خوف الناس من التخدير
يخشى الكثيرون من الخوف من التخدير، حيث يعتبر الوقوع في حالة فقدان الوعي وعدم القدرة على التحكم أمرًا كافيًا لإثارة القلق. ومع ذلك، هل هذا الخوف مبرر تمامًا؟ أو بمعنى آخر، هل هناك ما يستحق الخوف والقلق؟
لماذا يخاف الناس من التخدير
تتمثل معظم مخاوف الناس المرتبطة بالتخدير بأمرين رئيسيين: هناك اثنان من الأمور التي يجب تجنبها خلال العملية الجراحية، الأولى هي الاستيقاظ من التخدير، والثانية هي الدخول في حالة نوم عميق، فالشخص يجب أن يكون واعيًا لما يحدث حوله مع شعوره بالشلل خلال إجراء العملية الجراحية.
أولا وقبل كل شيء، يعتبر كلا الحالتين نادرتين جدا. في الواقع، فإن احتمالية وفاة شخص تحت التخدير لا تتجاوز حالة واحدة من كل مئة ألف حالة. يمكن التعبير عن هذا بنسبة قدرها 0.0001 بالمئة. ولتوضيح الأمر أكثر، فإن احتمالية أن يتعرض شخص عادي يسير في الشارع لصدمة من سيارة ويموت بسببها تكون تقريبا ضعف احتمالية وفاة المريض الذي يخضع للتخدير.
تهدف مقارنة الإحصائيات والاحتمالات المرتبطة بحالة التخدير العام إلى تأكيد ندرة حدوث الاختلاطات الخطيرة، ولا تهدف إلى الترويج لأنواع أخرى من المخاطر.
إزالة الخوف من التخدير
تكاد احتمالية حدوث مضاعفات خطيرة أو الوفاة نتيجة التخدير تكون ضئيلة جدا. ونادرا ما يحدث وفاة غير مفسرة طبيا بسبب التخدير العام. وفيما يتعلق بالحالات التي يتوفى فيها المريض أثناء الجراحة، فإن الوفاة عادة ما تكون نتيجة تداخل عدة عوامل طبية ومرضية، وهذه العوامل تشكل مجتمعة العاصفة التي تؤدي إلى الوفاة.
تعتبر حالة الوعي أثناء العمليات الجراحية نادرة الحدوث بشكل كبير، وفي معظم الحالات يتذكر المريض بعض الأمور التي حدثت خلال العملية الجراحية، ولكن الصورة التي يتذكرها غير مكتملة وتحتوي على الكثير من التفاصيل غير المفهومهمة.
عادة تحدث تلك الحالات نتيجة عدم إعطاء المريض الجرعة الكافية من الأدوية المخدّرة، إما في حال كانت الحالة الصحية للمريض تتطلب تخفيض الجرعة قدر الإمكان لمعاناة المريض من أمراض جهازية أخرى أو في حالات الطوارئ والإسعاف حيث قد لا يكون هناك متّسع من الوقت لإجراء التخدير بالشكل الأمثل.
الأنواع المختلفة من التخدير
ربما سمعت بوجود أنواع مختلفة من التخدير، ولكنك تتساءل عن الاختلاف الحقيقي بين تلك الأنواع. بشكل رئيسي، يوجد ثلاث أنواع من التخدير: موضعي، ناحي، وعام. التخدير العام هو النمط الأكثر استخداماً في العمليات الجراحية حيث يغيب المريض عن الوعي بشكل كامل. يجد البعض صعوبة في التمييز بين التخدير الموضعي والتخدير الناحي، لذا سنقدم شرح مبسّط لوصف الأنواع المختلفة من التخدير.
- التخدير الموضعي هو عملية يتم من خلالها تخدير المنطقة المحددة المطلوبة للعلاج فقط، ويتم استخدام أدوات تخدير مختلفة مثل الحقن أو كريم التخدير. وبالطبع، لا يتم استخدام هذا النوع من التخدير للعمليات الجراحية الكبرى، ولكن يمكن استخدامه لتخدير المنطقة التي سيتم التدخل عليها لتطبيق الحصار الشوكي، وهو النوع الثاني من التخدير. ومع هذا النوع من التخدير، يبقى المريض صاحيا وواعيا تماما.
- الناحي – يمنع الأعصاب من نقل السيالات العصبية لحس الألم الناتجة عن منطقة معينة من الجسم. لا تؤثر هذه الطريقة على الدماغ أو التنفس الخاص بالمريض. مع هذا النوع من التخدير يفترض أن يبقى المريض واعيا ولكن يتم عادة إعطاء المهدئات لمساعدة المريض على النوم. يعتبر هذا النوع من التخدير وسيطا بين التخدير الموضعي والعام، ويمكن تطبيقه لإجراء عمليات جراحية أكثر أهمية مثل استبدال مفصل الورك أو الركبة.
