اسلامياتالقران الكريم

سبب نزول ” وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام “

لماذا لا يعاقبهم الله وهم يحجبون عن الصلاة في المسجد الحرام؟ وليسوا أولياء الله؛ فإن أولياء الله هم المتقون، ولكن معظمهم لا يعلمون. وصلاتهم في البيت مجرد نقيض للخشوع والانقياد. فليذوقوا العذاب بسبب كفرهم

سبب نزول الآية:
قال ابن جرير عن عكرمة و الحسن البصري قالا، قال في الأنفال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33] فنسختها الآية التي تليها {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [سورة الأنفال: 34-35] فقاتلوا بمكة فأصابهم فيها الجوع والضر، وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

تفسير الآيات:
يخبر الله تعالى أنهم أهل لأن يعذبهم، ولكنْ لم يوقع ذلك بهم لبركة مقام الرسول صل اللّه عليه وسلم بين أظهرهم، ولهذا لما خرج من بين أظهرهم أوقع اللّه بهم بأسه يوم بدر فقتل صناديدهم، وأسر سراتهم، وأرشدهم تعالى إلى الاستغفار من الذنوب التي هم متلبسون بها من الشرك والفساد، قال قتادة والسدي: لم يكن القوم يستغفرون ولو كانوا يستغفرون ما عذبوا وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} ثم استثنى أهل الشرك فقال: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.

يقول: “كيف لا يعاقبهم الله وهم يمنعون الناس من الصلاة والطواف في المسجد الحرام في مكة؟ وهم ليسوا من أهل المسجد الحرام الذين هم أولياؤه، بل أولياؤه هم المتقون فقط، ولكن أكثرهم لا يعرفون ذلك.” ويستدل الكاتب على ذلك بقول الله تعالى في سورة التوبة: “ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين”، وبقوله تعالى في سورة البقرة: “وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله.

{إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ}: وفي تفسير هذه الآية، ذكر الحافظ ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أوليائه، فأجاب: `كل تقي`، وتلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {إن أولياؤه إلا المتقون} [الأنفال: 34]. وذكر الحاكم في كتابه “المستدرك” أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع قوم قريش فسألهم: `هل فيكم غيركم؟`، فقالوا: فينا ابن أختنا وفينا حليفنا وفينا مولانا، فرد عليهم: `حليفنا منا وابن أختنا منا ومولانا منا، إن أوليائي منكم المتقون`. وقال عروة والسدي في تفسيرهما لقوله تعالى: {إن أولياؤه إلا المتقون}، إن هؤلاء هم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وقال مجاهد: هؤلاء هم المجاهدون الذين كانوا في كل مكان يحتاجون إليالقوة والصبر.

{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}: ثم ذكر تعالى ما كانوا يعتمدونه عند المسجد الحرام وما كانوا يعاملونه به، المكاء هو الصفير وهو قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة ، وزاد مجاهد: وكانوا يدخلون أصابعهم في أفواههم. وقال السدي: المكاء هو الصفير على نحو طير أبيض يقال له المكاء ويكون بأرض الحجاز. عن ابن عباس قال: كانت قريش تطوف بالبيت عراة تصفر وتصفق، والمكاء الصفير، والتصدية التصفيق. وقال ابن جرير عن ابن عمر في قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} قال: المكاء الصفير، والتصدية التصفيق، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه قال: إنهم كانوا يضعون خدودهم على الأرض ويصفقون ويصفرون، ويصنعون ذلك ليخلطوا بذلك على النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، وقال الزهري: يستهزئون بالمؤمنين.

{وَتَصْدِيَةً} وعن سعيد بن جبير قال: صدهم الناس عن سبيل الله عز وجل. قوله: `فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون`. قال الضحاك وابن جريج ومحمد بن إسحاق إنه يشير إلى ما أصابهم يوم بدر من القتل والأسر، ويفضل ابن جرير رواية مجاهد قائلا: إنه عذاب أهل الإقرار بالسيف، وعذاب أهل التكذيب بالصيحة والزلزلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى