ادب

خصائص النزعة الانسانية في الشعر المهجري

خصائص النزعة الإنسانية في شعر المهجر

النزعة الإنسانية تُعَد مركزيةً إنسانيةً ضروريةً، تنطلقُ من معرفة الإنسان، حيث يكون موضوعها تقويمُ الإنسان بقيمه، واستبعاد كل ما يعرِّبُه عن ذاته، سواء بإخضاعه لقوى خارجية تتعارض مع الطبيعة البشرية، أو بتشويهه من خلال استخدامه دون توافق مع الطبيعة البشرية.

تتميز الشعر المهجري بالعديد من الخصائص الإنسانية، التي تركز على الجانب الإنساني، وتشمل ما يلي

  • يتضمن الاحتفاء بالذات والآخرين والناس تقديم الذات والتفاني في خدمة السلطة والمجتمع المثقف، وتقدير الثقافة والإنسانية عن طريق إعطائها المدى الواسع والقيمة العالية، كما يشمل الاحتفاء بالكتابة والكتاب والعنوان.
  • تتمثل مركزية الحب المبني عليها باقي التفاصيل في توجيه الأفكار والأحداث حوله، وذلك من خلال مواجهة الحب مع المجتمع وقيادته نحو الاتجاه الإنساني في الحياة، وتأكيد قيمة الحب وتفصيلها بعيدًا عن الاستثمار الجسد والتركيز على تفاصيل الحب الروحية.
  • يتم الاحتفاء بالتاريخ عن طريق استخدامه في تاريخ الأفراد العاديين والتاريخ الرسمي للبلد والعلاقة بين الناس والسلطة وتاريخ المبدعين وكذلك تاريخ الحضارات العريقة.
  • يتمثل الاحتفاء بالأماكن، مثل أماكن التغريب التي تكثر في شعر المهاجرين، في العلاقة التي تربط المبدع بموقعه، بين موطنه ومكان انتقاله وفراقه عن الوطن.
  • التكريم للنص وما يتضمنه من دلالة الأسماء واللغة الشعرية والاهتمام بها، وأيضا الحواجز النصية ومعاني العناوين التي تحمل أهمية كبيرة وحساسية، وكذلك وظيفة الوصف والنهايات المفتوحة للأدب.

مبادئ النزعة الإنسانية في الشعر المهجري

شعر المهجر نشأ في المدرسة المهجرية التي شكلت مجموعات وروابط، وكانت من بينها الرابطة القلمية الشهيرة، وتعد النزعة الإنسانية طريقة التفكير والعمل التي يمكن للإنسان العادي أن يحيا حياة سعيدة ومثمرة.

تتميز الشعر المهجري بالنزعة الإنسانية كونه يتبع مبادئ عدة تجعله رائدًا في خصائص الشعر المهجر، فهو يتميز بمجموعة من المبادئ التي تُعتبر أساسية لهذا النوع من الشعر

  • الأدب العظيم يحتفظ بقيمته عبر الزمن والمكان.
  • النص الأدبي يحمل معناه الخاص في داخله، والطريقة المثلى للتفاعل معه هي من خلال قراءته وتحليله، بدون أفكار مسبقة أو تأثيرات فنية أو أيديولوجية.
  • النص الأدبي يحتوي على حقائق إنسانية أبدية، ويمكنه أيضا استعراض الحقائق الأساسية التي تعرفها الروح والنفس.
  • الهدف من الأدب هو تعزيز الحياة الإنسانية ونشر القيم النبيلة بين الناس في جميع المجتمعات.

النزعة الإنسانية في الشعر المهجري

يحظى الشعر المهجري بعناية الدارسين ونقاد الأدب العربي، وذلك لأنه أضفى على الأدب العربي نوعًا من المتعة والحيوية والحرية، وليس فقط في الماضي، بل حتى الآن.

