تفسير قوله الله تعالى ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه “
في سورة البقرة، قال الله تعالى في الآية الكريمة (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله ۖ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ۚ إن الله غفور رحيم). وفيما يلي تفسير الآية الكريمة .
تفسير قوله تعالى `فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه`:
– تفسير ابن كثير : فسر ابن كثير قوله تعالى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، حيث حرم الله تعالى أكل الاشياء الميتة إلا الاسماء وما خرج من البحر حيث قال عليه السلام في البحر (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)، وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال : (الحلال ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ).
حرم الله تعالى أكل لحم الخنزير، وحرم علينا ذبح أي حيوان لم يذكر اسم الله عليه، ولكن يسمح لنا تناول هذا الطعام في الحالات الضرورية عندما لا يكون هناك طعام آخر، وذلك وفقا لقوله تعالى “فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه”، وهذا يعني أنه لا يحمل إثما عند تناوله في هذه الظروف، وأن الله هو الغفور الرحيم. وقد قال المفسرون إنه يسمح لمن كان مضطرا بأكله، ولكن لا يسمح بأكله لمن يفعل ذلك بصفة عادية أو باغية أو في معصية الله. وقد صرح المجاهد بأن “فمن اضطر غير باغ ولا عاد، قاطعا للسبيل أو مفارقا للأئمة أو خارجا في معصية الله، فله الرخصة، ومن خرج باغيا أو عاديا أو في معصية الله فلا رخصة له وإن اضطر إليه.
وقال مقاتل بن حيان في قوله تعالى “غير باغ” : يعني غير المستحل، ووفقًا لقول السدي `غير باغ يبتغي فيه شهوته`، وقال عطاء الخراساني في قوله `غير باغ`: لا يشوي من الميتة ليشتهيه ولا يطبخه، ولا يأكل إلا العلقة، ويحمل معه ما يجد من الحلال، وإذا وصل إلى ما يريد ألقاه، وهذا ما قاله تعالى `ولا عاد`: لا يتعدى به حدود الحلال.
وقيل عن ابن عباس : (لا يشبع منها)، وفسره السدي أنه العدوان، وقال ابن عباس في قوله تعالى “غير باغ ولا عاد” : غير باغ في الميتة، ولا عاد في أكله، وقال قتادة : في قوله تعالى “فمن اضطر غير باغ ولا عاد في أكله” : أن يتعدى حلالا إلى حرام ، وهو يجد عنه مندوحة، وقال مجاهد في قوله “فمن اضطر” : أكره على ذلك بغير اختياره.
قال عباد بن العنزي : (أصابتنا عاما مخمصة ، فأتيت المدينة، فأتيت حائطا ، فأخذت سنبلا ففركته وأكلته، وجعلت منه في كسائي، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال للرجل : ” ما أطعمته إذ كان جائعا أو ساعيا، ولا علمته إذ كان جاهلا “، فأمره فرد إليه ثوبه ، وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق).
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق، فأجاب: “من أصاب منه شخص في حاجة وأكل منه دون أن يأخذ كمية كبيرة، فلا شيء عليه.” وقد قال مقاتل بن حيان في قوله “فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم”: يعني أنه لا يحاسب المسلم على تناوله للثمر المعلق إذا كان مضطرا واكتفى بثلاث لقمات فقط، وقال سعيد بن جبير: إن الله غفور لمن أكل من الحرام بالإضطرار، ورحيم لأنه أحل له الحرام في ذلك الوقت، وقد قيل عن مسروق: إن من اضطر ولم يأكل أو يشرب ثم مات، فهو من الناجين