خصائص أسلوب ابن العميد .. وأبرز الموضعات التي كتب فيها
ابن العميد
: هو محمد بن العميد بن أبي عبد الله الحسين بن محمد الكاتب، والمعروف أيضا باسم أبو الفضل. ولم يتم تحديد تاريخ ولادته بشكل دقيق، لكن يعتقد أنه ولد في عام 299 أو 300 للهجرة في سامراء. كان يهتم بدراسة العلوم والفلسفة والنجوم والشعر والفيزياء والأدب، وقد قضى حياته في هذا الاهتمام. وتوفي في عام 359 أو 360 للهجرة في بغداد أو همذان.
حياة ابن العميد العلميّة والعمليّة
نشأ ابن العميد في بيئة آمنة ومحمية، وتلقى تعليمه من شيوخ بلاده، وكان مهتما بعلوم التاريخ والأدب والفلسفة ودرسها وأتقنها في شبابه. ثم دعاه ركن الدولة “بن بوية” لتولي منصب وزير ثم قائد للجيش، وذهب إلى منطقة دينور للقتال ضد “حشنويه بن الحسن الكردي”، ولكن الإرهاق والبرد الشديد والتعب أثرت عليه ومنعته من إكمال مهمته، كما أصيب بالإمساك والنقرس وعانى منهما حتى توفي
صفات ابن العميد وأسلوبه
كان ابن العميد مشهورا بمهارته في الكتابة لذا أطلق عليه البعض لقب `الأستاذ` و`الجاحظ الثاني` من قبل آخرين، حيث كان يختار كلماته ومعانيه بعناية لتسهيل قراءتها وفهمها. وقال الثعالبي: `بدأت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد`، وهذا يشير إلى المكانة الأدبية المرموقة التي حظي بها ابن العميد في عصره، بالرغم من أنه لم يحصل على هذا الاعتراف بسبب منصبه كوزير، وإنما بسبب شعره المتقن.
مُؤلَّفات ابن العميد
قال “خليل مردم”: “لو بقيت رسائل ابن العميد على قيد الحياة، لكانت قد دخلت في مئات الصفحات، كما أخذت من كلمات أولئك الذين ترجموها ولكن الغزو المغولي لبلاد فارس والعراق ذهب بجزء كبير من تراثنا العلمي والأدبي وذهبت آثار ابن العميد معه والباقي متناثر في كتب الأدب حول للاقتباس”، قام ابن العميد بتأليف العديد من الكتب والمؤلفات ومنها:
- ديوانٌ في اللغة، والتاريخ.
- ديوانُ الرسائل.
- كتابُ الخَلق والخُلق.
- كتابُ المُذهَّب في البلاغات.
من كتابه إلى ابن بلكا عند استعصائه على ركن الدولة
“منه كتابي وأنا مترجح بين طمعٍ فيك، ويأسٍ منك، وإقبالٍ عليك، وإعراضٍ عنك، فإنـك تـدلُّ بسابق حرمة ،وتمتُّ بسالف خدمة، أيسرهما يوجب الرعاية، ويقتضي محافظةً وعناية، ثـم تـشفعهما بحادث ِغلولٍ وخيانة، وتتبعهما بآنف خلاف ومعصية، وأدنى ذلك يحبطُ أعمالك، ويمحقُ كلَّ ما يرعى لك، لا جرم أني وقفتُ بين ميلٍ إليك، وميلٍ عليك أقدم رجلاً لصدمك، وأؤخر أخرى عـن قـصدك، وأبسطُ يداً لاصطلامك واجتياحك، وأثنى ثانيةً لاستبقائك واستصلاحك،
أتوقف عن اتباع بعض الأوامر التي تظن أنها نعمة عندك، والتنافس في الأعمال التي لديك، وتركيزك على فئتك وانشغالك، وتأملك في مراجعتك وتحولك. فقد يتغير العقل ثم يتوب ويشعر القلب بالحزن ثم يتوب وتتلاشى العزيمة ثم تعود، ويفسد العزم ثم يتصلح، ويتعثر الرأي ثم يتصحح ويسكر الشخص ثم يستفيق، ويصفو الماء بعد أن يتعكر، وكل ضيقة تنقلب إلى رخاء، وكل هم يتحول إلى انجلاء. وكما جئت من خلال تصرفاتك السيئة بما لم يتوقعه أصدقاؤك، فمن المؤكد أن تأتي من خلال إحسانك بما لا يتوقعه أعداؤك، وكما استمرت الغفلة فيك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، واخترت ما اخترت.
