تفسير قول الله تعالى ” ودوا لو تدهن فيدهنون “
قال الله تعالى في سورة القلم في الآية التاسعة `ودوا لو تدهن فيدهنون`، وهي من السور المكية، وسنعرض تفسير الآية الكريمة فيما يلي .
تفسير قول الله تعالى ” ودوا لو تدهن فيدهنون ” :
– تفسير الطبري : فسر الطبري قول الله تعالى “دُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ”، حيث قال سفيان في تفسير الآية الكريمة : (تكفر فيكفرون)، وفسر آخرون الآية أنه تحمل معنى (ودّوا لو تُرخِّص لهم فُيرخِّصون، أو تلين في دينك فيلينون في دينهم)، حيث قيل عن ابن عباس في الآية : (لو ترخص لهم فيرخِّصون).
وقيل عن مجاهد : يقال: `إذا تركت أمرك لآلهتك وتركت الحق الذي أنت عليه، فسيملؤونك`، ويقال أيضًا عن قتادة في هذه الآية: `يا محمد، لو دهنت هذا الأمر، فليدهنوا معك`، ويقال أيضًا عن قتادة في نفس الآية: `لو دهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليدهنون معه`.
وقد زعم بعض الناس أن المعنى الذي يحمله الآية الكريمة (ود هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم، فيلينون لك في عبادتك إلهك) هو أنه لو تلطفت وأنصتت لهؤلاء المشركين في دينك وأجبتهم بالتوجه إلى آلهتهم، لتلطفوا تجاه عبادتك لإلهك، وذلك استنادا إلى قوله تعالى في القرآن الكريم (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات وإنما هو مأخوذ من الدهن شبه التليين في القول بتليين الدهن).
– تفسير القرطبي : قدم القرطبي تفسيرا لقوله تعالى “ودوا لو تدهن فيدهنون”، حيث قال كل من ابن عباس وعطية والضحاك والسدي عن هذه الآية: (ودوا لو تكفروا فيتمادون على كفرهم)، وقيل عن ابن عباس: (ودوا لو ترخص لهم فيرخصون لك)، وقال الفراء والكلبي: (لو تلين فيلينون لك)، وقال الأدهان: (التليين لمن لا ينبغي له التليين)، وقال مجاهد: (المعنى ودوا لو ركنت إليهم وتركت الحق فيمالئونك).
وقال الربيع بن أنس : (ودوا لو تكذب فيكذبون)، وقيل عن قتادة : (ودوا لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك) ، وقال الحسن : (ودوا لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم)، وقيل عن الحسن أيضا : (ودوا لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض أمرهم)، وقال زيد بن أسلم : (لو تنافق وترائي فينافقون ويراءون)، وقال أيضا : (ودوا لو تضعف فيضعفون).
قال أبو جعفر : (وأرادوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم)، وقال القتبي: (طلبوا منه أن يعبد آلهتهم مدة ويعبدوا إلهه مدة)، وقال ابن العربي: (ذكر المفسرون فيها نحو عشرة أقوال كلها دعاوى على اللغة والمعنى أمثلها قولهم “وأرادوا لو تكذب فيكذبون، وأرادوا لو تكفر فيكفرون.
وقال المفضل : (النفاق وترك المناصحة فهي على هذا الوجه مذمومة ، وعلى الوجه الأول غير مذمومة ، وكل شيء منها لم يكن)، وقال المبرد : (يقال ادهن في دينه وداهن في أمره أي خان فيه وأظهر خلاف ما يضمر)، وقد قال قوم : (داهنت بمعنى واريت، وادهنت بمعنى غششت)، قال الجوهري : (فيدهنون فساقه على العطف، ولو جاء به جواب النهي لقال فيدهنوا) .
– تفسير السعدي : قد فسر السعدي قوله تعالى `دوا لو تدهن فيدهنون`، حيث أوضح أن المشركين هم المقصود بالقول `ودوا`، وأن `لو تدهن` تعني الموافقة لهم على بعض ما يتفقون عليه سواء بالقول أو الفعل أو بالسكوت عن ما يقال من أحاديث، وأن `فيدهنون` تعني الالتزام بأمر الله وتبني دين الإسلام وإظهاره لهم، من خلال نقض ما يتعارض معه وإبراز عيوب ما يتناقض معه.
– تفسير البغوي : يفسر البغوي قول الله تعالى “دوا لو تدهن فيدهنون”، وقال الضحاك “إذا تكفر فإنهم يكفرون” وقال الكلبي “إذا تلين لهم فإنهم يلينون لك” وقال الحسن “إذا تعاملت معهم بلطف في دينك فإنهم يتعاملون معك بلطف في دينهم”، وقال زيد بن أسلم في تفسير الآية الكريمة “إذا تظاهرت بالنفاق والزيف فإنهم يتظاهرون ويتحايلون”، كما قال ابن قتيبة في تفسير الآية الكريمة “أرادوا أن يعبدوا آلهتهم لبعض الوقت ويعبدون الله لبعض الوقت .