ستتعلمه عند البقاء وحيدا في مكان لا تعرف فيه الكثير من الأشخاص، وعندما تعيش في منزلك بمفردك، حتى إذا كنت تعيش مع مجموعة من الزملاء، ستتعلم كيف تعتمد على نفسك في خدمة نفسك وإعداد الطعام وغسل الملابس والاهتمام بكل شؤونك. إن لم تعتن بتلك الأمور، ستواجه العديد من المشاكل، فلا يمكنك أن تجد في الغربة شخصا يتحمل متاعبك كما يحدث في وطنك.

ربما تكون هذه هي واحدة من أهم الدروس التي يجب على كل مغترب أن يتعلمها. إذا اعتمدت على الآخرين في إنجاز المهام الأساسية وتجاهلت بعض الأشياء المهمة حولك، فهذا سيجعلك إنسانًا أنانيًا وغير قادر على تحمل أي مسؤولية.

الخبرة

تمنحك الغربة فرصةً ذهبيةً لتصبح شخصًا حكيمًا يتمتع بمقدار كافٍ من الحكمة ليعيش حياته بطريقةٍ صحيحةٍ وسعيدةٍ. ولا يشترط أن تكون الخبرة في مجالٍ محددٍ، بل يكفي أن تصبحَ خبيرًا في نفسك لتعرف مساوئك ومميزاتك، وتعرف نقاط الضعف فيك لتقويها ونقاط القوة فيك لتعتمد عليها أكثر.

يمكن أن تكون الخبرة أيضًا في اكتشاف قيمة الأشياء في الحياة وتقديرها بشكل صحيح، وفهم ما يستحق الجهد والسعي والتضحية من أجله، وما لا يستحق بذل المحاولة والجهد.

ستتمكن أيضًا من اكتساب خبرة في التعامل مع الناس، وستتمكن من التفريق بين من يحبك لذاتك ومن كان صديقًا لك لمصلحته الشخصية، ومن يتعامل معك بنية حسنة ومن يتعامل معك بنية سيئة، وستتعلم ذلك كلما تفاعلت مع أنواع مختلفة من البشر.

الصبر

في بلدك، يمكنك الاستعانة بصديق لينهي لك معاملة بمكالمة هاتفية، ويمكنك الاستعانة بأحد أقاربك لتنهي أوراق يتطلب استخراجها أسابيع في غضون ساعات. أما في البلدان الأجنبية،فعليك أن تتعلم الصبر، حيث قد لا يكون للمحسوبيات قيمة خاصة.

الصبر في تحقيق الأحلام يعني أنه لن تعود إلى موطنك بعد مغادرتك له بعد يومين وأنت مليونير، أو حتى إذا حصلت على أعلى الدرجات العلمية، ففي الغربة ستتعلم الصبر لتحقيق أحلامك، وستتعلم الصبر على الصعاب والمشقات حتى تتمكن من التغلب عليها، وستتعلم الصبر على فراق الأحبة.

المعرفة

لا يمكنك أن تسافر للخارج لأي دولة عربية كانت أو أجنبية وتعود كما دخلت إليها، فهناك الكثير مما يمكن تعلمه في مكان ولعل هذه من أهم مكاسب الغربة فهناك ستتمكن من مقابلة الكثير من الأشخاص من مختلف الجنسيات والثقافات وإن تمكنت من تعمل شيء واحد من كل منهم فقد فزت بمئات المعارف والمعلومات.

تعلم اللغة الجديدة ، وخاصة اللغة الإنجليزية ، هي واحدة من أهم المعارف التي يمكنك اكتسابها من السفر. إذا كنت تسافر للدراسة ، فستتعرف على العديد من العلوم والمعارف التي لا تقدر بثمن.

