تفسير قول الله تعالى وجنى الجنتين دان
يذكر الله تعالى في الآية الرابعة والخمسين من سورة الرحمن: “متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان”، ويوضح تفسير هذه الآية كل من ابن كثير والسعدي وابن جرير الطبري.
شرح كلمة جنتين في آية `وجنى الجنتين دان`
يقول ابن عباس إن في هذه الآية يتمتع أهل الجنة بثمار الجنة وهم يقفون ويجلسون ويستلقون، لا تؤذيهم أيديهم بعد ذلك ولا توجد أشواك. يعني أنها ثمار ليست بها شوك وتسبب لهم الراحة، وليست بعيدة عنهم فتأتيهم. ويقال إنهم يتمتعون بجنتين فقط لكل المؤمنين، ويقال إنهم يتمتعون بجنان كثيرة، حيث يمتلك كل شخص من أهل الجنة جنتين. والأقوى أنها جنان كثيرة، وإن كانت الجنتان تعني حقيقة التثنية. ويقال أيضا أن الجنتين تشير إلى أن كل فرد من البشر والجن يتمتع بجنة واحدة، ويمكن أيضا أن تعني كلمة جنتين أن كل شخص لديه متاعين داخل الجنة، وهذه هي النعيم.
تفسير السعدي لآية وجنة الجنتين دان
يقول السعدي في تفسير آية وجنى الجنتين دان أن الجني هو الثمر المستوي أي الثمر الناضج الجاهز للأكل، و جنى أي قطف، و دان تعني قريب، و يقول السعدي ان مجمل تفسير قول الله تعالى و جنى الجنتين دان أن ثمار شجر الجنة تكون ناضجة بغير زيادة و لا نقصان و جاهزة لقطفها، و يستطيع أن يقطفها اهل الجنة من اي موضع هم فيه، سواء كانوا جالسين أو نائمين أو واقفين، فثمار الجنة قريبة منهم، و في النصف الأول من الآية وصفهم الله عز و جل بأنهم متكئين على فرش في الجنة، فالثمار إذن تصل إليهم و هم متكئين، فلا يتكلفون عناء القطف، و هذه من أنعم الله عليهم و من نعيم الجنة أيضا.
تفسير ابن كثير للآية “وجنتاين دان
يفسر ابن كثير قول الله تعالى في سورة الرحمن: وحازت الجنتين دان” حيث ربطه بقول الله تعالى في الآية الثالثة والعشرين من سورة الحاقة: “ثمارها دانية”، فثمر الجنة قريب لمن يرغب في تناوله، أي أن ثمارهما قريبة من سكان الجنة، وعندما يشاءون، يأخذون منها بقدر ما يرغبون، بغض النظر عن حالتهم، وأيضا ذكر قول الله تعالى في الآية الرابعة عشرة من سورة الإنسان: “وظللت دانيتها وتذللت ثمارها تذليلا”، أي لا تتراجع عن من يتناولها من سكان الجنة، بل تنحني نحوهم من فروعها ليكون من السهل عليهم قطفها.
تفسير آية جنى الجنتين دان من قِبَل الطبري
في تأويل قول الله تعالى: “مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ”، يذكر الطبري قول الله تعالى ذكره: “وَ لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ”، أي أن الذين يخافون الله و يخشونه لهم جزاؤهم جنتين يتنعمون فيهما، و لذلك قال تعال: وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ، و لم يقل جنة واحدة، و هم في هاتين الحنتين متكئين أي مسنودين عل فرش، و بطائن هذه الفرش من الاستبرق أي غليظ الديباج، و هم على وضعيتهم هذه متكئين تأتيهم ثمار الجنة في أغصانها لكي يقطفوها طازجة من الشجر، فهم إن يتنعمون بثمر الجنتين الذي يجتني قريب منهم، لأنهم لا يتعبون بصعود نخل الجنة و شجرها، لاجتناء ثمرها، ولكنهم يجتنونها من قعود بغير عناء، و قد روي عن نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: ” وَ الَّذي نَفسِي بيَدِهِ، لا يَقْطَعُ رَجُلٌ ثَمَرة مِنَ الجَنَّةِ، فَتَصِلُ إلى فِيهِ حتى يُبَدّلَ الله مَكانَها خَيْرا منْها”، و معنى ذلك ان ثمر الجنة متجدد و لا يكاد المؤمن يأكل المرة في فمه حتى تثمر الشجرة ثمرة غيرها مكانها، فلا ينقطع عن أهل الجنة خير الجنة أبدا.