رفع الشعر المهجري بشكل كبير لأنه يتميز بصدق الشعور وتجديد الأفكار والقيم الإنسانية، ويمثل النزعة الإنسانية في هذا النوع من الشعر. يقول الشاعر ندرة حداد في قصيدته بعض الأبيات التي توضح ذلك

راض بالعصا يا أيها الحامل رمحك

وسأكون راضيا عن خبزك الأسود وملحك في الحب

سأنسى جرح قلبي كلما شاهدت جرحك

إذا أخطأت نحوه، أنا أطلب مغفرتك

تطورت فكرة النزعة الإنسانية بشكل كبير منذ عصر النهضة وحتى العصر التنويري والقرن التاسع عشر والقرن العشرين، وأصبحت تمثل اتجاهًا متبلورًا بين الأدوات والأفكار، وأصبحت تمثل رؤية فلسفية مستقلة.

يتميز شعر المهجرين بالنزعة الإنسانية التي تهتم بجميع جوانب الطبيعة الإنسانية، مثل الجوانب العقلية والجمالية والشعورية والخشية واحتياجاتها ومواقفها.

تقوم النزعة الإنسانية على أفكار هامة، حيث يتم تحويل المحور الاهتمام إلى الإنسان، وتعد خبرته الإنسانية مهمة، كما يتم اعتبار الفرد الإنساني ذو قيمة إنسانية في حد ذاته، وأنه مصدر لكل القيم.

تمثل النزعة الإنسانية قيمة كبرى للأفكار، ولذلك فهي لا تنفصل عن سياقها الاجتماعي والتاريخي، ولا يتم اختيارها لتصبح مجرد عقلية للمصالح الطبقية أو الاجتماعية.

تناول شعراء المهجر في قصائدهم العديد من الموضوعات الإنسانية، والتي تتميز بجمالية المعاني السهلة والأفكار والصور الواضحة، مثل موضوع العنصرية الذي يتميز به الإنسان، والذي تناوله الشاعر فوزي المعلوف في مطولته `على بساط الريح` حيث يقول:

أنا أسير مكرهًا من مهدها إلى قبرها، فأنا عبد الحياة والموت

عبد تضمّنت الشرائع جورًا، يخط القوي كل سطوره

بيراع، دم الضعيف له حبر * ونوح المظلوم يصدح بصوته العالي

والحرية ، التي تعتبر من أهم القيم التي يؤدي غيابها إلى عبثية الوجود بل ، وهي قيمة تستحق أن يضحي الإنسان من اجلها ، ولقد أخذت من اهتمام أدباء المهجر ، فكثيرا ، ما لجأوا إلى العالم الجديد ، هروبا من أغلال الاستعمار ، ونرى ذلك في شعر نعمة قازان المغترب بالبرازيل ، حيث يقول :

تعيش النفس بفعل إحساسها، وليس بفعل الحواس بحد ذاتها

نشأت وكبرت على طبيعتي، وكم هي جميلة طفولتي

وكذلك يقول الشاعر السوري نسيب عريضة ، مخاطبا وطنه :

مرت الأزمان وسارت الشعوب معا * وقومك واقفون ونائمون

لم يرفع يده ليصفعهم ولم يتوعد بالكلام الجارح

وكذلك هناك تأملات شعرية، وما تحمله من معانٍ إنسانية، تبحث عن الحرية الكاملة، والرقي بالحس، كما يقول فوزي معلوف

أنا أسير بين روحي وجسدي. كان بعدما ذقت المرارة

أنا في التراب وهي فوق الأثير * أنا عبد وهي حرة

عبدٌ من عصر التمدن نَلَهُو، وظلَّ عن لبَابِهِ بقشوره

أذيب نفسي وجسمي طمعًا في الخلود والظهور، وأنا عبد باسم

وبالإضافة إلى ذلك، فإن نزعة التسامح، التي تشير إلى الإنسانية، كما يقول الشاعر مسعود سماحة

يبدو أنني لم أتدخل في شؤون الآخرين بينما تدخلت في شؤوني

كم صديقٍ خذلتهُ وغدرتَ بهِ، وكم أمينٍ خانَ الأمانةَ وترك الأمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى