خطورة مادة الأكريلاميد على الصحة
يتكون مركب الأكريلاميد الكيميائي في بعض الأطعمة عند تعرضها لدرجات حرارة عالية أثناء عملية الطهي، مثل القهوة والشوكولاتة واللوز والبطاطس المقلية والمكسرات ورقائق البطاطس والحبوب والخبز، بالإضافة إلى بعض الخضروات والفاكهة .
مادة الأكريلاميد
الأكريلاميد أو الأميد أكريليك هو مركب كيميائي سام، عبارة عن بلور صلب يتميز بلونه الأبيض وانعدام رائحته، وهو يذوب في كلا من الماء والإيثانول والأثير الكلوروفورم، لكنه لا يتطابق مع كلا من الأحماض أو القلويات أو الحديد وأملاح الحديد ومعامل الأكسدة، وعندما ينحل بدون حرارة يصبح أمونيا، أما انحلاله بالحرارة فيحوله إلى أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيترات، وأخطر ما في الأمر أنه يتكون في بعض أنواع الأطعمة عند تعريضها إلى الحرارة العالية .
تشكل هذه المادة جزءا من الطعام منذ بداية استخدام الإنسان لتقنية الطهي، ولكن لم يكن أحد يدرك وجودها. في أبريل 2002، قام مجموعة من العلماء في السويد بإجراء بحث، وخلال هذا البحث، تم اكتشاف وجود هذا المركب بكميات ضئيلة في بعض الأطعمة المقلية والمخبوزة. لا يتم إضافة هذه المادة إلى الطعام، بل تتكون بشكل طبيعي عند تعرض بعض الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات لدرجات حرارة عالية، سواء أثناء القلي أو الخبز أو الشواء، وتزداد كميتها مع زيادة درجة الحرارة إلى 170 أو 180 درجة مئوية .
خطورة مادة الأكريلاميد على الصحة
قام مجموعة من الباحثين الألمان في جامعة هانوفر بإجراء عدد كبير من التجارب على الحيوانات المعملية، واكتشفوا أن هذا المركب الكيميائي يتداخل مع عملية التمثيل الغذائي في الحيوانات بشكل مباشر، وتدخل كذلك في إنزيمات الكبد عن طريق تكوينها مادة تسمى جليسيداميد، والتي يكون لها تأثيرات سمية على الجينات، والجليسيداميد هذه تتحد مع عدد من الأحماض الأمينية وتكون مركبات أخرى يكون لها تأثيرات سلبية على الـ DNA والهيموغلوبين، وهذه التطورات كلها تؤدي إلى ظهور الأمراض السرطانية، وتؤثر بصورة ضارة وخطيرة على الجهاز العصبي .
وقد قام الباحثون الألمان بعدد آخر من التجارب على الأشخاص، وهم أشخاص كان يتم إعطائهم وجبات كبيرة من البطاطس في الأسبوع، واكتشف الباحثون أن نسبة مركب الأكريلاميد تزايدت بشكل كبير عندما قام هؤلاء الأشخاص بتحليل للدم، كما أثبتت الأبحاث أن الأشخاص المدخنين تتواجد هذه المادة في أجسادهم بكميات أكبر، ولأن هذه المادة تذوب بسهولة في الماء وتتخلل في خلايا الجسم، فقد صنفتها مؤسسة الصحة العالمية WHO بأنها من المواد المسببة للسرطان من الفئة الثانية، وعندما أجرت مجلة إيكوتست الألمانية تجربة على 28 منتج يحتوي على شرائح بطاطس مقلية، اكتشفوا أن نسبة الأكريلاميد فيهم كانت حوالي 1000 ميكروجرام لكل كيلوجرام .
تتمثل دور السلطات في اتخاذ نهج للحد من تكون الأكريلاميد
في عام 2011 تم اعتماد نهج من قبل دول الاتحاد الأوروبي للحد من تكوين مادة الأكريلاميد، ووضع معايير لمراقبة نسب تكونها في الأغذية المختلفة، وقد تعاونت دول الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن مع جمعيات حماية المستهلك واتحاد مصنعي المواد الغذائية، كما تنصح إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية بضرورة اتباع نظام غذائي متوازن، والتقليل من الأطعمة التي لا تحتوي على نسبة عالية من الدهون المتحولة أو المشبعة، والاتجاه إلى تناول الحبوب الغنية بالألياف وكذلك الفواكه والخضروات، أما منظمة الصحة العالمية فقد أوصت هي الأخرى بضرورة اتباع نظام غذائي صحي والتقليل من الأطعمة المقلية والغنية بالدهون، وأكدت أنه ليس هناك دليلا كافيا على زيادة مادة الأكريلاميد في طعام أكثر من غيره لكي توصي بتجنبه بعينه .
بالنسبة لربات المنازل، يمكنهن المساعدة في هذا الأمر وتقليل تكون الأكريلاميد في طعامهن، من خلال خفض درجات التحمير والقلي إلى أقل من 170 درجة مئوية، وتجنب أجزاء الطعام المحترقة أو الداكنة، خاصة في الخبز أو البطاطس. توصي الدكتورة علا محمد، أخصائية التغذية العلاجية، ببعض النصائح مثل غلي البطاطس في الماء المغلي؛ حيث تذوب هذه المادة في الماء المغلي، وبعد ذلك يمكن تحميرها أو طهيها بأي طريقة. كما تنصح الدكتورة علا بزيادة استهلاك الخضروات والفواكه، خاصة للأطفال، لتقوية جهازهم المناعي. كما تنصح بضرورة تجنب استخدام زيت القلي أكثر من مرة في القلي .
هل هذه الإجراءات فعالة في القضاء على مادة الأكريلاميد؟
لا، فحتى الوقت الحالي لا يبدو أن هناك طريقة فعالة وعملية للتخلص من مادة الأكريلاميد نهائيا، ولا يوجد حل واحد يمكن تطبيقه على كل الأطعمة، وكذلك فإن الطرق التي تعمد إلى التقليل من هذه المادة تقوم بالتأثير على اللون والطعم بطريقة عكسية، إلا أن الأبحاث ما زالت تقام حول هذا الأمر .