- يتم إعطاء المريض مجموعة من الأدوية بهدف التنويم والاسترخاء وتخفيف الألم، ويدخل في حالة فقدان الوعي تماما. يتم استخدام هذا النوع من التخدير أثناء العمليات الجراحية الهامة والخطيرة وذات المدة الزمنية الطويلة. ويتم إجراء التنبيب الاضطراري للمريض للمساعدة في التنفس بعد توقف جميع الحركات العضلية في جسمه، ويتم وضع المريض على جهاز للتنفس الاصطناعي.
مدى خطورة التخدير
كما هو الحال في أي حالة طبية، يمكن لبعض الأمور -كالسوابق المرضية والجراحية، الحالة الصحية العامة للمريض، وبعض العوامل الأخرى المرتبطة بنمط الحياة الخاص بالمريض – أن تزيد أو تنقص من الخطر المرتبط بالعمل الجراحي. هنا سنذكر بعض عوامل الخطر المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار قبل إجراء التخدير للمريض:
- قصة لحدوث نوبات صرع لدى المريض.
- تناول الكحول أو بعض الأدوية المعينة.
- تتضمن قصة سابقة حدوث مشاكل وصعوبات في عملية التخدير لدى المريض.
- تدخين السجائر
- عدم انتظام ضغط الدم الشرياني لدى المريض
- يتناول المريض بشكل مستمر الأدوية التي تثبط عمل الصفائح الدموية وتزيد من فترة النزيف كالأسبرين
- تحسّس المريض لأنواع معينة من الأدوية
- الداء السكري أو البدانة المفرطة
يجب على المريض عدم إخفاء أي تفاصيل من هذه المعلومات عن طبيب التخدير، حتى يتمكن الأخير من اختيار البروتوكول المناسب لحالة المريض، أو تعديل الجرعات وأنواع الأدوية المستخدمة لتكييفها مع حالة المريض، أو حتى تغيير نمط التخدير المستخدم من عام إلى خاص أو العكس.
كيفية تحضير المريض للجراحة
يجب على المريض اتباع نصائح وتوصيات محددة ليكون جاهزا تماما للتخدير والجراحة. ويجب أن يؤخذ في الاعتبار الحالات الباردة أو غير الطارئة حيث يكون للمريض وقت كاف للتحضير الجسدي والاستعداد النفسي ومقابلة طبيب التخدير ومناقشة جميع التساؤلات التي تدور في ذهن المريض بدلا من أن يلتقي المريض بطبيب التخدير لأول مرة صباح يوم الجراحة.
يتضمن برنامج التحضير للعمل الجراحي جوانب مختلفة كإجراء التمارين الرياضية، رفع المعنويات والجاهزية العقلية، تحسين الحالة التغذوية للجسم، وتوفير المتطلبات والبيئة المناسبة للتعافي وتجهيزها من الآن. تختلف طريقة التحضير من عمل جراحي إلى آخر، إذ يتميز كل عمل جراحي بنشاطات فريدة، وتوصيات ونصائح خاصة من شأنها إيصال المريض لأعلى مستوى ممكن من الجهوزية قبل حلول اليوم المنتظر. تهدف عملية التحضير لتقليل المخاطر المترتبة يوم إجراء العمل الجراحي، وتقليل معدل حدوث الاختلاطات، وجعل مرحلة التعافي بعد العمل الجراحي أكثر سرعة وأماناً.
ويمكن تلخيص أهداف مرحلة التحضير بالنقاط التالية:
- تقوية الجسم لتسريع عملية التعافي
- يتم تحسين تغذية المريض من خلال التركيز على تناول الأطعمة الصحية التي تحتوي على العناصر والفيتامينات الهامة لعملية الشفاء وإعادة بناء الأنسجة والتعافي.
- يمكن تقليل مستويات التوتر والقلق قبل الجراحة، وتشجيع المريض ورفع معنوياته.
- يتم مساعدة المريض في توفير البيئة الملائمة للتعافي بمجرد عودته إلى المنزل.
- تخفيف آلام المريض في المرحلة التي تسبق الجراحة أو التي تليها.
كيف يصف المرضى تجربتهم مع التخدير العام
تختلف تجربة كل شخص، ولكن يتفق معظم المرضى على أن التجربة ليست سيئة كما كانوا يتوقعون، حيث يجري العمل الجراحي وينتهي بدون أن يشعر المريض به، وقد تكون الآثار اللاحقة تجربة فريدة ومميزة في حياة المريض