رائدة التمريض الحديث ” فلورانس نايتنجيل “
فلورانس نايتنجيل هي رائدة التمريض الحديثة [1820 – 1910]، وأطلق عليها العديد من الألقاب التي تحمل جميعها طابع الإنجازات التي قامت بها. قامت بوضع أسس وقوانين لحماية مهنة التمريض والعمل على تطويرها، وشاركت في حرب القرم وأبدت بلاء حسنا. حتى حصلت على هدية من الشعب البريطاني تقديرا لجهودها، بقيمة خمسين ألف جنيه، تم تخصيصها جميعا لبناء بيت نايتنجيل للتمريض. وفي عام 1907، حصلت على وسام الاستحقاق تقديرا لمشوارها الطويل في خدمة المرضى والجرحى، حتى رحلت في عام 1910.
حياة فلورانس نايتنجيل
في عام 1820م، ولدت فلورانس نايتنجيل في إحدى ضواحي فلورانسا بإيطاليا لأسرة ثرية ومتعلمة. عملت عائلة فلورانس جاهدة لضمان تلقيها تعليما مبكرا للغاية في حياتها، حتى أن والدها قام بتعليمها شخصيا. تربت فلورانس في جو من الأرستقراطية المهذبة، مما أنمى فيها الشفقة والرحمة وحب المساعدة. قررت أن تدرس التمريض، ولكن واجهت رفضا من والدها الذي اعتبر هذه المهنة متواضعة وغير ملائمة لمكانتها المالية والتعليمية، ومع ذلك، أصرت على رغبتها. على الرغم من العروض المتكررة للزواج التي تلقتها في تلك الفترة، رفضتها جميعا، حيث سعت إلى تحقيق هدف أسمى وهو مساعدة الآخرين. رأت في الزواج عائقا أمام تحقيق هذا الهدف، لذا أصرت على رفض الزواج والالتحاق بمدرسة لتعلم مهنة التمريض.
مدرسة الكايزروارت :
في عام 1851، انضمت فلورانس إلى مدرسة الكايزروارت، حيث سعت جاهدة لتطبيق العديد من الأفكار المفيدة في مجال التمريض. كانت تؤمن بأهمية العمل التمريضي وضرورة وضع برنامج خاص لتدريس أخلاقيات المهنة، وأولت اهتماما بالنظافة والتطهير، ووضعت قواعد التمريض الحديثة وأسست تعليم مهنة التمريض، وقامت بإنشاء برنامج توظيف للمستشفيات لتحديد مستويات الخدمات التمريضية والوظائف الإدارية.
زيارة نايتنجيل التاريخية لمصر :
في عام 1849م قامت فلورانس بزيارة مصر وذلك بصحبة مجموعة من الأصدقاء، ومن خلال هذه الزيارة سعت لتدوين مجموعة من الملاحظات في مجموعة من الرسائل تم تجميعها في كتاب يحمل اسم “رسائل من مصر” حيث كتب في إحدى رسائلها عن الراهبات اللواتي يعملن بالمستشفيات من اجل مساعدة الفقراء تقول : “كان عندهن 19 ممرضة ولكن يقمن بعمل 90 ممرضة، يقمن بتضميد الجرحى، ويحضر لهن العرب بالمئات من أجل الإسعافات”، كما سعت نايتنجيل لجمع اكبر معلومات عن التاريخ الفرعوني وتاريخ مصر القديمة.
أول معهد للتمريض في بلاد فلورانس :
في عام 1853، قدمت نايتنجيل جهودا كبيرة لإنشاء أول معهد تمريض في بلدها، وتحقق هذا بعد محنة طويلة وأطلق عليه اسم `معهد السيدات النبيلات للعناية بالمرضى` تحت إدارة فلورانس نايتنجيل. حرصت نايتنجيل من خلاله على تعليم الفتيات والسيدات مبادئ التمريض والنظافة والتهوية الجيدة، مما زاد نسبة شفاء المرضى لديهم. كانوا يلقبونها بالساحرة، وتم تعيينها في مستشفى كلية الملك كمديرة للممرضات.
موقفها الشجاع في حرب القرم :
في عام 1854م اندلعت حرب القرم بين روسيا وكلا من بريطانيا وتركيا وفرنسا، وسردينا، وقد أعلنت الصحف عن حاجة الجرحى لمزيد من الإسعافات والتمريض من اجل تضميد الجراح، فأسرعت نايتنجيل إلى أرض المعركة تلبي نداء الواجب وتحقق الهدف الذي طالما سعت من أجله، وقد عملت على إدارة معسكر التمريض بمنتهى الجدية والحزم على الرغم من أنها لم تكمل عامها الرابعة والثلاثون، إلا أنها استطاعت من خلال كفاءتها الطبية هزيمة الموت داخل هذا المعسكر فبعدما كانت نسبة الموتى في ذلك المبنى تتعدى الـ 44%، أصبحت بفضل مجهودات هذه الشابة ذات الهمة العالية 2%، حتى أنه عند عودتها إلى إنجلترا قامت الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا بإرسال تحية خاصة لها من القصر الملكي على سبيل التكريم.
بيت نايتنجيل للتمريض :
شعب بريطاني أبدى رغبته في تكريم هذه السيدة الكريمة، فجمعوا مبلغا قدره خمسون ألف جنيه وتقدموه لفلورانس كتقدير لجهودها العظيمة خلال الحرب. وقد أطلق عليها عدة ألقاب مثل “سيدة المصباح” و”السيدة حاملة المصباح.” قامت فلورانس بتخصيص هذا المبلغ لبناء بيت نايتنجيل للتمريض بهدف تدريب الممرضات. وفي عام 1907، تم منحها وسام الاستحقاق تقديرا لمسيرتها الطويلة في خدمة المرضى والجرحى. وفي عام 191 رحلت عنا.