حياة الشاعر صالح بن عبدالقدوس
صلاح بن عبد القدوس هو شاعر من شعراء الدولة العباسية، ومن أصل غير عربي. كان حكيما متكلما، حيث كان يعظ الناس في مدينة البصرة. تتميز شعره بقوة الألفاظ ودقة القياس والتعليل والتدليل، وكان يتحدث عن الابتعاد عن الدنيا ومتاعها ويشير دائما إلى الموت والغناء. كما كان يحث على اتباع الأخلاق الحميدة والعمل على طاعة الله.
يعد صالح بن عبد القدوس من الشعراء المخضرمين، حيث ولد في الربع الأخير من القرن الأول الهجري وتربى في مدينة البصرة، وكان يحضر الحلقات الأدبية والعلمية، ثم انتقل إلى مدينة بغداد في بداية العصر العباسي. عرف عنه البيان الرائع واللسان الفصيح والحكمة الكلام، وتمتاز أشعاره بالجمال والموعظة والحكم والأمثال. وواجه بعض الاتهامات بالزندقة في ذلك الوقت، مما أدى إلى الخلط بين الناس حوله.
لمحات من حياة الشاعر
كان هذا الشاعر يلقي خطبًا على الناس في البصرة ويشارك أشعاره، وكان يعرف بأنه شاعر حكيم، وتناول في شعره مواضيع الزهد، وكان لشعره علاقات قوية مع كبار المعتزلة.
يتميز صالح بن القدوس بأن أغلب قصائده تبدأ بمقدمة غزلية، ولكنها تتسم بالجمال والفن، ثم يتطرق فيها إلى مواضيع حكمية وأخلاقية، وهذا ما جعله من أشهر الشعراء في هذا المجال.
قال الخطيب البغدادي عنه (كل شعر صالح بن عبد القدوس حكم وآداب).
– وقال عنه ياقوت الحموي:كان صلاح بن عبد القدوس حكيمًا وأديبًا وفاضلًا وشاعرًا مجيدًا، وإذا سمعت شعرًا جميلًا ولم تعرف من قائله، وتعجبت من حكمته وقوة تنظيمه، فإنه ربما يكون من شعر صلاح بن عبد القدوس.
قال عنه ابن معتز: تكون شعرها كثيفاً ومتوفراً لدى الناس جميعًا.
كان الشاعر صلاح بن عبد القدوس شاعرًا من شعراء الدولة العباسية وعاصر اثنين من الخلفاء الراشدين والمهدي، وفي أخر حياته عمى. وتتميز أبياته بمحاسبة النفس والزهد في الدنيا وكذلك الحكمة، وكانت قيمة شعره عالية
وفاة الشاعر صلاح بن عبد القدوس
قتل على يد ( الرشيد العباسي) حيث قتل بطريقة بشعة حيث صلبوه على جسر بغداد، وظل متعلق لعدة أيام، وتوفي الشاعر صلاح بن عبد القدوس في 160 هجريا، وذلك بعد ثلاثين سنه من سقوط الدولة الأموية، وهو من الشعراء الذين خاضوا في مواضيع تخص علم الكلام، وذلك سبب في اتهامه بالزندقة، وكان للشاعر صلاح بن عبد القدوس كتب وديوان ولم يتبقى منها أي أثر سوي بعض الأبيات.
أشهر أشعاره القصيدة الزينبية
صَرَمَتْ حِبَاْلَكَ بَعْدَ وَصْلِكَ زَيْنَبُ | ||
و الدهر فيه تصرّم وتقلب | ||
نشرت ذوائبها التي تزهو بها | ||
سوداً وأسك كالنعامة أشيب | ||
و استنفرتْ لما رأتك وطالما | ||
كانت تحنُّ إلى لقاك وترهب | ||
و كذلكَ وصل الغانيات فإنه | ||
آل ببلقعة ٍ وبرق خلب | ||
فَدَعِ الصِّبا فَلَقَد عَدَاكَ زَمَانُهُ | ||
وازْهَدْ فَعُمْرُكَ منه ولّى الأَطْيَبُ | ||
ذهب الشباب فما له من عودة | ||
و أتى المشيب فأين منه المهرب | ||
ضيفٌ ألمَّ اليك لم تحفل به | ||
فَتَرى له أَسَفا وَدَمْعا يسْكُبُ | ||
دَعْ عَنْكَ ما قَدْ فات في زَمَنِ الصِّبا | ||
واذكر ذنوبكَ وابكها يا مذنب | ||
واخْشَ مناقَشَة َ الحِسَابِ فإِنَّه | ||
لا بدّ يحصى ما جنيت ويكتب | ||
لم يَنْسَهُ المَلِكانِ حين نَسِيْتَه | ||
بَلْ أَثْبَتَاهُ وَأَنْتَ لاهٍ تَلْعَبُ | ||
و الروح فيك وديعة أودعتها | ||
سنردّها بالرغم منك وتسلب | ||
وَغُرورُ دُنْياكَ التي تَسْعَى لها | ||
دارٌ حَقِيقَتُها متاعٌ يَذْهَبُ | ||
و الليل فاعلم والنهار كلاهما | ||
أَنْفَاسُنا فيها تُعَدُّ وَتُحْسَبُ | ||
وجميعُ ما حَصَّلْتَهُ وَجَمَعْتَهُ | ||
حَقًّا يَقِينا بَعْدَ مَوْتِكَ يُنْهَبُ | ||
تَبًّا لدارٍ لا يَدُومُ نَعيمُها | ||
و مشيدها عما قليلُ يخرب | ||
فاسمعْ ، هُديتَ ، نصائحا أَوْلاكها | ||
برٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدب | ||
صَحِبَ الزَّمانَ وَأَهْلَه مستبصرا | ||
ورأى الأمورَ بما تؤوب وتُعْقَبُ | ||
أَهْدى النَّصيحة َ فاتَّعظ بمقالة | ||
فهو التقيُّ اللوذعيُّ الأدرب | ||
لا تأمن الدهر الصروف فإنه | ||
لا زال قدماً للرحال يهذب | ||
و كذلك الأيام في غدواتها | ||
مرت يذلُّ لهاالأعزُّ الأنجب | ||
فعليك تقوى الله فالزمها تفزْ | ||
إِنَّ التّقِيَّ هو البهيُّ الأَهْيَبُ | ||
واعْمَلْ لطاعته تَنَلْ مِنْهُ الرِّضا | ||
إنَّ المطيع لربه لمقرب | ||
استرض بالقليل وستجد قوة الراحة فيه | ||
واليَأْسُ ممّا فات فهو المَطْلَبُ | ||
وَتَوَقَّ من غَدْرِ النِّساءِ خِيَانَة ً | ||
فجميعهن مكائد لكّ تنصب | ||
لا تأمن الانثى حياتك إنها | ||
كالأُفْعُوانِ يُراعُ منه الأَنْيُبُ | ||
لا تأمن الانثى زمانك كله | ||
يوما ، وَلَوْ حَلَفْتْ يَمينا تَكْذِبُ | ||
تُغري بطيب حَديْثِها وَكَلامِها | ||
وإذا سطت فهي الثقيل الأشطب | ||
والْقَ عَدُوَّكَ بالتَّحِيَّة ِ لا تكنْ | ||
مِنْهُ زمانَك خائفا تترقَّبُ | ||
واحْذَرْهُ يوما إِنْ أتى لك باسما | ||
فاللَّيْثُ يَبْدو نابُه إذْ يَغْضَبُ |