تفسير ” في يوم كان مقداره خمسون ألف سنة “
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [سورة المعارج: 4]، عن أبي سعيد قال: قيل لرسول الله صل الله عليه وسلم: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا»
تفسير { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}:
قال أبو صالح في تعريف الروح: هم خلق من خلق الله يشبهون الناس وليسوا ناسًا، ويحتمل أن يكون المراد به هو جبريل، ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم فإنها إذا قبضت يصعد بها إلى السماء كما دل عليه حديث البراء عن قبض الروح الطيبة قال فيه: «فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة».
الأقوال في تفسير {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}:
القول الأول: هي المسافة التي تمتد من العرش العظيم حتى أسفل السافلين، والتي تشكل مسافة قدرها خمسين ألف سنة من المسافة المقطوعة على سطح الأرض السابعة. وتصل ارتفاع العرش عن مركز الأرض السابعة إلى هذا الحد بسبب اتساعاد العرش من قطره إلى قطره، كما ورد ذلك في كتاب صفة العرش لابن أبي شيبة.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: يستغرق كل أرض خمسمائة عام، وبين كل أرض وأرض أخرى خمسمائة عام، مما يعادل سبعة آلاف عام، ويستغرق كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء والسماء الأخرى خمسمائة عام، وهذا يعادل أربعة عشر ألف عام، وبين السماء السابعة وبين العرش يستغرق ستة وثلاثين ألف عام.
القول الثاني: المقصود هنا هو فترة بقاء العالم منذ خلق الله هذا الكون حتى قيام الساعة. قال بن أبي حاتم، بنقله عن مجاهد: عمر الدنيا خمسين ألف سنة، وهذا العمر يعد يوما واحدا في نظر الله تعالى. وقال عكرمة: الدنيا من البداية إلى النهاية تمتد لمدة خمسين ألف سنة، ولا يعلم أحد كم مضى وكم بقي إلا الله عز وجل.
القول الثالث: يوم الفصل بين الدنيا والآخرة هو اليوم الذي يقع بينهما، وهو قول غريب ورواية موسى بن عبيدة تشير إليه، وقال محمد بن كعب إن ذلك اليوم مدته خمسين ألف سنة.
القول الرابع: المقصود بـ ذلك هو يوم القيامة، وفقا لابن عباس رضي الله عنه الذي قال: {يوم كان مدته خمسين ألف سنة} هو يوم القيامة، وقال علي بن أبي طلحة نقلا عن ابن عباس: إن الله جعل يوم القيامة مدته خمسين ألف سنة للكافرين، وقال أبو سعيد: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم مدته خمسين ألف سنة، فقال: «والذي نفسي بيده، إنه يسير على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مفروضة يصليها في الدنيا».