يستمر الصراع القائم بين الرجال والنساء منذ الأزل حول من يملك الدور الأكثر تأثيرًا في المجتمع، وهذا الصراع لن ينتهي في الواقع وسيبقى مستمرًا حتى ينتهي الجنس البشري بأكمله، وخاصة في ظل معانة المرأة من الاضطهاد في العديد من المجتمعات والصراع الدائر للحصول على أبسط حقوقها .
في بعض المجتمعات، يكون الرجل هو صاحب الدور الأكبر في المجتمع، وفي مجتمعات أخرى، تكون المرأة هي صاحبة القيادة، وذلك يعتمد على مدى إسهام كل طرف وما يقدمه للمجتمع.
ومع ذلك يكون من الإنصاف اعتراف الجميع بأن المرأة هي العامل الرئيسي لتطور ونمو المجتمعات بالتعاون مع الرجل فهي المسئولة في الأساس عن التربية والتنشئة التي تتحدد وفقاً لها طبيعة المجتمعات ويتوقف عليها تقدمها من عدمه، لذلك نسلط الضوء من خلال هذا المقال على الأدوار المختلفة التي تقوم بها المرأة في المجتمع اليوم.
تمكين المرأة
على مدى السنوات السابقة، كانت المرأة تسعى جاهدة للحصول على حقوقها في الحياة والخروج من ظلال أبيها وزوجها، والاستقلالية التي تمكّنها من المشاركة بفعالية في المجتمع. وفي القرن الحادي والعشرين، نجحت المرأة أخيراً في وضع أسس قوية تمكّنها من التعبير عن هويتها والاستقلالية التي تحققت.
كلمة السر والمفتاح للنجاح للمرأة كان التعليم، حيث قاد العديد من النساء إلى رفع أصواتهن ومطالبتهن بحقوقهن، مما جعلهن رموزا يثبتن للعالم أن المرأة قادرة على القيام بأي شيء. وعلى الرغم من أن دور المرأة في الإنجاب وتربية الأبناء لا يمكن تجاهله، إلا أن تقييد دور المرأة في هذا الجانب فقط يعتبر تقليلا من شأنها.
لكن بالنظر لما آلت إليه الأمور اليوم في القرن الحادي والعشرون نستطيع أن نجزم من خلاله أن دور المرأة قد تغير بالفعل، فبعد أن كان دورها يقتصر على كونها ربة منزل فقط قديماً فقد تمكنت اليوم من تكسير العديد من القيوم حتى وصلت لتولي أعلى المناصب وأكثرها أهمية وصارت جزء من مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية وحتى العسكرية، والأمثلة على هذه النماذج من النساء كثيرة للغاية فقد صاروا اليوم رموزاً تسير بقية النساء على خطاهم.
دور المرأة في الأسرة
الحقيقة أن المرأة تلعب أدوارًا مختلفة في الأسرة وليس دورًا واحدًا فقط، ولا يقل أيًا منها عن آخر أهمية، فالمرأة هي السر وراء تكوين أسرة ناجحة مترابطة إذا أتقنت أدوارها وأدتها بأفضل شكل.
دور المرأة كزوجة
تعتبر المرأة شريكة الرجل في رحلة الحياة التي يختاران قطعها معًا، وتسعى دائمًا لدعم زوجها وتقديم النصح والمساعدة عند الحاجة، وتشجعه على تحقيق أهدافه وطموحاته حتى وإن كان ذلك يعرقل تحقيق أهدافها الشخصية.
هي الشخصية الأولى التي تقدم المساعدة للرجل في الأزمات وتساعده على التغلب عليها، والتي تعمل معه يدًا بيد لبناء عائلة ناجحة، ولا يمكن تحقيق نجاح الأسرة دون تعاونهما.
دور المرأة كأم
الدور الأهم والأعظم المكلف به المرأة يتمثل في تربية أبنائها بنجاح، فإذا نجحت في ذلك، فإنها حققت أعظم إنجاز يمكنها تحقيقه على الإطلاق. فبما لا يفيد تولي أعلى المناصب دون إخراج أبنائها بمهارة وقدرة على دفع العجلة الاجتماعية للأمام، والتزاماً بالتعاليم الدينية وبأخلاقية عالية.
المرأة تتحمل مسؤولية إنجاب الطفل وتربيته وتنشئته وفقًا للعادات الاجتماعية السليمة والتعاليم الدينية الصحيحة، حيثتعد المرأة المعلمة الأولى التي يتلقى الطفل تعليماته الأولية منها للحياة.
