دور التفاوض في الحد من ظاهرة الطلاق
أهمية التفاوض في الحد من ظاهرة الطلاق
التفاوض بين الزوجين له دور كبير وأهمية في الحد من ظاهرة الطلاق، وتقليل نسبة الطلاق التي تزداد يوما بعد يوم.
يعتقد الكثيرون أن جميع الخلافات بين الزوجين تنتهي بعد الزواج، ولكن في الواقع، سواء كان الزوجان متزوجين أو لا، فإنهما عرضة للكثير من الخلافات والمشاكل التي يتعين عليهما فهم بعضهما البعض للتغلب عليها.
يعتبر اللجوء إلى التفاوض خيارًا مناسبًا جدًا لحل جميع الخلافات بين الزوجين، وذلك يساعد على تقليل حالات الطلاق، حيث أن الكثير من الخلافات تؤدي إلى الطلاق، ولكن كان بإمكان الزوجين إيجاد حل مناسب لتلك الخلافات وتسويتها بالتفاوض والتشاور بينهما.
تعتبر التغيرات في الحياة والظروف المختلفة من الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الخلافات الزوجية، وقد يحدث سوء فهم بين الطرفين أو سوء إدارة للخلاف نفسه.
يمكن للزوجة أو الزوج أو كليهما اتباع استراتيجية التفاوض والاستشارة عند حدوث خلافات، ومن الجيد أن يلتزموا بالصمت، خاصة عند وقوع المشكلة، حيث يمنع تفاقمها، وبعدما يهدأ كل منهما، يستطيعان التفاوض ومناقشة أسباب المشكلة وتوضيح وجهات النظر للوصول إلى حل يرضي الجانبين دون الحاجة للوصول إلى حالة الغضب. وعندما يتلاشى الغضب وتهدأ المشكلة، يمكننا الحديث عن ما حدث وتحديد أسباب المشكلة وكيفية تجنب تكرارها في المستقبل، ويمكننا تسجيل ذلك في دستور خاص بنا للرجوع إليه عند حدوث مشكلة مشابهة.
من المؤكد أن التفاوض فن من أجل التوصل إلى الحل المناسب للمشكلة، وهذا يتطلب ذكاء وحكمة من الأزواج، وقابلية القلب الناعمة من الزوجة، وبذل بعض الجهود لفهم الزوج، خاصة فيما يتعلق بالرجل الشرقي الذي يكون عرضة للعصبية عندما يتعلق الأمر بما يريد، ولكن هذا لا ينفي دور الرجل الفاعل في حل المشاكل بنعومته والرغبة في إرضاء زوجته وإظهار هذا الأمر لها، لكي يكون النتيجة النهائية هي السكينة والطمأنينة والمودة المتبادلة بينهما.
العفو والتسامح يساعدان في التقليل من ظاهرة الطلاق، وهما سلاح قوي في الكثير من المواقف التي تتطلب من أحد الزوجين إعطاء شريكه فرصة أخرى، بالإضافة إلى عدم تدخل أي طرف في المشكلة.
أشكال التفاوض الأسري
عند الكثيرين، يتوقعون أن التفاوض يحدث في حالات نزاعات شديدة أو عداء كبير بين الطرفين، ولكن هذا ليس هو المقصود الحقيقي من مصطلح التفاوض.
هناك العديد من المواقف التي تتطلب مناقشة وجهات النظر بين الزوجين، ويقصد بها التفاوض بهدف الوصول إلى حل لمشكلة معينة وعدم الإبقاء على أي خلافات بين الزوجين.
وهو مهم جدًا في الحياة الزوجية لانّها تقوم بالأساس على المودة والرحمة، وبالتفاوض يصبح الزوجين قادرين على إدارة كافة الإختلافات في العلاقة وبقية الشؤون المشتركة والوصول إلى قرارات حكيمة مبنية على الشورى والتفاوض، كما أنّه واحدة من الأدوات التي تضمن الحقوق والوجبات لكلا الطرفين.
ويتضمن التفاوض بين الزوجين أربعة أشكال وهي كالتالي:
- الإقناع
يجب أن يكون الإقناع مبنيا على إرضاء الطرف الآخر دون الضغط عليه بأي وسيلة، وبالتأكيد يحتاج إلى إعطاء الوقت الكافي لكل طرف بعد توضيح وجهة نظره للآخر بحيث يتمكنوا من تحقيق التوافق والتفاهم بينهما.
- التنازل
يمثل التنازل من أحد الأطراف الأكثر ذكاءً في العلاقة، ولا يعبر أو يمثل نقطة ضعف كما يعتقد البعض، إذ أن العديد من المواقف تتطلب التنازل، وخاصة عندما لا يتسبب الخلاف في أي ضرر على مصلحة الطرف المتنازل، وعندما تصل الخلافات إلى مستوى كبير.
