تفسير قول الله تعالى ” يوم تبلى السرائر “
في سورة الطارق الآية التاسعة، قال الله تعالى: `يوم تبلى السرائر`، وفيما يلي تفسير الآية الكريمة .
تفسير (يوم تبلى السرائر)
تفسير الطبري
فسر الإمام الطبري قول الله تعالى (يوم تبلى السرائر) بأنه يوم الاختبار حيث يظهر كل ما كان مختفيا في الدنيا عن أعين الجميع، وتشمل الفرائض التي لم يتم القيام بها والتي أمر الله تعالى بتنفيذها، وقد صرح عطاء بن أبي رباح بأن هذه الفرائض هي الصوم والصلاة وغسل الجنابة وتسمى السرائر، وإذا أراد الله تعالى أن يقول شخص “لقد صمت” أو “لقد صليت” أو “لقد غسلت” دون أن يفعل ذلك فهو ليس بصائم ولا صائم ولا صلاة ولا مغتسلا.
وقيل عن قتادة في قوله تعالى ” يوم تبلى السرائر” : إن هذه السرائر مختبرة، فأسروا خيرا وأعلنوه إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله، وقد قيل عن سفيان في قوله تعالى “يوم تبلى السرائر”: أي تختبر.
تفسير القرطبي
شمس الدين القرطبي قد فسر قوله تعالى `يوم تبلى السرائر`، حيث فسر قوله تعالى `تبلى` بمعنى `تمتحن وتختبر`، وقد قال أبو الغول الطهوي في الآية الكريمة: `ولا تبلى بسالتهم وإن هم صلوا بالحرب حينا بعد حين`، وهناك من رواها `تبلى` بضم التاء وتعني `تعرف`. وقد قال الراجز: `قد كنت قبل اليوم تزدريني فاليوم أبلوك وتبتليني`، أي أعرفك وتعرفني.
وهناك من نقلها “تبلى” بفتح التاء وتعني أنهم لا يتراجعون عن الحرب، حتى لو تكررت على مر الزمان، وهذا يعني أنه إذا تكررت الصعوبات على الإنسان، فإنها تضعفه. وهناك من يفسر قوله تعالى “تبلى السرائر”: أي تظهر وتكشف، وهذا يشمل كل ما يكون مكتوما في قلب الإنسان من خير أو شر، وما يكون مخفيا من إيمان أو كفر. وهذا كما قال الأحول: سيظل لها في أعماق القلب والروح سر ود يوم تظهر الأمور المكتومة.
وقد قيل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” ائتمن الله تعالى خلقه على أربع : على الصلاة والصوم، والزكاة، والغسل، وهي السرائر التي يختبرها الله عز وجل يوم القيامة”، وروى ابن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” ثلاث من حافظ عليها فهو ولي الله حقا، ومن اختانهن فهو عدو لله حقا : الصلاة والصوم، والغسل من الجنابة”
كما روى عن زيد بن أسلم عن الرسول صلى الله عله وسلم أنه قال “الأمانة ثلاث : الصلاة والصوم والجنابة، استأمن الله عز وجل ابن آدم على الصلاة فإن شاء قال صليت ولم يصل، استأمن الله ابن آدم على الصوم فإن شاء قال صمت ولم يصم، واستأن الله ابن آدم على الجنابة فإن شاء قال اغتسلت ولم يغتسل، اقرءوا إ شئتم يوم تبلى السرائر”.
وقال ابن مسعود : يغفر الله للشهيد كل شيء، إلا الأمانة والصلاة والزكاة التي وكلها، حيث يعاقب على هذه الخطايا. يتم تمثيل الوديعة للشهيد ويوضع في عنقه عندما يأخذها، ويطرح في قعر جهنم، ولكن يتم إعادتها إليه بعد ذلك، ويحاول الشهيد إخراجها، ولكن يكون ذلك مستحيلاً، ويتبع الوديعة في عنقه دهر الدوام .
قال أبي بن كعب : من الأمانة أن تحتفظ المرأة بسر فرجها. وقال سفيان: إذا قالت المرأة خلال فترة حيضها أو حملها إنها لم تحض وهي حامل، فإنها تكون صادقة ما لم يتم إثبات كذبها. وقال ابن عمر: يوم القيامة يظهر الله كل الأسرار الخفية، وتظهر علامات الملائكة والمؤمنين على الوجوه.
تفسير السعدي
يفسر السعدي قوله تعالى “يوم تبلى السرائر” بأنه يوم ظهور ما تخفيه القلوب من خير وشر، حيث سيظهر كل ما كان يخفيه الإنسان ويعرف للجميع، وسيظهر بر الأبرار وفجور الفجار وسيظهر ما كان يكذب فيه الإنسان وينكره.