سبب نزول الآية ” ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا “
{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [سورة الكهف: 23-24]
سبب نزول الآية:
عن ابن عباس قال: أرسلت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود في المدينة وقالوا لهم: اسألوهم عن محمد وصفوه لكم، وأخبروهم بقوله، فهم أهل الكتاب الأول ولديهم علم ليس لدينا من علم الأنبياء. فذهب الاثنان حتى وصلوا المدينة وسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أموره وبعض مقولاته. وقالا: أنتم أهل التوراة، وجئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا. فردت عليهم أحبار اليهود: اسألوه عن ثلاثة أمور نخبركم بها، فإذا أخبركم بها فهو نبي مرسل، وإلا فهو رجل يتحدث بشكل مبالغ فيه، فاستشيرا برأيكم في هذا الأمر
اسأله عن شباب ذهبوا في الزمن الأول وماذا حدث لهم؟ لأن لديهم حكاية عجيبة. واسأله عن رجل يجوب الأرض من الشرق إلى الغرب، فما هي نبوءاته؟ واسأله عن الروح، ما هي؟ فإذا أخبرك بذلك، فهو نبي فاتبعه، وإذا لم يخبرك، فهو رجل يتكلم كثيرًا، فاعملوا ما يبدو لكم مناسبًا في شأنه.
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا: يا معشر قريش، قد أتيناكم بفصل بينكم وبين محمد. أمرنا أحبار اليهود بأن نسأله عن بعض الأمور ونخبرهم بها، فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سأخبركم غدا بما سألتم عنه”، ولم يستثن. ثم رجعوا عنه، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة حتى لم يحدثه الله بشيء، ولم يأته جبريل عليه السلام، حتى أبكى أهل مكة لعدم إيمانهم به. وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب انقطاع الوحي عنه، وشق عليه كلام أهل مكة. ثم جاءه جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته على حزنه على قومه، وأخبره بما سألوه عنه من أمر الفتية ورجل الطواف، وقال الله عز وجل: {ويسألونك عن الروح ۖ قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85]
تفسير الآية:
{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}: هذا إرشاد من الله لرسوله صلوات الله وسلامه عليه إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل أن يرد ذلك إلى مشيئة الله عز وجل علام الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}: معناه وإذا نسيت الاستثناء فاستثن عند ذكرك له، وعن ابن عباس في الرجل يحلف؟ قال: له أن يستثنى {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا}: أي إذا سُئلت عن شيء لا تعلمه فاسأل الله وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد.