جرائم التجارب على الحيوانات
التجارب على الحيوان
يعد التنبؤ بمدى السمية التي يمكن أن تسببها العديد من الأدوية أمرًا صعبًا، لذلك يتم استخدام التجارب على الحيوانات كوسيلة للتأكد من ذلك ومعرفة مدى التأثير الذي قد يحدث على البشر، ويجب القول بأن هناك بعض الأشخاص المعارضين لتلك الفكرة والبعض الآخر يشجعها ولكل منهما حجته ودوافعه القوية.
يقصد بهذا النوع من التجارب تلك الاختبارات التي يمكن من خلالها التحكم في عدة متغيرات يمكن أن تؤثر على السلوك البيولوجي للموضوع المدروس، وتتم هذه التجارب في الجامعات أو المؤسسات التجارية وكذلك المدارس الطبية
يتم تجريب الحيوانات في مختلف المجالات بهدف تحسين صناعة الأدوية التي يستخدمها البشر، ويستخدمون الحيوانات في هذه التجارب لاكتشاف العلاج المناسب لمرض معين. تختلف نسبة هذه التجارب من بلد لآخر، ومع ذلك، يوجد العديد من الأشخاص المعارضين لهذا الأمر.
هل يجب استخدام الحيوانات في البحث
عادةً ما يتم استخدام الحيوانات في البحوث والدراسات الطبية الحيوية منذ القدم، حيث تم العثور على العديد من الأدلة التي تشير إلى حدوث ذلك منذ الحضارة الإغريقية، حيث كان كلاً من أرسطو وإيراسيستراتوس أول من أجرى هذا النوع من التجارب على الحيوانات، وتستمر هذه العملية حتى يومنا هذا
في القرن التاسع عشر وتحديدا في فترة التسعينيات، قام العالم “إيفان بافلوف” بتجربة على الكلاب، ليصف من خلالها نظريته “الإشراط الكلاسيكي” ضمن النظرية السلوكية، وقد ساعدت تلك الأبحاث في استنباط الكثير من نظريات التعلم.
تمكنت التجارب التي أجريت على الكلاب من اكتشاف علاج لمرض السكري، وكان ذلك يمثل ثورة في الطب في ذلك الوقت. كان من الأهمية بمكان التحقق من فعالية هذا الدواء قبل تطبيقه على البشر، عن طريق إعطائه للحيوانات لمعرفة مدى تأثيره، خاصة بعد الحادثة المأساوية التي وقعت عام 1937 وأدت إلى وفاة أكثر من 100 شخص جراء تناول دواء ما. ومنذ ذلك الحين، اتخذت العديد من الدول في جميع أنحاء العالم تشريعات تتطلب اختبار الدواء على الحيوانات قبل طرحه في الأسواق.
أكدت جامعة ستانفورد على توفير الرعاية الكافية للحيوانات المستخدمة في التجارب، وهذا أمر مهم سواء من الناحية العلاجية أو العلمية. أشارت الجامعة أيضا إلى أن المعاملة الوحشية للحيوانات تؤدي إلى نتائج غير صحيحة وغير موثوقة وتسبب ضررا للإنسان. لذا، يجب التعامل بأخلاقية مع هذه الحيوانات، وهذا يعتبر من أهم سمات المناهج العلمية.
توجد عدة أسباب تجعل الإنسان يضطر إلى استخدام الحيوانات في إجراء بعض الاختبارات، ومن بين تلك الأسباب وجود العديد من الحيوانات التي تشبه الإنسان في العديد من الجوانب، ومن أشهر هذه الحيوانات الفئران حيث يتشابه حمضها النووي مع حمض الإنسان بنسبة تفوق 98%
وبسبب اعتراضها على العديد من المشكلات الصحية التي يتعرض لها البشر، مثل سرطان الثدي ومرض السكري، تعتبر هذه الحيوانات سهلة الدراسة لأنها لديها دورة حياة قصيرة نسبيا مقارنة بالإنسان. وبالتالي، يمكن إجراء الدراسات عليها بسهولة لمعرفة مدى التأثير الذي يحدثه أي عقار على نظامها البيولوجي عبر الأجيال المختلفة.
الحجج المعارضة للتجارب الطبية على الحيوانات
هناك معارضون لفكرة إجراء تجارب طبية على الحيوانات، ولديهم حجج ودلائل قوية تشير إلى ضرورة منع هذه التجارب التي تستخدم سنويًا عددًا كبيرًا من الحيوانات لأغراض صناعية وطبية، والعدد المستخدم يتجاوز 150 مليون حيوان في شتى أنحاء العالم.
