تفسير قول الله ” وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد “
في سورة ق الآية 31، قال تعالى: “وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد”، ويأتي تفسير الآية الكريمة فيما يلي .
تفسير ” وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد “
تفسير الطبري
فسر الإمام الطبري قول الله تعالى: (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد) بأن الجنة أصبحت قريبة للمتقين الذين يتقون الله ويؤدون فروضهم ويجتنبون المعاصي، وقد قال قتادة في تفسير هذه الآية: إن الجنة قد اقتربت بالفعل (غير بعيدة) .
وفسر قوله تعالى (َهذا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ )، حيث أن قوله ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ ) هذا الذي وعدم الله به بسبب ايمانهم واتباعهم أوامر الله، فوعدهم الله أن يدخلوا الجنة ويستقروا بها، وفسر قوله تعالى ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) أي لكل شخص رجع عن معصية وتاب واستغفر عن ذنبه ومعصيته.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى هذه الآية فهناك من قال هو الشخص المسبح، وهناك من قال أنه التائب، حيث قيل عن ابن عباس في قوله تعالى ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) : لكلّ مسبح، وقيل عن مجاهد : الأوّاب : المسبح، وقيل عن الحكم بن عتيبة في قوله تعالى ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) : هو الذاكر الله في الخلاء.
وقيل عن مجاهد في قوله تعالى ( لكل أواب حفيظ ) : الذي يذكر ذنوبه فيستغفر منها، وقيل عن الشعبي في قوله تعالى ( هذا ما توعدون لكل أواب ) : هو الذي يذكر ذنوبه في خلاء فيستغفر منها : أي مطيع لله كثير الصلاة، وقد قال ابن زيد في قوله تعالى ( لكل أواب حفيظ ) : الأواب: التواب الذي يئوب إلى طاعة الله ويرجع إليها، وقيل عن يونس بن خباب في قوله ( لكل أواب حفيظ ) : الرجل يذكر ذنوبه, فيستغفر الله لها.
قال التميمي في قوله تعالى (حفيظ) : سُئل ابن عباس عن الأواب الحفيظ، فقال إنه يحفظ ذنوبه حتى يتركها، وقيل عن قتادة في تفسير قوله تعالى “حَفِيظٍ”: إنه حفيظ على ما استودعه الله من حقوقه ونعمه.
تفسير القرطبي
قام شمس الدين القرطبي بتفسير قوله تعالى (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد)، وهذا يعني أن الجنة اقتربت منهم لأنهم اجتنبوا المعاصي وتابوا إلى الله وأصبحوا من المتقيين .
ويفسر قوله تعالى `هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ` بأنه ما وعدهم الله به في الدنيا على لسان الرسل، وذلك بسبب ابتعادهم عن المعاصي وكثرة استغفارهم، ويتم تفسير قوله تعالى `أواب حفيظ` بأنه الشخص الذي يتوب عن المعاصي ويرجع إلى الله
وقد قيل عن ابن عباس وعطاء : الأواب المسبح هو الذاكر لله تعالى في الخلوة، وقد قال الحكم بن عتيبة: `هو الذاكر لله تعالى في الخلوة`. وقد قال الشعبي ومجاهد: `هو الشخص الذي يذكر ذنوبه في الخلوة ويستغفر الله منها`. وقد قال عبيد بن عمير: `هو الشخص الذي لا يجلس في مجلس حتى يستغفر الله تعالى فيه`. وقد قيل عن عبيد بن عمير: كنا نحدث أن الأواب الحفيظ الذي إذا قام من مجلسه يقول: `سبحان الله وبحمده، اللهم إني أستغفرك مما أصبت في مجلسي هذا` .
قال أبو بكر الوراق في قوله تعالى (أواب حفيظ) : – يشير مصطلح “الحفيظ” إلى الشخص الذي يعتمد على الله في السراء والضراء، ويعمل بهدف الاستمرار في ذكر الله والحفاظ على حقوقه ونعمه، وقد وصفه القاسم بأنه الشخص الذي لا يعتمد إلا على الله، ووصفه ابن عباس بأنه الشخص الذي يحافظ على حقوق الله، وقد وصفه قتادة بأنه الشخص الذي حفظ ما أوصاه الله به وأيدناه عليه .
قيل عن مجاهد في قوله تعالى ( حفيظ) : الحافظ هو الشخص الذي يحافظ بحق الله تعالى بالاعتراف به ويشكره على نعمه، وقال الضحاك: إنه الحافظ على وصية الله تعالى بالقبول، وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حافظ على أربع ركعات من أول النهار كان أوابًا حفيظًا.