لا يوجد شيء مستغرب في الانتباه بشدة لما صنعته من قبح وسوء آثار. سأقوم بالإبقاء والتأجيل على ما يصلح، والاستمرار والتمديد في ما يمكن، طمعا في توبتك وتحكيما لحسن الظن بك. ولست أخفي أعذاري وإنذاراتي من أجل احتجاجي عليك والتدبير لك. فإن شاء الله، سيهديك ويأخذ بك إلى مصيرك ويسددك، لأنه على كل شيء قادر وجدير بالإجابة. لقد ادعيت أنك في طرف من الطاعة بعد أن كنت في المتوسط، وإذا كنت كذلك، فقد تعرفت على حالها وحلبت شطريها. فأنا أسأل الله لما صدقته من سؤالك. كيف تجد مازالت عنه؟ وكيف ستجد ما أصبحت عليه الآن؟
هل لم تكني في الأصل تحت ظل ظليل، ونسيم عليل، وريح بليل، وهواء عذب وماء روي، ومهاد وطي، وكن كنين، ومكان مكين، وحصن حصين، الذي يحميك من الأمور المعاكسة ويطمئنك من المخاوف، ويغطيك من مشاكل الزمان ويحفظك من المشاكل الطارئة، أصبحت أقوى بعد الذلة، وتكثرت بعد القلة، وارتفعت بعد الضعة، وأصبحت أسهل بعد الصعوبة، وأثريت بعد الفقر، وانتشرت بعد الضيقة، وتوسعت بعد الحصر بالولايات، ورفرفت الأعلام فوقك، وسارت خلفك الرجال، واعتنقتك الأماني،
وأصبحت تكاثر ويكاثر بك، ويشير ويشار إليك، ويتم ذكر اسمك على المنابر وفي المحاضر. فماذا تفعل الآن؟ وما هي العواقب التي تحملها عندما تخرج من طاعة الله وتتصرف بمخالفته، وتغمس يدك في الخلافات؟ وما هو الذي يظللك بعد أن انحسر ظل الطاعة عنك؟ هل تظل الأشجار ذات الثلاثة أغصان بلا ظل ولا تجدع تحت اللهب
قل نعم! فبالله، إنها أكثر ظلالك كثافة في الحياة الدنيا، وتكون أرواحك أكثر نشاطا في الحياة الآخرة، إذا استقمت على الأمور المباحة وتركت المحرمات، وتحملت التعب والمشقة. ومن هذه الأمور – تأمل حالتك وأنت قد توصلت لهذا الوقت في حياتك فستنكرها، واضرب جسدك وانظر هل يشعر؟ واجرب عرقك هل ينبض؟ وفحص ما يعتليك هل تجد في قلبك؟ وهل تمتلئ صدرك بسعادة بسبب الحصول على حرية، أو موت مستريح؟ ثم قسم أمرك وتفكيرك.
من جيد شعره قوله لبعض أخوانة
من أبي الفضل بن العميد لمن تزوجت أمه وكتب أبو الفضل بن العميد في بابه: “الحمد لله الذي أظهر لنا سر الحيرة، وهدانا لكتمان العورة، وأعلن بما أباحه من الحلال حماية الغيرة، ومنع عن استغلال الأمهات، كما منع من ظلم البنات، لإشباع النفوس العزيزة، عن تقاليد الجاهلية، ثم جازى بثواب جزيل من استسلامه لمواقفه؛ وأجزل الثواب لمن صبر على محنته؛ وهناك الله، الذي فتح للتقوى صدرك، ووسع في البلاء صبرك، ما أوحا لك من الرضا بمشيئته، والقناعة بقضيته، ومساعدتك في أداء واجبك تجاه أحد والديك، ومن تقدير حقه عليك؛ وجعل الله تعالى ما تحمله من أذى وتكبته من حزن محسوبا لك، يكثر الله أجرك، ويزيد بها ثروتك ويربط بحاضرك من غضبك لفعلها المتوقع من تعصبك لدفنها ويعوضك بأسرة تحل محل فراشها؛ وجعل ما تنعم به عليك من بعدها نعمة تكفير لنقمة، وما يمنحك بعد وفاتها من هبة تخلص من مصيبة”
مدحُ الشعراءِ ابن العميد
أثنى العديد من الشعراء على ابن العميد، وفي مقدمتهم المتنبي والثعالبي والتوحيدي ومسكويه
الثعالبي
وادعى الثعالبى أنه سبق قبله بالفعل وأنهك بعده وقد كشف الثعالبى كل شيء عن قدر و عظمة ابن العميد فى كتبه وعندما تحدث عنه كان يصفه ب “الأستاذ” في بعض الأحيان و”الرئيس” في أوقات أخرى ويضعه في مكان بارز، وأشار إليه على أنه “الجاحظ الأخير” ويعتقد أن هذا يرجع إلى حقيقة أن علومهم متشابهة إلى حد ما كما وصفه الثعالبي انه “عين الشرق” و”لغة الجبل” و”ملك الصبي” و”صدر الوزراء”
ووصفه بأنه بلغ القمة ولم يشر الثعالبى إلى أي أوجه قصور أو عيوب في أسلوب ابن العميد ليس بشكل شخصي أو أدبي فقد كان مهتمًا بتلميع صورته في العديد من المجالات مثل النثر والشعر والنقد وكل أمثلة الأعمال الأدبية، كما اهتم الثعالبى بذكر الأشخاص الذين يقدرون ابن العميد مثل “المتنبي” و “صاحب بن عباد”