اسلامياتالقران الكريم

تفسير ” يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا “

في يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا، لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذوا عهدا عند الرحمن. هذا ما ورد في تفسير ابن كثير، حيث يخبر الله عن أوليائه المتقين الذين خافوه في الحياة الدنيا، واتبعوا رسله وصدقوهم فيما أخبروهم، وأطاعوهم فيما أمروهم به، وامتنعوا عن ما نهوهم عنه. فسيحشرون يوم القيامة وفدا إلى الله.

تفسير الآيات:
{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}: الوفد هم القادمون ركباناً ومنه الوفود، وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة، وهم قادمون على خير موفود إليه إلى دار كرامته ورضوانه، {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}: وأما المجرمون المكذبون المخالفون لهم فإنهم يساقون عنفاً إلى النار {وِرْدًا}: عطاشاً قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد.

قال ابن أبي حاتم، عن ابن مرزوق: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}، حيث يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أفضل صورة رأيتها وأطيب رائحة شممتها، فيقول: “أتعرفني؟” فيقول: “لا، ولكن الله قد طهر رائحتك وجعل وجهك جميلا.” فيقول المؤمن: “أنا عملي الصالح، وكنت كذلك في الدنيا، فهلم فاركبني حتى أركب معك”، وهذا هو قوله: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}. [أخرجه ابن أبي حاتم]

قال ابن عباس: ركبانا، وقال أبو هريرة {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}: قال: على الإبل. وقال الثوري: على الإبل النوق، وقال قتادة {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}: قال: إلى الجنة، عن ابن النعمان بن سعيد قال: كنا جلوسا عند علي رضي الله عنه، فقرأ هذه الآية {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}: قال: لا والله ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثله، عليها رحائل من ذهب فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة [رواه ابن أبي حاتم وابن جرير] وزاد: عليها رحائل من ذهب وأزمتها الزبرجد.

وقوله تعالى {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}: أي جائعين، {لا يمتلكون الشفاعة}: أي ليس لديهم من يتوسط لصالحهم كما يتوسط المؤمنون بعضهم لبعض، كما ذكر تعالى عنهم: {فما لنا من متوسطين ولا صديق حميم} [سورة الشعراء: 100-101]، وقوله: {إلا من يأخذ عهدا عند الرحمن}: هذا استثناء محدد، يعني: ولكن من يأخذ عهدا عند الرحمن، وهو شهادة أن لا إله إلا الله، والالتزام بها. قال ابن عباس: العهد شهادة أن لا إله إلا الله، ويرفض الاعتماد على أي شخص أو قوة ولا يأمل إلا في الله عز وجل.

وقال ابن أبي حاتم، عن الأسود بن يزيد، قال: قرأ عبدالله بن مسعود هذه الآية {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا}، ثم قال: اتخذوا عهدا مع الله، فإن الله يقول في يوم القيامة: من كان له عند الله عهد فليقم، فقالوا: يا أبا عبد الرحمن، فعلمنا، فقال: قولوا: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا، أنك إن تكلني إلى عمل يقربني من الشر ويبعدني عن الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي عندك عهدا تؤديني إليه يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد. وكان المسعودي يلحق بهذا الدعاء: خائفا مستجيرا مستغفرا راهبا راغبا في الجنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى