سبب نزول الآية ” يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله “
يا أيها الذين آمنوا، عندما تشاركون في القتال في سبيل الله، فتوضحوا من هو العدو ولا تقولوا لمن يلقى إليكم التحية إنه غير مؤمن وأنتم تسعون لاكتساب مكاسب في الحياة الدنيا، فإن عند الله هناك غنائم كثيرة. وهكذا كنتم قبل ذلك، فإن الله أنعم عليكم بالإسلام، فتوضحوا الأمور. إن الله عليم بما تعملون.” المصدر: سورة النساء (94)
سبب نزول الآية:
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم وهو يسوق غنمًا له، فسلم عليهم فقالوا: ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا، فعمدوا إليه فقتلوه وأتوا بغنمه النبي صل الله عليه وسلم فنزلت فيهم هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} إلى آخرها.
عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، وفيها المقداد بن الأسود فلما وصلوا إلى القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل لديه مال كثير ولم يغادر، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأخذ المقداد يتجه إليه، فقتله رجل من أصحابه قائلا له: هل أنت تقتل رجلا شهد أن لا إله إلا الله؟ والله إني سأذهب لأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر. وعندما وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، شخص قتل رجلا شهد أن لا إله إلا الله، فقال لهم: “ادعوا لي المقداد”. وعندما جاء المقداد، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أتقتل رجلا يقول: لا إله إلا الله، فكيف يكون حالك غدا، يا مقداد؟” فنزل الله تعالى بآية: “يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة”. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، ثم أظهر إيمانه، فقتلوه، وكذلك كنت أنت تخفي إيمانك في مكة قبل ذلك
الهدي القرآني في الآية:
{فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ}: أي خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام، وأظهر إليكم الإيمان فتغافلتم عنه، واتهمتموه بالمصانعة والتقية، لتبتغوا عرض الحياة الدنيا، فما عند الله من المغانم الحلال خير لكم من مال هذا، {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}: أي قد كنتم من قبل هذه الحال كهذا الذي يسر إيمانه ويخفيه من قومه، كما نقدم في الحديث وكما قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ} [سورة الأنفال: 26] أي كنتم تخفون إيمانكم من المشركين.
وعن مسروق أي كنتم من قبل غير مؤمنين {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}: أيها الناس، اتقوا الله وتابوا إليه، فقد حلف أسامة بألا يقتل رجلا يقول: لا إله إلا الله، وإذا قابل الرجل الذي يقول هذا ولم يجد من رسول الله سبيلا للتوبة، فتأكدوا من صحة الأمر. واعلموا أن الله يراقب أعمالكم ويعلم بها، وقال سعيد بن الجبير: هذا تهديد ووعيد.