اسلاميات

تقرير عن الاقليات الاسلامية في اوروبا

يعيش حوالي ٢٦ مليون مسلم في أوروبا الآن، ويشكلون حوالي ٥ في المئة من سكانها، ويتميز المسلمون الذين يعيشون في أوروبا بأنهم أكثر شبابا من السكان الأصليين، وقد زاد دورهم في السياسة الغربية خلال السنوات الأخيرة، وأصبحوا يؤثرون بشكل ما في السياسة العامة لبعض الدول، ونشرت إحدى الصحف الكبرى في إنجلترا تقريرا مفصلا عن المسلمين في أوروبا والولايات المتحدة، وكيف تكاملوا تدريجيا في المجتمعات الأوروبية، التي كانت صعبة في الماضي بالنسبة للعديد منهم في التكيف مع الثقافة والقيم، بينما كان الاندماج في الولايات المتحدة أسهل بكثير بسبب تأريخها وتنوعها.

جدول المحتويات

الإسلام في أوروبا

تاريخيا، عرفت أوروبا الإسلام منذ فترة بعيدة، حيث دخل الإسلام إليها قديما، ولذلك فإن مشكلات الإسلام والمسلمين في أوروبا أعمق وأكثر إشكالية منها في أي مكان آخر يوجد فيه مسلمون. ودخل الإسلام إلى أوروبا بالحرب في أسبانيا في القرن الثامن الميلادي، ودخل مرة أخرى إلى جنوب شرق أوروبا عن طريق الدول والإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن الرابع عشر.

 من المؤكد تاريخيا أن المسلمين في أوروبا يختلفون عن المسلمين في أميركا بشكل كبير. فبقي المسلمون في أوروبا بعد رحيل العثمانيين، وعملت الدول الأوروبية في فترة ما على استقدام المزيد من المسلمين للعمل كجنود وعمال. وكانت شمال أفريقيا، مثل الجزائر والمغرب وتونس، من بين الأماكن التي جلب منها العديد من المسلمين. كما جندت أوروبا ما يقدر بنحو 3.5 مليون مسلم من مستعمراتها للمشاركة في الحرب العالمية الأولى والثانية. وبعد انتهاء دور هؤلاء الجنود، عاد معظمهم إلى بلدانهم، ولكن عددا كبيرا منهم عادوا إلى أوروبا لإعادة بناء ما دمره الأوروبيون في حروبهم.

واستقدمت بريطانيا مئات آلاف من العمال الباكستانيين من جبال كشمير وبنجلادش، وجلبت فرنسا العمال من مستعمراتها في شمال أفريقيا، بينما عملت ألمانيا بشكل كثيف مع عمالة تركية، وأسفر تدفق اللاجئين من دول العالم الإسلامي عن تغيير الديموغرافيا نوعا ما حيث وصل إلى دول أوروبا على اختلاف توجهاتها وتنوع مواقفها ما بين القبول والرفض لدخول المسلمين والعرب إلى أراضيها، ففي الفترة الواقعة بين عام 2014 و2016 وحدها، وصل إلى أوروبا قرابة مليون مهاجر أغلبيتهم من العرب.

نشرت بعض المواقع تقارير تفيد بأن اسم محمد هو الأكثر شعبية في العديد من البلدان الأوروبية، حيث يطلقه المسلمون العربعلى مواليدهم الجدد.

تعاظم دور الأقليات المسلمة في أوروبا

يشهد الوجود الإسلامي في أوروبا للأسف إلى حالة من عدم التجانس، حيث تختلف غالبية الجاليات المسلمة في الثقافة والإثنية وأحيانا في الشعائر الدينية، لكن السمة التي تأتي على نقيض هذه الملاحظة السابقة والتي ترتبط بعوامل ومحددات أخري ليس من بينها تجانس المسلمين أو تشرذمهم، هي أن موجة المسلمين الذين وصلوا إلى أوروبا في القرن العشرين، شهدت نجاح الكثير منهم في مجتمعاتهم الجديدة، وهو ما ينطبق تحديدا على الجيل الثالث من المسلمين في أوروبا وهم من توفر لهم ما لم يتوفر للآباء المؤسسين للوجود الإسلامي في أوروبا.

فقد عاش أبناء الجيل الثالث في مدن صناعية، وجعلهم نجاحهم يشعرون بثقة كبيرة بهويتهم الغربية أو الإسلامية، كما ساعد هذا النجاح على مضيهم قدما في الاندماج الذي تعززه بعض القوى والتيارات الأوروبية على العكس من قوى اليمين المتطرف التي ترى في كل ما هو عربي أو مسلم قنبلة موقوتة ينبغي التخلص منها وتفجيرها بعيدا عن التراب والأوطان الأوروبية.

ساهم هذا النجاح أيضا في تعزيز دور المسلمين في السياسة الغربية، حيث تم انتخاب صادق خان، مسلما، عمدة لندن، أكبر مدينة في أوروبا. وكان أحمد أبو طالب، مغربيا، عمدة روتردام، أكبر ميناء في أوروبا. وبالإضافة إلى ذلك، تلعب الأقليات الإسلامية في أوروبا دورا بارزا في مجالات الترفيه والرياضة والأزياء وغيرها من المجالات.

الخوف من الإسلام

خلال العقدين الأخيرين، تعرضت أوروبا للعنف والخوف. وأشارت تقارير عدة إلى وقوع أكثر من 3670 شخصا ضحية هجمات إرهابية في الغرب منذ عام 2000، نفذها أفراد ينتمون للتنظيمات والحركات الجهادية. ولا يمثل هؤلاء سوى نسبة ضئيلة من المسلمين في الغرب. ومع ذلك، أثارت هذه الهجمات قلق الأوروبيين وترسخت في ذهن بعضهم فكرة أن الإسلام يشكل خطرا يهدد حياتهم ويجب القضاء عليه. استغلت القوى اليمينية المتطرفة هذا الأمر لتأجيج العداء تجاه المسلمين ودينهم بهدف تحقيق مكاسب سياسية تؤهلها للوصول إلى السلطة.

المسلمون في أوروبا وخبرة الماضي

أسهمت خبرة الماضي في جعل الأقليات المسلمة في أوروبا  تحذر على مستقبلها وتحتاط من أجل هذا المستقبل الذي تحيط به قوى عديدة تفعل كل ما في وسعها للتخلص من هذا الوجود، وتؤكد ممارسات الأقليات الإسلامية في أوروبا على أن أنهم مقبلون على مرحلة جديدة، حيث يمارسون ديانتهم بما يتوافق مع مجتمعات شديدة التنوع وأنظمة حكم علمانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى