تفسير قول الله تعالى فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد
يذكر الله تعالى في كتابه العزيز في سورة ق الآية 22: `لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ`. وسنوضح تفسير هذه الآية بالتفصيل.
عندما كشفنا الستار عنك، كشفت نظرتك اليوم قوتها الحديدية
يقول الامام ابن جرير الطبري في تفسيره للقرآن الكريم عن تأويل قول الله عز و جل: “لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد”، أن المقصود هو أنك أيها الإنسان كنت قد نسيت هذا اليوم و ما ستمر به من أهوال و شدائد، فجلينا ذلك لك، و أظهرناه لعينيك، حتى رأيته و عاينته، فزالت الغفلة عنك.
اتفق أهل التأويل والتفسير على المعنى الذي ذكرناه، ولكنهم اختلفوا في تحديد المقصود من هذا الكلام بين الناس. قال بعضهم إن المقصود هو الكافر الذي يقول ذلك، وقال آخرون إنه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث المعنى المقصود هو أن هذا الكلام خطاب من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه كان في غفلة في الجاهلية من دين الله الذي بعث به، فكشف الله عنه الغطاء الذي كان عليه في الجاهلية، ونور بصره بالإيمان حتى تبين له ذلك. وقال آخرون إن المقصود من هذه الآية هو جميع الخلق من الجن والإنس، وقيل أيضا إن المقصود هو خلق الله البر والفاجر، حيث كشف الله الغطاء عن البر والفاجر، فرأى كل منهم ما يصير إليه مصيره.
تفسير القرطبي للآية الكريمة
و يذكر القرطبي أيضا قول ابن زيد أن المقصود من الىية هو النبي صلى الله عليه و سلم، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة في قريش في جاهليتهم، و ذكر القرطبي قول ابن عباس و الضحاك أن المراد به هو المشركون، أي كانوا في غفلة من عواقب أمورهم و أفعالهم، و قال أكثر المفسرين إن المراد به البر و الفاجر كما ذكر الطبري أيضا.
و في قول الله عز و جل: قد ذكر في القرطبي أربعة أقوال تفسر معنى `فكشفنا عنك غطاءك`، وهي كالتالي: أولا، يشير إلى وجود الإنسان في بطن أمه وولادته وضعفه في الطفولة. ثانيا، يشير إلى كشف القبر وانتشاره في الآخرة، وهذا هو معنى ذكره ابن عباس. ثالثا، يشير إلى الوقت الذي يتم فيه عرض الأعمال في القيامة، وهذا ما قاله مجاهد. رابعا، يشير إلى نزول الوحي وحمل الرسالة، وهذا هو معنى ذكره ابن زي.
و معنى قول الله عز و جل: “فبصرك اليوم حديد” فيذكر القرطبي أنه قيل: يراد به بصر القلب كما يقال هو بصير بالفقه، فبصر القلب و بصيرته تبصرته شواهد الأفكار و نتائج الاعتبار، كما تبصر العين ما قابلها من الأشخاص و الأجسام، وقيل المراد به بصر العين و هو الظاهر أي بصر عينك اليوم حديد، و قيل أنه يعني أن الكافر يحشر و بصره حديد ثم يزرق و يعمى.
تفسير السعدي
يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام، توبيخًا، و لومًا و تعنيفًا له بسبب أنه كان يكذب بهذا اليوم، و لم يعمل له، فاليوم يكشف الله عنه الغطاء الذي غطى قلبه، فكثر نومه، و استمر إعراضه، { فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } أي أنه يزوده الله ببصر قوي لكي يرى ما يزعجه و يروعه، من أنواع العذاب و النكال.