صحة

دراسة حول التفسير البيولوجي لحساسية القمح

يعاني الأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح غير الاضطرارية من ضعف في حاجز المعدة، مما يؤدي إلى استجابة مناعية منتظمة بعد تناولهم للقمح والحبوب ذات الصلة، وتؤكد الدراسات الجديدة ذلك .

التفسير البيولوجي لحساسية القمح
تشرح دراسة تمت في يوليو 2016 لماذا يعاني الأشخاص الذين لا يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية، أو حساسية القمح من مجموعة متنوعة من الأعراض المعدية المعوية، بعد تناول القمح والحبوب ذات الصلة، وتشير النتائج إلى أن هؤلاء الأفراد لديهم حاجز معوي ضعيف، مما يؤدي إلى استجابة مناعية للجسم واسعة النطاق، وقد نشرت نتائج الدراسة التي قادها باحثون من المركز الطبي لجامعة كولومبيا ( CUMC )  في مجلة جوت .

مرض الاضطرابات الهضمية
صرح الأستاذ بيتر إتش جرين، الذي شارك في الدراسة وهو أستاذ طب الجهاز الهضمي في CUMC ومدير مركز الاضطرابات الهضمية، بأن دراساتهم تشير إلى أن الأعراض التي يشعر بها أفرادٌ مصابون بهذا الشرط لا يمكن تصورها كما اعتقد البعض، بل هي تدل على وجود أساس بيولوجي لهذه الأعراض لدى عدد كبير من المرضى .

يعد مرض الاضطرابات الهضمية اضطرابا مناعيا ذاتيا يهاجم بطانة الأمعاء الدقيقة عن طريق الخطأ من قبل الجهاز المناعي، بعد تناول شخص معرض لمرض حساسية القمح أو الشعير، ويؤدي هذا إلى مجموعة من الأعراض المعدية المعوية مثل آلام البطن والإسهال والانتفاخ .

تحديد الأسباب من وجهة نظر الباحثون
كافح الباحثون لتحديد السبب في أن بعض الأشخاص الذين يفتقرون إلى الدم أو الأنسجة أو العلامات الجينية للمرض والاضطرابات الهضمية، يعانون من أعراض شبيهة بمرض الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى بعض الأعراض المعوية الإضافية، مثل التعب أو الصعوبات المعرفية أو اضطراب المزاج، بعد تناول الأطعمة التي تحتوي على القمح أو الشعير .

وأحد التفسيرات لهذا الشرط المعروف باسم الغلوتين يشير إلى أن الاضطرابات الهضمية أو حساسية القمح (NCWS) تحدث نتيجة لتنشيط جهاز المناعة الحاد بطريقة ما عند التعرض للحبوب المخدرة، وليس استجابة مناعية محصورة بدقة في الأمعاء. ونظرا لعدم توافر إحصائيات دقيقة حول انتشار NCWS، فإن التقديرات تشير إلى أن حوالي 1% من السكان، أو 3 ملايين أمريكي، قد يتأثرون بهذه الحالة، وهي نسبة انتشار مشابهة لاضطرابات الجهاز الهضمي .

حول الدراسة
في الدراسة الجديدة فحص فريق CUMC ثمانون شخصا يعاني من حساسية القمح، و 40 شخصا يعاني من مرض الاضطرابات الهضمية، و 40 شخص صحي وسليم، على الرغم من الأضرار المعوية واسعة النطاق المرتبطة بمرض الاضطرابات الهضمية، لم تكن علامات الدم لتنشيط المناعة الجهازية الفطرية مرتفعة في مجموعة مرضى الاضطرابات الهضمية، وهذا يشير إلى أن الاستجابة المناعية المعوية في مرضى الاضطرابات الهضمية قادرة على تحييد الميكروبات أو المكونات الميكروبية، التي قد تمر عبر الحاجز المعوي التالف، وبالتالي منع الاستجابة الالتهابية النظامية ضد الجزيئات شديدة التحفيز .

وكانت مجموعة مرضى حساسية القمح مختلفين بشكل ملحوظ، حيث لم يكن لديهم الخلايا التائية السمية المعوية التي شوهدت في مرضى الاضطرابات الهضمية، ولكن لديهم علامة من الأضرار الخلوية المعوية التي ترتبط مع العلامات المصلية للتفعيل المناعي الحاد، وتشير النتائج إلى أن التنشيط المناعي المنتظم في حساسية القمح يرتبط بزيادة نقل المكونات الميكروبية والغذائية من الأمعاء إلى الدورة الدموية، ويرجع ذلك جزئيا إلى تلف الخلايا المعوية وضعف حاجز الأمعاء .

تصريحات القائمين على الدراسة
: “قال زعيم الدراسة الدكتور أرمين آلايديني، الذي هو أستاذ مساعد في CUMC، وهو أيضا عضو في معهد كولومبيا للتغذية البشرية وعضو في مركز أمراض الاضطرابات الهضمية: “إن نموذج التنشيط المناعي النظامي سيكون متسقا مع ظهور سريع بشكل عام للأعراض التي يبلغ عنها في الأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح وليس اضطرابات الهضم.” ووجد الباحثون أيضا أن مرضى “المجلس الوطني للمرأة” الذين اتبعوا نظاما غذائيا يستبعد القمح والحبوب ذات الصلة لمدة ستة أشهر، تمكنوا من تطبيع مستويات التنشيط المناعي وعلامات تلف الخلايا المعوية، وارتبطت هذه التغييرات بتحسن كبير في الأعراض المعوية وغير المعوية على حد سواء، وذلك حسبما ذكره المرضى في استبياناتهم المفصلة .

وأضاف الدكتور آرمين : تشير البيانات إلى أنه في المستقبل، قد يتم استخدام مجموعة من المؤشرات الحيوية لتحديد المرضى الذين يعانون من حساسية القمح غير المرتبطة بالاضطراب، ومراقبة استجابتهم للعلاج .

أهمية الدراسة
قامت الدراسة بالتعاون الدولي بين الباحثين في CUMC وجامعة بولونيا في إيطاليا، وصرح الباحث المشارك أمبرتو فولتا، الذي يحمل درجة الدكتوراه في الطب وهو أستاذ الطب الباطني في جامعة بولونيا، بأن هذه النتائج تعد تحولا في فهمنا وإدراكنا لحساسية القمح غير الاضطرابات الهضمية، ومن المحتمل أن تكون لها آثار هامة على التشخيص والعلاج. ونظرا للعدد الكبير من الأشخاص المتأثرين بهذه الحالة وتأثيرها السلبي الكبير على المرضى، فإن هذا المجال يستحق المزيد من الاهتمام والتمويل .

في دراسات مستقبلية لـ NCWS، يخطط الدكتور آرمين وفريقه للتحقيق في الآليات المسؤولة عن إحداث الضرر في الأمعاء، وخرق الحاجز الطلائي لزيادة تمييز استجابات الخلايا المناعية .

المصدر : ساينس ديلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى