تعتبر بحيرة ساوة من بين أغرب البحيرات في العالم، حيث تعني كلمة ساوة العجوز، ويقال إن لفظ ساوة مأخوذ من الكلمة الآرامية سورث، وعلى الرغم من أنها تعد من أقدم البحيرات التي تذكر في كتب التاريخ، إلا أنها لا تحظى حاليًا بالزيارات التي تستحقها .
الموقع الجغرافي والمساحة لبحيرة ساوة
بحيرة ساوة موجودة في العراق، جنوب غرب مدينة السماوة بمحافظة المثنى، تلك المحافظة تبعد عن بغداد 282 كيلو متر، توجد البحيرة على شكل كمثرى بمساحة 12.5 كيلو متر مربع، و70 % من مساحتها يصل عمقها إلى حوالي 5 إلى 5.5 متر، أما المساحة الباقية فلم يتم التعرف على عمقها حتى الآن، ويبلغ طولها حوالي 4 كيلو متر، وعرضها 2 كيلو متر .
يتميز موقع البحيرة بالغرابة حيث تقع في صحراء السماوة، وتحيط بها صخور ترسبت من الكالسيت، ولا يوجد أي مصدر لتغذية المياه فيها، بل تتغذى من المياه الجوفية داخل جدرانها، وترتفع البحيرة 5 أمتار فوق سطح الأرض المحيطة بها، مما يجعلها غير مرئية إلا عند الاقتراب منها، كما تبعد عن نهر الفرات 10 كيلومترات وترتفع 11 مترا فوق مستوى سطح النهر .
صفات بحيرة ساوة
تشكلت البحيرة قبل عشرة آلاف سنة في العصر الهولوسين، الذي هو الحقبة الثانية والأخيرة في العصر الرباعي، والذي يمثل الفترة الأخيرة من الزمن الجيولوجي والممتد حتى الآن. وبالرغم من أننا نعيش الآن في فترة دفء، إلا أنه من المتوقع عودة الجليد مرة أخرى بعد عدة آلاف من السنين .
تتميز بحيرة ساوة بأن مستوى مياهها ثابت دائماً، على الرغم من وجودها في منطقة الصحراء الحارة بين المملكة والعراق، والتي تجعلها تتبخر بسرعة، إلا أن نسبة المياه فيها تظل ثابتة. عندما تسحب هذه المياه خارج البحيرة، تتحول إلى أحجار كلسية .
وأخذ العلماء بعض مياه بحيرة ساوة لتحليلها مخبريا، وفوجئوا بالتشابه الكبير بين مياه البحيرة ومياه بحر قزوين، رغم أنها تبعد آلاف الكيلومترات، وليست على نفس مستوى الارتفاع. وعندما قام العلماء بتحليل عينة من الماء معمليا، وجدوا أن كثافة ماء البحيرة يفوق بكثير كثافة مياه الخليج العربي وجميع البحار، كما وجدوا أن نسبة الملوحة فيها بلغت 1600 جزءا في المليون، وهو رقم مستحيل أن يوجد في البحيرات، ولم يتمكن العلماء من إيجاد أي تفسير لهذا الأمر .
تتراوح درجة الحرارة في منطقة بحيرة ساوة بين 27 و 44 درجةمئوية، مما يجعلها منطقة جافة، وتصل أعلى درجة تبخر لمسافة 506 متر، في حين تكون أدنى درجة تبخر لمسافة 89 مترًا فقط .
تتميز مياه ساوة بأنها غنية بالكبريت والكالسيوم، وبالتالي فهي تستخدم في العلاج والاستشفاء من العديد من الأمراض الجلدية.
يحيط بالبحيرة عدد كبير من الكهوف التي لم يتم اكتشاف حقيقتها وأسرارها حتى الآن، ولكن هناك دلائل تشير إلى أن هذه الكهوف كانت مأهولة في العصور السابقة، ولكن لا تزال هذه النتائج غامضة نوعًا ما .
الحياة البرية والنباتية في بحيرة ساوة
تعيش في بحيرة ساوة نوع واحد فقط من الأسماك التي لا تتجاوز طولها 10 سنتيمترات، وهي أسماك عمياء وشفافة تسمى (Arabian toothcarp) وتنتمي إلى فصيلة الأفانيوس. يمكن رؤية الهيكل العظمي لهذه الأسماك ويتميز جسمها بنسبة عالية من الدهون، مما يجعل صيدها وطهيها صعبا وشديد الصعوبة لأنها تنصهر بالكامل على النار. لا تعيش أي أنواع أخرى من الأسماك في البحيرة بسبب ملوحتها العالية، الأمر الذي يجعلها أقرب لمياه المحيطات من مياه الأنهار والبحيرات .
وفي قاع البحيرة يعيش نوع من الحلزون يسمى Pomatiopsis، وهو حلزون يعيش في المياه المالحة، ولا يوجد أي نباتات حول البحيرة أو داخلها بسبب ملوحتها العالية غير المناسبة لحياة النباتات. أما بالنسبة للطيور المائية، فيوجد عدة أنواع تقدر بحوالي 25 نوعا، ومن أشهرها: الغطاس الصغير، الهدد العراقي، البط، الغر الأوراسي الذي ينتمي إلى الطيور المرعة، والخناق الرماد .
ونظرا لتمتع البحيرة بموقعها في الصحراء، نجد بعض الحيوانات التي تحيط بها مثل الثعالب والضباع وغرير العسل، وهو من جنس الغرير من فصيلة ابن عرس، ويعرف شعبيا باسم جربوع الخوال أو الضرنبول، ولا يوجد في العراق فقط، بل يوجد أيضا في المملكة العربية السعودية وعمان وإيران ودول جنوب غرب آسيا .