تفسير قول الله ” ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد “
يقول الله تعالى في سورة ق الآية 18: “لا يخفى على الله من قول إلا يعلمه، وهو حاضر على كل شيء”. وفيما يلي تفسير هذه الآية .
تفسير (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)
تفسير القرطبي
فسر القرطبي قول الله تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) بأنه كلما تنطق الإنسان بأي شيء يتم كتابته وتسجيله، والرقيب له ثلاثة جوانب وهي: الأولى هو المتابع للأمور، والثانية هي الحافظ، والثالثة هي الشاهد. وقد قال الضحاك: إن العتيد له وجهان، الأول هو الحاضر الذي لا يغيب، والثاني هو الحافظ المعد للحفظ والشهادة. وقال الجوهري: العتيد هو الشيء الحاضر المهيأ، ويعتدي على تعتيدا وأعتده إعتادا، أي يعده لليوم. ومن هنا جاء قوله تعالى: وأعتدت لهن متكئا وفرسا عتدا وعتد بفتح التاء وكسرها المعد للجري، ويعود كل ذلك إلى معنى الحضور، ومن هنا جاء قول الشاعر: إن كنت غائبا عن عيني فإن ذكرك عندي في القلب محفوظ
تم ذكر ما يلي عن تفسير قوله تعالى `ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد`: يتم كتابة كل شيء يتحدث عنه الإنسان حتى الأنين الذي يصدره في مرضه، وهناك رأي آخر يفيد بأنه يتم كتابة ما يؤجر عليه أو يؤزره، وأيضًا يوجد رأي يفيد بأن كل ما يتحدث به الإنسان يتم كتابته، وفي نهاية اليوم يتم محو كل ما كان مباحًا .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما من حافظين يرفعان إلى الله ما حفظا فيرى الله في أول الصحيفة خيرا وفي آخرها خيرا إلا قال الله تعالى لملائكته اشهدوا أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة)، وقيل عن سيدنا علي رضي الله عنه : ( إن لله ملائكة معهم صحف بيض فأملوا في أولها وفي آخرها خيرا يغفر لكم ما بين ذلك ) .
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : (إن الحافظين إذا نزلا على العبد أو الأمة معهما كتاب مختوم فيكتبان ما يلفظ به العبد أو الأمة فإذا أرادا أن ينهضا قال أحدهما للآخر، فك الكتاب المختوم الذي معك فيفكه له فإذا فيه ما كتب سواء فذلك قوله تعالى : “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد غريب”) ، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله وكل بعبده ملكين يكتبان عمله فإذا مات قالا : ربنا قد مات فلان فأذن لنا أن نصعد إلى السماء فيقول الله تعالى : إن سماواتي مملوءة من ملائكتي يسبحونني ، فيقولان ربنا نقيم في الأرض فيقول الله تعالى : إن أرضي مملوءة من خلقي يسبحونني ، فيقولان يا رب فأين نكون فيقول الله تعالى : كونا على قبر عبدي فكبراني وهللاني وسبحاني واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة ).
تفسير الطبري
فسر الطبري قوله تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) بأن كل ما يقوله الإنسان يكتب، وقد قيل عن إبراهيم التيمي في قوله (إذا يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد) أن صاحب اليمين هو أمير أو أمين على صاحب الشمال، فإذا ارتكب العبد سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: احتفظ به، ربما يتوب.
وقيل عن ابن زيد, في قوله تعالى ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) : جعل معه من يكتب كلّ ما لفظ به, وهو معه رقيب، وقبل عن هشام الحمصي : أنه بلغه أن الرجل إذا عمل سيئة قال كاتب اليمين لصاحب الشمال : اكتب، فيقول: لا بل أنت اكتب فيمتنعان، فينادي مناد: يا صاحب الشمال اكتب ما ترك صاحب اليمين.