تفسير قول الله تعالى ولا تصعر خدك للناس
قال الله تعالى في سورة لقمان في الآية الثامنة عشر (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، وقد نزلت الآية في أول النصف الثاني من سورة لقمان وهي من السورة المكية، وفيما يلي سيتم عرض تفسير الآية الكريمة.
معنى ولا تصعر خدك للناس
لاتولي وجهك عن الناس .
– تفسير الطبري : فسر الطبري قوله تعالى (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا، إن الله لا يحب كل مختال فخور)، بأن هناك اختلافا في طريقة قراءة قوله تعالى (ولا تصعر)، حيث يقرأها بعضهم تصعر على وزن تفعل، وهناك مجموعة من القراء يقرؤونها تصاعر على وزن تفاعل .
– ولقد ذكر ابن عباس عن هذه الآية ( ولا تتكبر، فتحقر عباد الله، وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك)، وقال ابن عباس على نفس الآية (لا تعرض بوجهك عن الناس تكبرا)، وقيل عن مجاهد ف تفسير قوله تعالى ” ولا تصعر” (الصدود والإعراض بالوجه عن الناس)، وقد قال جعفر بن برقان عن يزيد في تفسير هذه الآية (إذا كلمك الإنسان لويت وجهك، وأعرضت عنه محقرة له).
يقال إن جعفر بن ميمون بن مهران قد وصف معنى عبارة `ولا تصعر` بأنه عندما يتحدث الشخص مع الآخر، يجب أن يرفع وجهه وينظر إليه بلطف. وقيل أن عكرمة قد أشار إلى ذلك في الآية الكريمة `لا تعرض بوجهك`. ويقال أن عبيد قد قال: `سمعت الضحاك يقول في قوله `ولا تصعر خدك للناس`، أي لا تعرض نفسك عن الناس وتواجههم بوجهك وأخلاقك الحسنة.` وقد قال ابن زيد في تصعير الخد: إنه يعني التجبر والتكبر على الناس وإهانتهم.
وقيل عن عكرمة انها تعني : ويُعتبر نهي الرسول عن هذا الفعل بسبب وجود صعر بين الممارسين، وليس بسبب التكبر.
يُحذر من التعرض للنظرة السيئة لأخيه، وقد أوضح مجاهد في تفسيره لقوله تعالى `وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ` أن الرجل ينبغي أن يكون بينه وبين أخيه الحنة، حتى يتجنب مشاهدته بنظرة سيئة، وقد ذكر آخرون مثل إبراهيم وابن المغيرة أن `تصعر` هي التشديق.
وقد قيل في قوله “ولا تمش في الأرض مرحا” ألا تمشي في الأرض مختالا، وقد ذكر الضحاك أن هذا يعني الخيلاء، وذكر قتادة أن قوله “ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور” يعني عدم التكبر، وقال أن الله لا يحب المتكبر الذي يفخر بما أعطاه الله، وقيل عن مجاهد في قوله “كل مختال فخور” أنه يعني الشخص المتكبر. وفي قوله “فخور” يعدد ما أعطى الله، وهو لا يشكر الله.
– وفسر قوله تعالى (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)، أنه يجب أن يتواضع في المشي ولا يتكبر على الناس ولا يتعجل في السير، وأن يحرص على ألا يرفع صوته، وقد قال مجاهد في قوله تعالى (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) أي تواضع ، وقيل عن قَتادة : (نهاه عن الخيلاء).
يقولون عن يزيد بن أبي حبيب في تفسير قوله تعالى `وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ` أنه يعني `الاقتصاد في السير وعدم السرعة`، وفي قوله تعالى `وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ` يعني `خفض صوتك ولا ترفعه عاليًا عند الكلام`، وقال قتادة إنه كان يأمر بالاقتصاد في صوته، وقال ابن زيد إنه كان يوصي بخفض صوته
يفسر قوله تعالى “إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير” بأنها أقبح الأصوات، وقد وصف الضحاك الصوت الحميري بأنه الأقبح من الأصوات، وقال قتادة أن الصوت الحميري هو الأقبح من الأصوات وأنه يجب على الإنسان اقتصاد صوته.