إنها مسؤولة عن تنشئته في جسم سليم وعقل كبير شغوف بالتعلم وقلب رحيم تجاه الجميع.
دور المرأة كقائدة للأسرة
يؤكد الواقع للجميع أن المرأة هي الزعيمة الأولى للأسرة، حيث تقوم بتوزيع المسؤوليات بين أفراد الأسرة، وتتحمل المسؤولية في التذكير بحقوقهم وواجباتهم.
هي الأكثر خبرة بأفراد أسرتها من حيث معرفتها بقدراتهم واهتماماتهم وهواياتهم وغيرها، لذلك هي الشخص الرئيسي الذي يتولى قيادة الأسرة.
دور المرأة كمسئولة عن النفقات
يتحمل الأب مسؤولية الإنفاق على الأسرة بشكل عملي، ولكن هذا لا يعني أنه يحمل المسؤولية الكاملة عن الإنفاق، فإذا كان مسؤولاً عن جانب معين من المال، فإن المرأة مسؤولة عن توزيعه بطريقة تتناسب مع متطلبات الأسرة واحتياجات كل فرد فيها.
كثيرًا ما تتولى النساء العاملات اليوم مسؤولية الإنفاق على عائلاتهن من دخلهن الخاص دون حصولهن على أي مساعدة من الرجل.
دور المرأة لبناء مجتمع المثالي
فيما يتعلق بالأدوار الأخرى التي تقوم بها المرأة في المجتمع، فإنها كثيرة، ونحن سنسلط الضوء على بعض منها مثل:
المرأة والتعليم
ساهمت المرأة في تحرير العديد من المجتمعات من الأمية التعليمية المسيطرة، حيث بدأت بالمطالبة بحقها في التعلم والانضمام للجامعات والمدارس، وتولت دور المعلمة التي تساعد الطلاب في تعلم مختلف العلوم التي تمكنهم من تطوير أنفسهم.
أيضاً حتى في بعض المجتمعات التي لم تتمكن المرأة بها من الحصول على حقها في التعليم قديماً، إلا أنها تكون حريصة للغاية على تعليم أبنائها وحثهم على الالتحاق بالمدرسة ومواصلة التعليم حتى المرحلة الجامعية وعياً منها بالأهمية التي يمثلها التعليم في الحياة كونه سبيل النجاة الأول للجميع.
المرأة والعمل
المرأة كذلك تمثل نسبة لا يستهان بها في سوق العمل اليوم تقدر بحوالي 45% من إجمالي القوى العاملة اليوم في مختلف المجالات، فبفل تفانيها بالعمل وإخلاصها وإصرارها على الوصول لأعلى قمة يمكن الوصول إلهيا ساهمت في تطوير الكثير من المجالات وساعدت بفضل جهودها الكثير من الشركات على تحقيق نجاح ساحق.
كما أن المرأة اليوم تمكنت من اقتحام سوق الأعمال الحرة الذي كان حكراً على الرجال فقط وتميزت به بشكل كبير، وبغض النظر عن الدرجة العلمية التي تحملها المرأة أو المجتمع الذي تنتمي إليه فإنها تحاول العمل فنجد اليوم كثير من النساء البسيطات في القرى والمدن الصغيرة يعملن بل ويتحملن مسئولية الإنفاق على عوائلهم.
المرأة والتطوع
تسعى المرأة أيضا للمساهمة في تنمية المجتمع المحلي والعالمي، وبالتالي فهي نشطة للغاية في مجال العمل التطوعي الذي يهدف في المقام الأول إلى مساعدة أفراد المجتمع وتقديم الدعم المادي والنفسي لهم.
تهتم المنظمات بشكل خاص بحقوق المرأة في الدول الفقيرة، وذلك من خلال تقديم مساعدات خاصة للنساء، مثل تقديم منح تعليمية مجانية للفتيات، أو مساعدة النساء المتضررات مثل ضحايا العنف المنزلي.
في الختام علينا أن نقر أن المرأة قد قطعت شوطاً لا يستهان به بالفعل في الحصول على حقوقها والدليل أن كثير من المجتمعات اليوم تعمل على نصرة المرأة وحماية حقوقها بكل ما أوتيت من قوة، لكن ذلك لا يعني أن رحلة النضال يجب أن تنتهي بل لابد لها من الاستمرار حتى تتمكن من الحفاظ على ما حصلت عليه بالفعل من حقوق وللحصول على المزيد من حقوقها. وعلى الجميع أن يعلموا إن كانت المرأة تمثل نصف المجتمع فوجود وصلاح النصف الآخر من المجتمع لا زال متوقف عليها.