تفسير قول الله تعالى ” ان شانئك هو الابتر “
يقول الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الكوثر في الآية الثالثة (إن شانئك هو الأبتر)، وفيما يلي تفسير الآية الكريمة .
تفسير قوله ( ان شانئك هو الابتر )
تفسير الطبري
فسر الطبري قول الله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر)، فأفاد بأنه يعني بالقول (إن شانئك) أي مبغضك وعدوك، وأن الله سبحانه وتعالى يوجه الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم، ويعني بقوله تعالى (هو الأبتر) أي الأقل والأذل والذي لا عقب له.
قيل عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر): هو عدوك. وقيل أيضا عنه في نفس الآية: هو العاص بن وائل. وقيل أيضا عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر): هو العاص بن وائل. وقد سأل هلال سعيد بن جبير عن معنى قوله (إن شانئك هو الأبتر)، فقال: هو العاص بن وائل، عدوك الذي انقطعت أعماله عن قومه.
قيل عن مجاهد في قوله تعالى ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) : العاص بن وائل، الذي قال : أنا شانئٌ محمدا، ومن شنأه الناس فهو الأبتر، وقد قيل عن قتادة في قوله ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) : هو العاص بن وائل، قال: أنا شانئٌ محمدا, وهو أبتر, ليس له عقب، وقال قتادة : الأبتر: الحقير الدقيق الذليل.
وفي قول قتاتة في قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)، فإنه يشير إلى العاص بن وائل الذي قال: أنا شانئ لمحمد، وفيما يخص قول ابن زيد في قوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)، فإنه يشير إلى رجل يقول إن محمد أبتر ولا يمتلك مثل ما ترون، ثم يأتي الله بقوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ)، ليوضح أن الرجل هو الذي هو أبتر وليس محمد .
ويوجد بعض القوليات التي تذكر أن عقبة بن أبي معيط هو الذي يقول أنه لا يبقى للنبي صلى الله عليه وسلم ولد وهو أبتر، وأنزل الله فيه هذه الآيات: (إِنَّ شَانِئَكَ) عقبة بن أبي معيط (هُوَ الأبْتَرُ). وقيل أن شمر بن عطية هو الذي يُذكر في هذه الآية .
وهناك من قال إنهم جماعة من قريش وقد ذكر في ذلك عكرمة: `ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا`. قال نزلت في كعب بن الأشرف، حين أتى مكة فقال لأهلها: `أنتم خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه، ونحن أهل الحجيج وعندنا منحر البدن`. قالوا: `أنتم خير`. فأنزل الله في هذه الحالة هذه الآية، وأنزل فيمن قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا: `إن شانئك هو الأبتر` .
وقد ورد في التفسير أن عكرمة قال في تفسير هذه الآية (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ): عندما أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالآية، قالت قريش: `محمد بتر منا`، فنزلت هذه الآية (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) لترد على قريش.
وقيل عن ابن عباس أنه قال : عندما وصل كعب بن الأشرف إلى مكة، قالوا له: نحن أهل السقاية والسدانة، وأنت سيد أهل المدينة. فهل نحن أفضل من هذا الصنبور المنبتر من قومه، الذي يزعم أنه أفضل منا؟ قال: بل أنتم أفضل منه. فنزلت عليه الآية (إن شانئك هو الأبتر). ثم نزلت عليه الآية (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب… إلى قوله نصيرا).
تفسير القرطبي
فسر القرطبي قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر)، أي مبغضك، ويقال إنه العاص بن وائل، حيث كان الرجل في العربية القديمة الذي لديه بنون وبنات، وإذا مات الأولاد وبقت البنات فإنه كان يعتبر شخصا أبتر. ويقال إن العاص وقف مع النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه، فقال له مجموعة من قريش: “مع من كنت واقفا؟” فأجاب: “مع ذلك الأبتر”. وكان ذلك بعد وفاة عبد الله بن الرسول، فأنزل الله تعالى هذه الآية
وقد قيل عن ابن عباس : في الجاهلية، عندما يموت ابن رجل ما، يقولون: `ابتر فلان`. وعندما توفي إبراهيم، ابن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج أبو جهل لأصحابه وقال: `ابتر محمد`. فنزل الله جل ثناؤه بآية تعني أن من يكرهك هو الأبتر، وهذا يشير إلى أبو جهل. وقال شمر بن عطية: هو عقبة بن أبي معيط
قال السدي وابن زيد في هذه الآية : إنه جواب لقريش حين قالوا لكعب بن الأشرف لما قدم مكة : نحن أصحاب السقاية والسدانة والحجابة واللواء ، وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا الصنيبر الأبيتر من قومه ؟ قال كعب : بل أنتم خير ، فنزلت في كعب : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت الآية، ونزلت في قريش : إن شانئك هو الأبتر