حكم اتهام الناس بالباطل
خلال حياتنا، يمكن أن يختلط الحق بالباطل مما يجعل من الصعب علينا تحديد الطريق الصحيح، وقد يؤدي هذا إلى الظن السيئ بالآخرين وإحداث الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث مشكلات وجرائم، ولذلك من المهم أن نتحلى بالحذر ونتجنب الاستنتاجات الخاطئة والظن السيئ بالآخرين وأفعالهم.
ومع ذلك، وضع ديننا حدا لهذه المشكلة لمنع إيذاء الآخرين، فقد يظن البعض أن الأمر بسيط ولا يحتاج إلى التفكير والعقاب، ولكن بسبب حدوث الكراهية بين البشر وحدوث الجرائم، فإن وجود عقوبة رادعة ضروري للحد من هذا السلوك الشائن، فقد حدد الإسلام عقوبة لأي شخص يتهم الآخرين بدون دليل خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالشرف.
حكم اتهام الناس بالباطل :
لقد بحث الكثير من علماء الدين الاسلامي في أمر اتهام الناس بالباطل وما يعقبه من فساد وفسق فجور وقد وضحها رب العزة في قوله تعالى: فيقول: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”.
يقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر: إذا شاع على رجل مسلم بكلمة ما واتهمه بها في الدنيا، فإنه بريء منها، ولكنها ستشينه في الدنيا. ويكون عليه حقا أمام الله أن يعذبه في النار يوم القيامة حتى يأتي بدليل على صحة ما قاله واتهمه به بين الناس .
يجب أن يتم تنفيذ العقاب كما هو مذكور في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز عن رمي المحصنات `والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا منهم شهادة أبدا، وأولئك هم الفاسقون، إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا، فإن الله غفور رحيم`
فإذا تم تطبيق ما ذُكر في الآية الكريمة من جلد من يرمي المحصنة بالباطل ثمانين جلدة ولا يقبل شهادتهم، فلن يستطيع من يقوم بهذا الفعل القيام به مرة أخرى، وبذلك ستختفي ظاهرة ترويج الشائعات ضد العديد من المحصنات التي تتبعها جرائم الشرف والعديد من الجرائم الأخرى.
أليست تلك العقوبة قاسية ولا تتناسب مع عصرنا الحالي؟
سأل أحد الأشخاص عالم من علماء الشريعة الاسلامية قائلا: هل لا تبدو هذه العقوبة قاسية وغير مناسبة لعصرنا الحالي في مجتمعاتنا العربية؟
أجاب الأستاذ علم الشريعة بأن العقوبة يجب أن تكون قاسية ورادعة حتى لا يستخف الناس بهذا الجرم، ورغم أن الله يغفر للعباد الكثير من الذنوب، فإن عقوبة الخوض في أعراض الناس يجب أن تكون قاسية لحماية الأعراض وعدم الخوض في أعراض المحصنات، لأن ذلك يسيء لسمعتهن وكرامتهن وسمعة ذويهن من العائلة والزوج والأولاد، ويؤدي ذلك إلى ارتكاب جرائم بين الناس.
يؤكد أيضًا ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في هذا الأمر، خاصة لجعل العقوبة رادعة للحد من انتشار جرائم الشرف التي انتشرت بشكل مفزع في السنوات الأخيرة.
تضليل بعض القنوات الاعلامية للناس ونشر اخبار كاذبة:
فيما يتعلق بالإعلام الذي ينشر أخبارا كاذبة، يجب تحديد عقوبة رادعة، نظرا للهلع والمشاكل التي يتسببون فيها للأفراد الذين يتابعون تلك الأخبار، ولما يترتب على تلك الأخبار من مشاكل وأضرار لسمعة الكثير من الشرفاء. لذلك، فمن الضروري معاقبتهم وعدم الاعتماد على شهاداتهم في المحاكم، وذلك لجعلهم يتأكدون من الأخبار قبل تداولها، بدلا من السعي وراء الشهرة على حساب الأشخاص الشرفاء الذين يتعرضون للضرر.
يجب على المرتكبين لهذه الخطيئة أن يطلبوا المغفرة والتقرب إلى الله، عسى أن يغفر الله لهم جراء إيذاء الآخرين في سمعتهم وحياتهم، كما ذكر في قول الله تعالى: `وَمَنْ يَغْفِرْ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ تَابَ عَلَيْهِ`.