سلبيات الغربة

الغربة هي سلاح ذو حدين، حيث يمكن أن تحقق مكاسب لكنها تترتب عليها خسائر لا يمكن تجاهلها، ومن السلبيات المرتبطة بالغربة:

الحنين

يمكن أن يشعر الشخص بالحنين لموطنه والحدائق التي كان يتنزه فيها والأماكن التي كان يزورها، كما يمكن أن يشعر بالحنين الدائم لوالديه وأشقائه ويرغب في قضاء المناسبات والاحتفالات الهامة معهم، ويمكن أن يشعر بالحنين لأصدقائه وجلساتهم، وسيكون الشعور بالحنين حاضرًا دائمًا في حالة الغربة.

يمكن التغلب على الشعور بالبعد عن الأسرة بفضل التكنولوجيا الحديثة، حيث يمكن البقاء على تواصل دائم مع أفراد الأسرة من خلال المكالمات المدعومة بالصوت والصورة عبر شبكات الإنترنت، وهذا سيمكنك من مشاركة تفاصيل يومك ويومهم.

الوحدة

ترتبط الوحدة بالشعور بالحنين إلى حدٍ كبير، حيث يولد الشعور بالوحدة والحزن عندما تجد نفسك في مكانغريبٍ محاطٍ بكثيرٍ من الأشخاص وتضطر إلى السكن بمفردك.

يمكن التغلب على هذه المشكلة عن طريق التعرف على أشخاص جدد وتكوين صداقات، والاعتماد عليهم واللجوء إليهم عند الحاجة، حتى لا يشعر الفرد بالوحدة.

الطعام

يمثل الطعام عائق بالنسبة للكثير من الأشخاص ممن يسافرون للخارج خاصة في حال السفر لأي من الدول الأوروبية أو الأجنبية بشكل عام، فالعثور على طعام حلال سيكون من الأمور الشاقة والمكلفة في بعض الأحيان، كذلك فستضطر للإنفاق كثيراً على الطعام فلن تجد الوقت في معظم الأيام لتحضير طعامك بنفسك في المنزل.

الفساد

ربما يبدو الأمر غريبًا بعض الشيء، ولكن الحقيقة هي أن الغربة يمكن أن تؤثر على أخلاقك وتفكيرك، لذا عندما تختار الانخراط مع الأشخاص السيئين في مجتمع غريب، لا تتعجب إذا تأثرت أخلاقك وتدهورت أحوالك.

لذا، يعتبر تكوين الصداقات أمرًا هامًا جدًا لتغلب على الوحدة، ولكن الأهم من ذلك هو اختيار من تصادق معهم بعناية.

السلامة

في بلدك، أنت ملم بكل تفاصيله، تعرف أماكن الخطر وتتجنبها، وتعرف ما لا ينبغي عليك فعله لكي لا تخالف القانون. ومع ذلك، في البلاد الأجنبية، الأمر مختلف تماما، حيث يمكن أن تتعرض للخطر بسبب قلة خبرتك، ويمكن أن تصبح سهلة الفريسة للسرقة. لذا، من الضروري أن تتعرف على قوانين الدولة قبل السفر وأثناء السفر، وتعرف أيضا المناطق والأشخاص الذين يجب عليك الابتعاد عنهم.

الهجرة هي سلاح ذو حدين، لها مزاياها وإيجابياتها، ولكنها في العديد من الأحيان قاسية. ليس الشخص الذي يغادر فقط هو الذي يعاني من الحنين والشوق لوطنه وأحبابه، بل يعانون منه أيضا. ومع ذلك، في بعض الأحيان لا يوجد بديل آخر للهجرة في الحياة. لذلك، من واجب العائلة والأصدقاء في هذه الحالة أن يشجعوا الشخص ويساعدوه في تحمل تحديات الغربة، وأن يستمروا في التواصل معه حتى يشعر بأن هناك من يهتم به وبأمره، حتى لو كانوا بعيدين عنه بآلاف الكيلومترات. هذا سيحفزه لاستكمال رحلته والعودة متجاوزا الصعاب، وأن يعود إليهم منتصرا بتحقيق أحلامه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى