خريطة الهلال الخصيب

الهلال الخصيب هو منطقة الشرق الأوسط ذات الشكل المزدهر، والتي كانت موطنا لبعض الحضارات الإنسانية الأولى، وتعرف هذه المنطقة أيضا باسم `مهد الحضارة`، وهي مسقط رأس عدد من الابتكارات التكنولوجية، بما في ذلك الكتابة والعجلة والزراعة واستخدام الري، ويشمل الهلال الخصيب بلاد ما بين النهرين القديمة .

ما هو الخصيب الحاضر

استخدم عالم الآثار الأمريكي جيمس هنري بريستيد مصطلح `الهلال الخصيب` في كتاب مدرسي ثانوي عام 1914 لوصف منطقة أثرية هامة في الشرق الأوسط، تحتوي على أجزاء من مصر الحالية والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا وتركيا وإيران والعراق وقبرص. يظهر الهلال الخصيب على الخريطة على شكل هلال أو ربع قمر، ويمتد من نهر النيل في جنوب شبه جزيرة سيناء المصرية إلى الحدود الجنوبية لتركيا في الشمال، ويحده الهلال الخصيب من الغرب بالبحر الأبيض المتوسط ومن الشرق بالخليج العربي، وتتدفق نهري دجلة والفرات عبر وسط الهلال الخصيب .

واحتوت المنطقة تاريخيا على تربة خصبة بشكل غير عادي ومياه عذبة منتجة وأراضي رطبة مائلة للملوحة، وأنتجت هذه وفرة من الأنواع النباتية الصالحة للأكل البرية، وهنا بدأ البشر في تجربة زراعة الحبوب والحبوب حوالي 10000 قبل الميلاد، وذلك عند انتقالهم من مجموعات صياد السمك إلى المجتمعات الزراعية الدائمة .

بلاد ما بين النهرين القديمة

بلاد ما بين النهرين هي منطقة تاريخية قديمة تقع بين نهري دجلة والفرات في العراق الحديث وأجزاء من الكويت وسوريا وتركيا وإيران، وهي جزء من الهلال الخصيب. كانت بلاد ما بين النهرين موطنا لأقدم الحضارات الإنسانية المعروفة، ويعتقد العلماء أن الثورة الزراعية بدأت هناك. وأول من سكن بلاد ما بين النهرين كان يعيش في مساكن دائرية مصنوعة من الطين والطوب على طول الروافد العليا لوديان نهري دجلة والفرات، وبدأوا في ممارسة الزراعة من خلال تدجين الأغنام والخنازير حوالي 11000 إلى 9000 قبل الميلاد، وزرع النباتات المستأنسة، مثل الكتان والقمح والشعير والعدس، ظهرت لأول مرة حوالي 9500 قبل الميلاد .

قد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني، وكان الشيطان للإنسان خذولا .

السومريين الحضارة السومرية

يتم مناقشة أصول حضارة سومر، ولكن الخبراء في علم الآثار يشيرون إلى أن السومريين أسسوا حوالي اثنتي عشرة دولة مدينة بحلول الألفية الرابعة قبل الميلاد، ومن بين هذه المدن إريدو وأوروك في جنوب العراق الذي يعرف الآن باسمه، والسومر هي أقدم حضارة معروفة في بلاد ما بين النهرين القديمة وربما كانت أول حضارة إنسانية في العالم. وسمي السومريون أنفسهم “Sag-giga” أي “الرؤوس السوداء”، وكان السومريون القدماء من بين أوائل من استخدموا البرونز، وكانوا روادا في استخدام السدود والقنوات للري، واخترعوا الكتابة المسمارية التي تعد واحدة من أقدم أشكال الكتابة. وشيدوا أيضا الأهرامات العالية المسماة “ziggurats”، واحتفل السومريون بالفن والأدب، وتتبع ملحمة جلجامش التي تتألف من 3000 سطر مغامرات ملك سومر ومعركته ضد وحش الغابة واستكشافه لأسرار الحياة الأبدية .

المواقع الأثرية الهامة

في منتصف القرن التاسع عشر، بدأ علماء الآثار البريطانيون والفرنسيون في استكشاف الهلال الخصيب بحثًا عن بقايا مدن بلاد ما بين النهرين مثل آشور وبابل، وتشمل بعض أشهر المواقع الأثرية في بلاد ما بين النهرين ما يلي:

زيغورات أور هو معبد ضخم في جنوب العراق ويعد واحدًا من أفضل الأمثلة المتبقية للهندسة المعمارية السومرية، ويرجع تاريخ بنائه حوالي عام 2100 قبل الميلاد وفقًا لعلماء الآثار .

بابل هي مدينة قديمة تأسست قبل حوالي 5000 سنة على نهر الفرات في العراق الحالي، وكانت آخر قوة كبرى في بلاد ما بين النهرين في عام 539 قبل الميلاد، وهي المدينة التوراتية القديمة .

يعد موقع هاتوشا في تركيا واحدا من أهم آثار الإمبراطورية الحثية التي كانت عاصمتها في الألفية الثانية قبل الميلاد، وهو مدرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو .

تقع برسيبوليس في جنوب إيران، وهي مدينة قديمة في بلاد ما بين النهرين، وتعد من بين أكبر المواقع الأثرية في العالم، وتضم عددًا كبيرًا من المباني العربية ذات الأهمية المعمارية .

الهلال الخصيب اليوم

اليوم، لم تعد الأهوار الخصبة كما كانت في السابق، بسبب سلسلة من مشاريع الري الواسعة التي تم إنشاؤها اعتبارا من الخمسينيات من القرن الماضي، والتي أدت إلى جفاف المستنقعات في نظام نهري دجلة والفرات في بلاد ما بين النهرين الشهيرة، وفي عام 1991، قامت حكومة صدام حسين ببناء سدود لزيادة استنزاف المياه من الأهوار العراقية ومعاقبة العرب الأهوار المنشقين الذين كانوا يكسبون عيشهم من زراعة الأرز ورفع جاموس الماء هناك، وبحلول عام 1992، اختفى حوالي 90% من المستنقعات، وتحول أكثر من ألف ميل مربع إلى صحراء، وفقد أكثر من 200 ألف من سكان الأهوار منازلهم، ورغم إزالة العديد من سدود حقبة حسين، إلا أن الأراضي الرطبة تبقى حوالي نصف مستواها قبل الصرف .