تفسير قول الله تعالى ” وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر “
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النحل الآية التاسعة: `وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر، ولو شاء لهداكم أجمعين`. وسنقوم بشرح تفسير الآية بالتفصيل.
تفسير الطبري لآية “وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر
يقول الامام العلامة محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الشهير بالإمام أبو جعفر الطبري في كتابه جامع البيان في تأويل القرآن ان الله تعالى يقول: على الله أيها الناس بيان طريق الحقّ لكم، فمن اهتدى فلنفسه، و من ضلّ فإنما يضلّ عليها، و يقول ان المقصود من السبيل هي الطريق، و القصد من الطريق المستقيم هو الطريق الذي لا اعوجاج فيه.
و في تفسير قول الله عز و جل: “وَ مِنْهَا جَائِرٌ”، يقول الطبري أي و من السبيل جائر عن الاستقامة معوجّ، فالقاصد من السبيل: الإسلام، و الجائر منها: اليهودية و النصرانية، و غير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل و قصدها، سوى الحنيفية المسلمة، و قيل في تانيث الضمير في قوله و منها جائر، أن السبيل يؤنث و يذكر، فأنثت في هذا الموضع، و قال البعض الآخر يقول أن السبيل و إن كان لفظها لفظ واحد فمعناها الجمع.
تفسير ابن كثير للآية `وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ`
يقول العلامة ابن كثير في تفسيره لآية “وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر”، وعلى الله قصد السبيل أن الله تعالى يقول هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، وذكر قول مجاهد أن المقصود من وعلى الله قصد السبيل أي أن طريق الحق على الله، وقال السدي أن المقصود هو الإسلام، ويقول الضحاك أن الله تعالى أخبر أن هناك طرقا تسلك إليه، فليس يصل إليه منها إلا طريق الحق، وهي الطريق التي شرعها ورضيها وما عداها مسدودة، والأعمال فيها مردودة، ولهذا قال تعالى: “ومنها جائر” أي منها ما هو حائد مائل زائغ عن الح .
تأويل السعدي لآية “وعلى الله قصد السبيل ومنها جائ
يقول الشيخ العلامة أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر السعدي في تفسير قول الله: `وعلى الله قصد السبيل`، أي: الصراط المستقيم، الذي هو أقرب الطرق وأقصرها للوصول إلى الله، وأما الطريق الضال في معتقداتهم وأعمالهم، وكل ما يخالف الصراط المستقيم فهو يعزل عن الله، موصلا إلى دار الشقاء، فالمهتدون هم الذين يسلكون الصراط المستقيم بإذن ربهم، والضالون هم الذين انحرفوا عنه ويتبعون الطرق الضالة، ويقول الله عز وجل: `ولو شاء لهديتكم جميعا`، ولكنه يهدي بعضهم رحمة وفضلا، ولم يهد البعض الآخر، وهذا حكمة وعدل منه.
تفسير البغوي للآية الكريمة
يقول الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي في تفسير قول الله عز وجل: `وعلى الله قصد السبيل`، أن المقصود هو تبيان طريق الهداية من الضلالة، ويقال أيضا توضيح الحق بالآيات والبراهين. والمقصود من كلمة `القصد` هو الصراط المستقيم، وفي معنى كلمة `ومنها جائر` فهي تعني أن هناك سبيلا منحرفا عن الاستقامة. فالقصد من السبيل هو دين الإسلام، والجائر فيه هو اليهودية والنصرانية وبقية الأديان الكفرية.