يجب على الطرف الذي يتنازل أن يظهر الاحترام والتقدير للطرف الآخر حتى لا تبقى المشاعر الداخلية محملة بالشحنة السلبية، ولكي لا يضطر لتذكر أي خطأ في المستقبل.
- القهر أو الإجبار
يستند هذا النوع من التفاوض على التهديدات، وهو غير مناسب للاستخدام بين الأزواج، حيث يؤدي إلى زيادة الصراع وإثارة العداء.
- التحكيم
من الأفضل أن يكون هذا الخيار هو الخيار الأخير في التفاوض بين الأزواج أو أي شخصين ذوي علاقة دم، ويجب أن يكون لدى الأطراف استحالة الحل بينهما بأي شكل من الأشكال.
قد يتم طلب وجود طرف ثالث خارجي من أحد الزوجين دون الاهتمام بموافقة الطرف الآخر، ومع ذلك، يجب المحاولة حتى وإن كان لها تأثير سلبي على العلاقة بين الزوجين، حيث يعتقد كل منهما أن الحل النهائي بينهما يتوقف على طرف خارجي ثالث.
أهمية التفاوض والتشاور
يُعَد التفاوض واحدًا من الأساليب الهامة التي تحد من ظاهرة الطلاق بين الزوجين، ولكن الأفضل أن يتم تنميتها كعادة بين الزوجين، ويعتبر التفاوض مهمًا للغاية للأسباب التالية:
- – يتفق الأزواج فيه على أهدافهم وأفكارهم ومطالبهم بشكل يجعلها أمورًا بديهية.
- في حياة الزوجين، من المهم معرفة الأمور المهمة والأهم والأقل أهمية، والتوصل إلى فكرة واضحة حول المبادئ الأساسية لكل منهما دون محاولة إجبار الآخر على التنازل عنها.
- ينبغي عرض المشكلة والاحتمالات بطريقة تتيح تحليل الأسباب التي أدت إلى تلك المشكلة، لتجنب حدوثها في المستقبل.
- يوصى بوضع الحلول البديلة وتشكيل صورة واضحة عن ما يرضي كل زوج من الأزواج.
- يجب تنمية التفاهم والاحترام والمودة والمحبة بين الزوجين، لأن حل المشكلة بالرضا يؤكد ما لدى كل منهما من مشاعر تجاه الآخر.
- الحفاظ على بناء عائلة سليمة ومتماسكة يتم عن طريق تقريب الزوجين من بعضهما البعض، وذلك عن طريق الحوار المفيد والمثمر لصالح الأسرة بأكملها.
- يتمثل استمرار الحياة الزوجية السعيدة في تسوية الخلافات والاختلافات وجهات النظر أولًا بأول.
- تهدف إلى تطوير لغة الحوار بين الزوجين وتحسين مستوى المشاركة والمحبة، حتى في حالة وجود خلافات.
- فهم كل شريك لنفسية الآخر يضيف نوعًا من الهدوء الذي يلزم لضمان سلامة الأسرة بأكملها.
- يجب الحفاظ على احترام شخصية كل من الأزواج والمحافظة على هيبتهما، وخاصة أمام الأطفال، دون المساس أو التعدي عليهما.
أثر الشورى في الحياة الزوجية
في بعض الأحيان، يواجه الأزواج مجموعة من الخلافات الحادة في حياتهما، وذلك نتيجة التناقض في وجهات النظر بينهما، أو العناد والإصرار على رأي معين دون الاهتمام بالطرف الآخر.
هذا الأمر له الكثير من الآثار السلبية والتي من شأنها أنْ تضعف العلاقة الزوجية نتيجة خسارة أحد الأطراف لموقف معين، ومن الممكن أن يمر الموقف وتمضي الحياة، ولكن تبقى لهذه المواقف أثرها وتؤدي إلى تراكمات داخلية في نفوسهم، بسبب عدم اهتمام أحد الزوجين لرغبات واهتمام الطرف الآخر.
يكمن الأثر الإيجابي للاجتماع والتفاوض بين الأطراف في الوصول إلى الحل الأمثل الذي يرضي الجميع دون إهمال أحد منهما، وبذلك يستمر العلاقة بينهما بكل محبة وود ويصبحون في كل مرة أقرب إلى التوافق والتفهم والإدراك لمتطلبات ورغبات وأفكار بعضهما البعض.
من الآثار الإيجابية الأخرى للتفاوض بين الزوجين هو تقريب وجهات النظر، وخاصة في المسائل التي يختلفان فيها، دون إثارة مشاكل جديدة وأكبر من السابقة وتجنب اللجوء إلى الطلاق، فهو يساعد على خلق جو من الاستقرار والسكينة بين الزوجين.