تفسير قوله تعالى « فويل للمصلين »
الآيات تحذر المصلين الذين يسهون عن صلاتهم، ويتجاهلون بعض ما يجب عليهم فعله، وتأتي مع وعد وتهديد لهم. ليس المقصود هنا السهو في الصلاة بشكل عام، لأن هذا ليس من اختيار الإنسان، فحتى النبي صلى الله عليه وسلم قد سها في الصلاة بعض الأحيان.
تفسير الآيات:
يقول فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في تفسير{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 4 – 7]:
الآية الكريمة المذكورة على السطح، والويل هو إشارة إلى العذاب، والله سبحانه وتعالى يهدد فيها المصلين المشتملين على هذه الصفات التي ذكرها الله وهي: {الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون}، فالواجب على المؤمن أن يصلي لله وحده، يريد وجهه الكريم، ويريد الثواب منه سبحانه وتعالى، لأنه يعلم أن الله فرض عليه الصلوات الخمس ويؤديها بإخلاص لله وتعظيما له، وطلبا لمرضاته عز وجل، وحذرا من العقاب.
ما هي الفرق بين نسيان الصلاة والخطأ في أدائها؟
– السهو عن الصلاة: الغفلة عنها والتهاون بشأنها ليس المقصود تركها لأن تركها يعتبر كفرا أكبر، وإن لم ينكر وجوبها وفقا لأقوال العلماء الأكثر صحة، ومنها الرياء فيها كما يفعل المنافقون، نسأل الله العافية.
– السهو في الصلاة: والمقصود في هذه الآية ليس التهديد المذكور ، لأن الإنسان غير قادر على تجنبه ، والنبي صلى الله عليه وسلم سهى في الصلاة في بعض الأحيان ، كما يوضح ذلك الأحاديث الصحيحة ، وكذلك يحدث للناس الآخرين بشكل أكثر تكرارا.
ما هو حكم التساهل في الصلاة وتركها
– التساهل في الصلاة: يعتبر التهاون ببعض ما أوجب الله به، مثل التأخر عن أداء الصلوات في الجماعة، خطيئةً كبيرةً وفيها وعيدٌ مذكورٌ من الله.
– ترك الصلاة: تركها بقصد، وحكمه أنه كافر بكفر أكبر، حتى لو لم ينكر وجوب الصلاة بحسب أراء العلماء. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر` [رواه مسلم]. وقال أيضا: `بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة` [رواه مسلم]. فهذان الحديثان صحيحان ويشكلان دليلا قاطعا على كفر من يترك الصلاة، حتى لو لم ينكر وجوبها. وأما إذا نكر وجوبها، فإنه يكفر باتفاق العلماء حتى وإن صلى.
تفسير {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}
هي إحدى صفات المصلين الموعودين بالويل، أنهم يمنعون الماعون، والماعون فسر بالزكاة، وأنهم يمنعون الزكاة، لأن الزكاة قرينة الصلاة، كما قال سبحانه:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5]، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:43]، وقال آخرون من أهل العلم: إنه العارية، وهي التي يحتاج إليها الناس ويضطرون إليها، وفسر الماعون بالدلو لجلب الماء، وبالقدر للطبخ، ولكن منع الزكاة أعظم وأكبر، فينبغي للمسلم أن يكون حريصًا على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى مساعدة إخوانه عند الحاجة للعارية، لأنها تنفعهم أيضًا ولا تضرهم.