وقد أشارت تلك الدراسة إلى بعض المخاوف من مدى موثوقيه النتائج الخاصة بتلك الأبحاث، وكذلك القيمة التنبؤية لها على الإنسان وفهم الفسيولوجية الخاصة به، كما توجد بعض الأدلة التي تشير إلى الآثار السلبية التي قد تلحق بالإنسان نتيجة تلك التجارب، ومن أبرز الحجج المعارضة لتلك التجارب التي تجرى على الحيوانات ما يلي:
التجارب التي تجرى على الحيوان تتميز بالقسوة وعدم الإنسانية
يرى المعارضون لتجارب الحيوانات أن الحكم بالموت على أكثر من مائة مليون من الحيوانات غير أخلاقي، لأن هذه الحيوانات لديها مشاعر مثل الإنسان، يشعرون بالخوف والألم والوحدة وغيرها من المشاعر داخل الأقفاص التي يتم استخدامها في التجارب
يعتبر المعارضون أيضا أن للحيوان حقوقا مماثلة لحقوق البشر، وأن انتهاك تلك الحقوق يعد جريمة، بالإضافة إلى أنه من المؤكد أن تجربة الحيوانات تسبب لها ضررا، ووفقا لما ذكرته جمعية الرفق بالحيوانات، تؤدي هذه التجارب إلى تعرض الحيوان للحرمان من الغذاء والنوم، وقد يتعرض للحروق، بالإضافة إلى الألم والقتل عن طريق عدة طرق مثل الاختناق بغاز CO2، أو قطع الرأس وكسر العنق وغيرها من الوسائل التي تسبب ألما شديدا للحيوان.
يسمح التقدم العلمي باستخدام أساليب متنوعة أخرى لا تشمل تلك التجارب على الحيوانات
في الوقت الراهن، ونتيجة للتطور الذي يشهده العالم في جميع المجالات، وأبرزها المجال الطبي والعلمي، فقد تم تطوير العديد من الاختبارات التي تعد بديلا عن استخدام الحيوانات في إجراء التجارب أو الأبحاث العلمية، بالإضافة إلى أنها تحسن من دقة النتائج وتتنبأ بالمخاطر التي قد تلحق بصحة البشر أو البيئة بشكل عام.
يمكن استخدام “مزارع الخلايا المختبرية” كاختبار بديل لمعرفة ما إذا كانت المواد الكيميائية ستسبب حروق بالجلد أم لا، ويمكن طباعة الأنسجة الحية ثلاثية الأبعاد مثل الكبد بفضل التطور العلمي.
وذلك عن طريق اختبار سمية الأدوية عليه، وتعتبر `وكالة حماية البيئة` هذه البدائل موثوقة للغاية، مما يؤدي إلى تقليل الاختبارات التي تجرى على الحيوانات بنسبة تصل إلى 30% بحلول عام 2025، وتنهيها تماما في عام 2035، وأضافت جمعية `الرفق بالحيوان` أن تكلفة التجارب المخبرية أقل بكثير من تلك التي تجرى على الحيوانات، ولذا ينصح باستخدامها كبديل.
الأدوية التي يتم استخدامها في تجارب الحيوانات غالبا ما تكون غير آمنة
تعتبر هذه الحجة واحدة من أهم الحجج المعارضة لإجراء مثل هذه التجارب على الحيوانات، حيث تشير إلى أن الأدوية التي تم اختبارها على الحيوانات واجتيازها ليست بالضرورة آمنة على الإنسان، وقد حدث في فترة الخمسينيات من القرن الماضي أن تم اختبار “حبة الثاليدوميد” التي قيل عنها آنذاك أنها تساهم في علاج اضطرابات النوم لدى الفئران الإناث الحوامل دون أن تسبب أي تشوهات خلقية للجنين.
إلا في حال أخذت بجرعات مرتفعة للغاية، وقد حدث ما يخالف ذلك حيث ولد حوالي 10 آلاف طفل مصابين بتشوهات حديثة نتيجة تعاطي الأم الحامل لتلك الحبوب، مع أنّ أنها أثبتت عدم إحداثها لذلك عند تجربتها على الحيوانات، وهناك عقار آخر يستعمل لعلاج المفاصل تم اختياره على الفئران لمعرفة مدى التأثير الذي يحدثه على القلب.
وأشارت كافة النتائج أنه لا يسبب أي أضرار عند استعماله من قبل الإنسان، إلا أنه تسبب في حدوث ما يزيد عن 27000 نوبة قلبية، بالإضافة إلى وجود وفيات عدة مفاجئة نتيجة الإصابة بتلك النوبات القلبية، وفور حدوث ذلك تم اتخاذ القرار بسحبه من الأسواق لذلك تعد تلك التجارب غير آمنة في أغلبية الأوقات.