اسلامياتالقران الكريم

تفسير قول الله تعالى ” وشروه بثمن بخس دراهم معدودة “

سورة يوسف مليئة بالأحداث وتحتوي على أفضل القصص، ولدينا آية تفسرها وتحمل معنى، وهي: `وشروه بثمن بخس دراهم معدودة`، بعدما تم بيع سيدنا يوسف من قبل الذين التقاهم في غيابهم عن الجب، حيث تركوه أخوته، ليصير مصيره مثلما روت القصة، البيع كالرقيق.

قال الله: “وبيعوه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودة
يشير التعبير `وشروه` إلى بيع السيارة من قبل أصحابها بسعر منخفض، ويمكن أن يكون هذا السعر بضع دراهم فقط، وتقال إنها اثنتا عشرة درهما، وفي بعض الأقوال تتراوح بين عشرون وخمسة وعشرين درهما. وكان الأشقاء هم من يشترونها، ويشير التعبير `كانوا` إلى الإخوة الذين اشتروها  .

تفسير بعض العلماء: 

تفسير ابن كثير: 

وقد بيع يوسف بثمن بخس دراهم معدودة، وكانوا إخوته من الزاهدين فيه، وفسر ابن كثير هذه الآية بأنهم باعوه بثمن قليل رغم عدم رغبتهم في ذلك، ولو سألوا منهم بدون مقابل لأعطوهم .

وقد اجمع ابن العباس ومجاهد والضحاك ان: ان الضمير في قوله (وشروه) انه عائد على اخوة سيدنا يوسف، وقال قتادة: بل هو عائد على السيارة، والاول اقوى لقوله تعالى (وكانوا فيه من الزاهدين) فهي عائدة على اخوته، لان السيارة قد استبشروا به واسروه بضاعة، ولو كانوا فيه من الزاهدين لما اشتروه، فنرجح من هذا ان الضمير في قوله (شروه) هو عائد على اخوته .

المراد بالقول العلي (بخس) هو الحرام، وقيل أيضا أنه الظلم. وإن كان الظلم ممكنا في هذا السياق، إلا أنه ليس المقصود هنا. أما المراد بالبخس هنا هو النقص. على الرغم من أن أخوه سيدنا يوسف تم بيعه، إلا أنه تم بيعه بسعر أقل من القيمة الحقيقية. ولهذا قال تعالى “دراهم معدودة”. قال ابن مسعود رضي الله عنه: تم بيعه بعشرين درهما. وقال ابن عباس وقتادة وعطية العوفي: تم تقسيمها إلى درهمين درهمين. وقال مجاهد: اثنان وعشرون درهما. وقال الضحاك: في قول الله تعالى “وكانوا فيه من الزاهدين”، أي أنهم لم يكونوا يعلمون بنبوة يوسف ومكانته عند الله .

تفسير القرطبي:

يقول الشيخ القرطبي في تفسير قوله تعالى (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين)، يعني بالقول (وشروه) أن إخوة يوسف باعوا يوسف، وقال هشيم مغيرة نقلا عن أبي معشر عن إبراهيم إنه كره البدوي في البيع والشراء، والعرب تقول “اشر لي كذا وكذا”، أي “بع لي كذا وكذا”. وفسر هذه الآية (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) بأنهم باعوه ببضعة دراهم، وكان بيعهم حراما، وقال مجاهد أن إخوة يوسف الأحد عشر رجلا باعوه عندما أخرجوه من البئر.

وقال ابن عباس: يروي الآية أن إخوة يوسف باعوه بثمن بخس، ويرد عليه قول قتادة بأن هذا القول خاطئ والأصح هو أن إخوة يوسف باعوه بثمن بخس، وذلك لأن الله تعالى أخبر عن أسر الإخوة ليوسف من أصحابهم خوفا من مشاركتهم في شرائه، واسترخاص ثمنه الذي اشتروه به، ولم يكونوا يقولون لرفقائهم إنه بضاعة معهم، ولم يكن لشرائهم إياه أيضا، وكانوا يظنون أنهم يشترون بضاعة حتى كذبوا على من سألهم عنه.

حدثنا عبيد بن سليمان فقال: سمعت الضحاك يقول: كان ثمنه بخسًا، حراما، لم يحل لهم أن يأكلوه ،وأما قوله (دراهم معدودة)،يقول الله عز وجل انهم باعوه بدراهم معدودة اي ليست موزونة، ناقصة وغير كاملة، لانهم لم يكونوا يريدوه فقد كانوا فيه من الزاهدين، وقيل انها ذكرت كلمة معدودة، لانها كانت اقل ممن اربعين درهم, لانهم في هذا الزمن كانوا لا يزنوا اي شيء اقل من اربعين درهم ,.عن أبي ادريس ،عن عطية ، قال: كانت الدراهم عشرين درهما، اقتسموها درهمين درهمين، وقال آخرون: بل كان عددها اثنين وعشرين درهمًا، أخذ كل واحد من إخوة يوسف، وهم أحد عشر رجلا درهمين درهمين منها .

و عن ابن إسحاق  قال: باعوه ولم يحصلوا على ثمنه الذي باعوه به بالأوقية. وفي ذلك الوقت، كان الناس يستخدمون الدراهم كوسيلة للتجارة. يقول الله: `وشروه بثمن بخس دراهم معدودة`، أي أن الثمن كان أقل من الأوقية. يقول أبو جعفر: الصواب في هذا الأمر أن يقال: إن الله تعالى ذكر أنهم باعوه بدراهم معدودة غير موزونة، ولم يستدل على ذلك في الكتاب ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قد يكون العدد عشرين، ومن الممكن أن يكون اثنان وعشرون، أو أكثر أو أقل من ذلك، فكانت تلك الدراهم معدودة غير موزونة. وقال تعالى: `وكانوا فيه من الزاهدين`، يقول تعالى: إن إخوة يوسف كانوا في ذلك الموقف من الزاهدين، ولم يكونوا يعلمون قدرته عند الله، ولكنهم كلما أرادوا ذلك، حاولوا أن يفصلوا بينه وبين والده، لكي يتمتعوا بوجهه.

عن أبا معاذ ، يقول حدثنا عبيد بن سليمان, قال: سمعت الضحاك في قوله: وجاءت سيارة فنزلت على الجب، فأرسلوا واردهم فاستقى من الماء فاستخرج يوسف، فاستبشروا بأنهم أصابوا غلاما لا يعلمون علمه ولا منزلته من ربه، فزهدوا فيه، فباعوه وكان بيعه حراما، وباعوه بدراهم معدودة، (وكانوا فيه من الزاهدين) قال إخوته زهدوا فيه

اعراب الآيات:
الواو في العبارة `وشروه` هي واو ماض وفاعلة ومفعولة، والجملة استئنافية، وتتعلق كلمة `بثمن` و `بخس` بـ `شروه`، وكلمة `دراهم` مجرورة بالفتحة لأنها ممنوعة من الصرف، وكلمة `معدودة` صفة مجرورة، والواو في الجملة `وكانوا` هي حرف عطف لكلمة `وكان` والجملة معطوفة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى