حوار بين اليأس والأمل
مع مرور الحياة، نحن دائما في صراع بين اليأس والأمل. في بعض الأحيان يسيطر الأمل علينا وننظر إلى الحياة بتفاؤل، وفي بعض الأحيان الآخر يسيطر اليأس علينا وننسى أن الحياة والأقدار بيد الله عز وجل وأن علينا التوكل عليه في كل خطواتنا. إذا تحدث اليأس مع الأمل، فما هو الحوار الذي يدور بينهما وماذا يمكن أن يعبر عن اليأس والأمل
الأمل
هي تلك الطاقة الإيجابية التي نشعر بها ونستمدها من الروحانية وعلاقتنا مع الله عز وجل، وتساعدنا على الثقة بالنفس والمضي قدمًا في الحياة.
حوار اليأس مع الأمل
الأمل: أخبرني عن تلك الأيام الرائعة التي تمر بحياتك.
اليأس: هذا كلام فارغ! لا يوجد أيام رائعة في الحياة، فاليوم المؤلم والحزين يمر على الإنسان كأيام أخرى.
الأمل: تعتبر هذه مبالغة منك، فساعة الألم والضيق هي اختبار من الله عز وجل، وهي خير من ألف غيرها في السعادة والهناء، لأن تلك الساعة تبين المعدن الأصيل للمؤمن الحقيقي.
اليأس: لماذا تزين الواقع البائس ببعض الكلمات والعبارات؟ هل لا يمكن للفرد أن يعيش حياة عقلانية ومستقرة بعيدًا عن الطموح والأهداف؟ يا صديقي، فالضغوط والصعوبات يمكن أن تضرب الإنسان وتجعله ينهار.
الأمل: دع الإنسان يمر بالتجارب والابتلاءات حتى يتقرب من الله في كل مرة ويحظى برحمته. انظر إلى السماء، ألم تر شروق الشمس الساطع كل صباح باكر يا صديقي؟
اليأس: تتجنب المشاركة في الحوار وتصنع حوارات جانبية، ما العلاقة بين شروق الشمس وموضوع حديثنا الآن؟
الأمل: تمثل الشمس كناية عن بدء حياة جديدة، مليئة بأهداف وتحديات أكثر إثارة. عندما تشرق الشمس بعد كل غروب، يتجدد الأمل. وكذلك، يقوم الإنسان بإعادة ترتيب أهدافه وأفكاره وحياته الشخصية بشكل أكثر تنظيمًا ونضجًا بعد كل تحدي يمر به. يجدد عهد الحيوية والأمل بحياته مرة أخرى.
اليأس: ما هذا التشبيه العجيب! يا لك من تبالغ
الأمل: لماذا هذا الكبرياء والعناد يا يأس العنيد؟ يجب أن تتعاطف مع الأشخاص ذوي النفوس الضعيفة، فارحل من حياة البشر وقلوبهم المثقلة بالهموم بسبب أفكارك، ودعهم يواجهون التحديات التي تواجههم في الحياة.
اليأس: أنت، أيها الأمل، السبب في شقاء البشر، حيث أدعيت لهم بالأحلام والأهداف التي يصعب عليهم تحقيقها، ولذلك أصابهم اليأس والفشل، يا صديقي.
الأمل: أنت تتحدث عن الأهداف على كونها أحلام صعبة المنال، أنظر نظرة ثاقبة إلى الحياة ستجد أن الأهداف ما هي إلا طموح يظهر كالأعلام على مرمى البصر ويسعى الفرد على مدار حياته لاقتناص تلك الأعلام العالية، فلا تمضي الأعوام إلا ينال الفرد تلك الأعلام واحد تلو الأخر بفخر وزهو بين مشاعر الفرح والنصر.
اليأس: كيف سيتمكن الناس من نسيان مأساة وذكريات الماضي البغيض المؤلم، والتي تظهر لهم كالأشباح في حياتهم؟.
الأمل: لماذا تركز على الماضي وتنسى المستقبل؟ فالماضي ليس إلا دروس وعبر وعظات نتعلم منها لنساعد في بناء مستقبل أفضل. فهو وسيلة لتحقيق النجاح. إذا ركز الإنسان على الماضي بصورة حزينة وألمية، فسوف يعيق ذلك مستقبله وأهدافه.
اليأس: تبالغ حقًا، فأنت تتحدث عن الماضي كما لو أنه الوقود الذي يغذي المستقبل، وهذا خاطئ، يجب على الفرد أن يدرك أن الحياة مليئة بالأحزان وليست سهلة كما يدعي بعض الناس، فأنت تخدع البشريّة فقط ولا غير ذلك.
الأمل: يجب على الناس أن يدركوا أن كل ضيق يأتي بفرج، وأن الضيق يأتي بدرس وعبرة لتزيد من خبرتنا ووعينا وتعلمنا.
اليأس: هل تعتقد أنه من السهل على الإنسان التغلب على الألم والحزن لبناء المستقبل وتحقيق الأهداف؟ هذا هراء.
الأمل: لما لا يا صديقي، هذه هي سنة الحياة على الأرض، فالإنسان خلق لتعمير الأرض وهذه هي رسالته التي يجب أن يسعى لها.
اليأس: أنا اليأس وأنا الحل الوحيد بعد كل فشل، وأنا أساعد الإنسان على العيش حياة هادئة وساكنة بعيدًا عن التفكير والطموح الزائد. دعونا نستقر ونهدأ وننسى المستقبل.
الأمل: هل يمكنك أن تستمع لي لبضع لحظات؟ أعلم أن الحياة مستمرة ما دام الأمل موجودًا، فالأمل هو مفتاح السعي والتقدم والإيمان بالله والسعي لرضاه عز وجل.