المجتمعمنوعات

دور التسامح في بناء المجتمعات مع أمثلة من التاريخ الإسلامي

ما هو التسامح

التسامح هو قدرة الإنسان على تحمل سلوك الآخرين عندما يسيء إليهم، وهو صفة تعبر عن النبل والجودة النادرة. يجب الإشارة إلى أن القدرة على تحمل الآخرين شيء عظيم، والتسامح شيء عظيم. قال الله تعالى: “وأن تعفوا أقرب للتقوىٰ” [البقرة: ٢٣٧]، وهنا يتجلى أهمية التسامح حيث أن الله سبحانه وتعالى أعظمها في هذه الآية الكريمة، حيث جمع بين التسامح والتقوى.

هناك العديد من المفاهيم المختلفة للتسامح، وكلها تتحد في فكرة واحدة، وهي القدرة على تجاوز جميع الاختلافات بين الأفراد والآخرين والتغلب عليها تمامًا، والجدير بالذكر أن العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تدعو إلى التسامح، ويتسم القادرون على التسامح بالكرم الأخلاقي.

التسامح يعني أن يكون الشخص مسامحا تجاه الآخرين عندما يسيئون إليه، بدلا من الرد بسوء معاملة أخرى. إن معاملة الآخرين بلطف هي أخلاق نبيلة تعطي صاحبها مكانة وتجعله محبوبا وذو شخصية قوية. فبفضل التسامح، يستطيع الشخص التحكم في عواطفه وسلوكياته ومنع أي شخص من إيذائه سواء عمدا أو بدون قصد. ومن آيات الله عز وجل عن التسامح: “ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم” [فصلت:34].

: “يعني التسامح أيضًا قبول الأفكار والمعتقدات التي تتعارض مع معتقدات الشخص الشخصية وطبيعته، بما في ذلك الاختلافات الأيديولوجية والعرقية؛ ويعني ذلك اعترافًا ضمنيًا بحقوق الآخرين وحرياتهم، فضلاً عن حقوقهم وأفكارهم.

التسامح في الدين الاسلامي

الدين الإسلام هو دين التسامح والعفو حيث علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله لا يمنعنا من إظهار البر والإحسان للذين لم يحاربوا ديننا ولم يقموا بطردنا من ديارنا، فنحن مأمورون بإظهار الإحسان لهم والعدل في التعامل معهم، وهذا ما ذكره الله تعالى في القرآن الكريم: `لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين`. ومن هذا المنطلق، يتضح لنا أن الإسلام هو دين التسامح والمحبة بين الناس، وليس كما يفعل بعض الناس باسم الإسلام مدمرين الدين وفاسدينه. وكما ورد في الحديث الشريف: `من يحرم الرفق يحرم الخير`، و`إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه`.

يتطلب ديننا الحق العطف والتسامح عندما يكون ذلك ممكنًا، وحماية حقوق الآخرين، كما قال الله تعالى: «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم».

وكما جاء في الحديث: قال الحكماء: `الشديد ليس بالصرعة، بل الشديد هو الذي يتحكم في نفسه عند الغضب`، وقال آخرون: `من أعطاه الله العفو، أعطاه الله العزة`.

ومن الأدلة على التسامح في التاريخ العربي، أنه قال أنس بن مالك، رضي الله عنه: (كنت أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني ذو حاشية سميكة، فالتقطه رجل عربي وجذبه بشدة، ونظرت إلى خلفية عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت حاشية الرداء قد تركت آثارا واضحة بسبب الجذب القوي، ثم قال الرجل: يا محمد، امنحني شيئا من مال الله الذي عندك، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وابتسم، ثم أمر بأن يعطيه شيئا) ورد هذا في صحيح مسلم.

دور التسامح في بناء المجتمع

  • حب الأشخاص للأشخاص المتسامحين يقضي على الكراهية والاستياء بين الناس، ويعتبر ذلك واحدا من أهم فوائد التسامح في بناء المجتمعات.
  •  يتم التركيز على المصالح العامة بدلاً من المصالح الشخصية للقضاء على المشاكل وتعزيز التقدم الاجتماعي.
  • يمكن للإنسان المتسامح أن يتحكم في نفسه ويتجنب الصفات السيئة مثل الكراهية والبغضاء والانتقام من الآخرين.
  • محبة ونيل رضا الله تعالى.
  • يعد التسامح بين الأفراد والدول وحماية حقوق الآخرين، وقبول الاختلافات، من العوامل الأساسية في بناء ورقي المجتمعات، وتحقيق القدرة على التعايش بين الفرد والدولة.
  •  تبادل المعرفة والثقافة، وتعزيز الحوار البناء، وعدم احتلال الآخرين، واحترام ثقافاتهم وآرائهم.
  •  تحقيق المساواة والعدالة يتم عن طريق احترام الثقافات والمعتقدات وتحقيق الوحدة والتضامن بين أفراد المجتمع.

أمثلة على التسامح في الاسلام

  • التسامح مع الكفار

كان تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الكفار الذين عاشوا بين المسلمين منتهى اللين والمسامحة ولم يهاجمهم ولا يقاتلهم فكان مثالا للتسامح والعدل فعن أنس رضي الله عنه قال: (كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم.. فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: ذُبِحتْ شاة لابن عمرو في أهله، فقال: أهديتم لجارنا اليهوديّ؟ قالوا: لا، قال: ابعثوا إليه منها، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه) رواه البخاري.

  • التسامح مع العمال والخدم

يقول أنس رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن تسامحه وعفوه صلى الله عليه وسلم معه: (خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما سبَّني سبة قط، ولا قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته) رواه أحمد. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأة، ولا خادماً، إلَّا أن يجاهد في سبيل الله. وما نِيل منه شيء قطُّ، فينتقم مِن صاحبه، إلا أن يُنْتَهك شيء مِن محارم الله، فينتقم لله عزَّ وجلَّ) رواه مسلم.

  • التسامح في البيع والشراء

يتطلب التسامح الكبير للقيام بالشراء والبيع كمعاملات يومية، ولذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرحمة مع كل من يشتري ويبيع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (رحم الله عبدا سهلا إذا باع، وسهلا إذا اشترى، وسهلا إذا اقتضى حقه بسهولة) وهذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، وقد ذكر البخاري هذا الحديث في باب السهولة والتسامح في الشراء والبيع.

أنواع التسامح في الدين الإسلامي

  • التسامح في العبادة، كالتسامح مع المريض في الصلاة والصوم، وتحمل التجمع والقصور والفطر في رمضان.
  • تتنوع العادات في مختلف المجتمعات في العالم، ولكل مجتمع عاداته الخاصة، ويدعو الإسلام إلى التسامح مع هذه العادات ومعاملتها بالتسامح.
  • في التجارة والحياة الاجتماعية، يوجد تسامح وكذلك المعاملات التي تنظم المجتمع، بما في ذلك القصاص عن القتل، فإذا تم التسامح، فإن الله تعالى وضع شريعة التسامح.
  • – يؤكد الدين الإسلامي على التسامح تجاه الآخرين ولا يستبعد أو يؤذي أو يشكك فيهم، ويعامل الآخرين على أساس الإنسانية وليس على أساس الدين، وبالتالي يعتبر التسامح بين الأديان شيئًا مهمًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى