اسلامياتالقران الكريم

تفسير ” وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا “

قال تعالى: في الجاهلية، كانت العادة أن يذهب الرجل مع أسرته إلى الصحراء ويصعد أعلى تلة ويصرخ قائلا: “أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن إذا أذيت نفسي أو مالي أو ولدي أو ماشيتي”. وكان بعض الرجال من الإنس يستعينون برجال من الجن، ولكن الاستعانة بهم تزيد من الأذى الذي يتعرضون له من الجن.

تفسير الآية:
{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ}: نرى أن لدينا فضلا على الإنس، لأنهم كانوا يعوذون بنا، أي إذا نزلوا واديا أو مكانا موحشا من البراري وغيرها، كما كان عادة العرب في جاهليتهم يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان لكي لا يصيبهم شيء يسوؤهم. وكان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار رجل كبير وذمامه وخفارته، وعندما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم، زادوهم خوفا ورعبا.

{فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}: يتم تشديد الخوف والإرهاب والذعر على الآخرين حتى يبقوا أكثر خوفا وتعوذا بهم، كما قال قتادة: `فزادوهم رهقا` وذلك يعني أنهم قاموا بالإثم وزادت الجن عليهم جرأة. وقال السدي: كان الرجل يخرج بأهله فيأتي الأرض فينزلها فيقول: `أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن إن أضر أنا فيه أو مالي أو ولدي أو ماشيتي`، وعندها يتعرضون للأذى من الجن. وعن عكرمة قال: كان الجن يفرقون بين الإنس كما يفعل الإنس بينهم، أو أشد من ذلك، وكان الإنس إذا نزلوا في واد، يهرب الجن، فيقول سيد القوم: `نعوذ بسيد أهل هذا الوادي`، ويقول الجن: `نراهم يفرقون بيننا كما نفرق بينهم`، ومن ثم يتعرضون للخبل والجنون، وهذا هو ما ذكره الله في قوله: `وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا`

وعن كردم بن أبي السائب الأنصاري قال: خرجت مع أبي من المدينة في حاجة، وذلك كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة. وقد نامنا عند راعي الغنم، وفي منتصف الليل، جاء ذئب وأخذ حملا من الغنم. فصرخ الراعي: “يا عامر الوادي، هناك شخص ينادي ولا نراه. يقول: “يا سرحان، أرسله.” وجاء الحمل بقوة حتى دخل في الغنم دون أن يصاب بأذى. وأنزل الله في مكة على رسوله: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا}. ومن الممكن أن يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل كان من الجن، حتى يرهب الإنسان ويخاف منه، ثم يعود به لما استجار به، ليضله ويهينه، ويخرجه عن دينه. والله أعلم.

الدروس المستفادة من الآية:
ينبغي اللجوء والاستعانة بالله وحده، ولا ينبغي اللجوء إلى أي شخص آخر.
يجب على المسلم أن يذكر الله باستمرار ولا ينقطع ذكره أبدًا.

التعوذ والاستعاذة يتم باستخدام اسم الله فقط وليس باستخدام أي ذكر آخر.
– أن الاستعانة بالجن على قضاء الحوائج ضلال وكفر لأنه لا مانع لما يعطي الله ولا معطي لما يمنعه الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى