اسلامياتالقران الكريم

تفسير ” سيجعل لهم الرحمن ودا “

إن الذين يؤمنون ويعملون الأعمال الصالحة، سيكون لهم الرحمن ودا، وإنما نسرد لك هذا بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما أخرى. وكما أهلكنا قبلهم أمما، هل تجد من بقاياهم أحدا أو تسمع لهم صوتا واضحا؟” [سورة مريم: 96-98]. وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا أحب الله عبدا، ينادي جبريل: إني قد أحببت فلانا، فأحبه فينادي في السماء، ثم ينزل الحب إلى أهل الأرض، وهذا هو قول الله عز وجل: `إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا`” [رواه مسلم والترمذي]. وقال الترمذي: حسن صحيح.

تفسير الآيات:
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}: يخبر الله تعالى: أنه يغرس لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات، في قلوب عباده الصالحين محبة ومودة، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صل الله عليه وسلم من غير وجه فروى الإمام أحمد عن أبي هريرة، عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه قال فيحبه جبريل، قال: ثم ينادي في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه، قال فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإن الله إذا أبغض عبداً دعا جبريل، فقال: يا جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء، إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، قال، فيبغضه أهل السماء، ثم يوضع له البغضاء في الأرض» [أخرجه البخاري ومسلم وأحمد، واللفظ لأحمد].

عن ثوبان رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `إن العبد يسعى لمرضاة الله تعالى، ويظل هكذا. فيقول الله عز وجل لجبريل: إن فلانا عبدي يسعى لرضائي، فإن رحمتي تشمله.` فيجيب جبريل: `رحمة الله تشمل فلانا.` وتقولها حملة العرش ومن حولهم، حتى يقولها أهل السماوات السبع، ثم يهبط إلى الأرض.` [رواه الإمام أحمد]

وقال ابن عباس: {سيجعل لهم الرحمن ودا}: يقولون: الرحمن يجعل لهم محبة ومودة في قلوب الناس في الدنيا. ويقولون: إن الرحمن يحبهم ويجعلهم محبوبين لخلقه المؤمنين. وقال العوفي، عن ابن عباس: الود من المسلمين في الدنيا، والرزق الحسن واللسان الصادق. وقال قتادة: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، إن الرحمن يجعل لهم مودة في قلوب أهل الإيمان. وذكر لنا هرم بن حيان: لا يقرب عبد الله بقلبه إلا قرب الله قلوب المؤمنين إليه، حتى ينعمه بمحبتهم ورحمتهم. وقال قتادة: وكان عثمان بن عفان يقول: لا يعمل العبد خيرا أو شرا إلا كسواه الله رداء عمله.

{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ}: يعني القرآن بلسانه العربي المبين الفصيح الكامل، أي يا محمد، ويقصد بهذا المصطلح المستجيبين لله والمصدقين لرسوله، وينذر به الأشخاص الذين يميلون إلى الباطل عوجا عن الحق، ويعني بذلك أنهم غير مستقيمين ويعتبرهم الألد الخصوم، والألد الكاذب، والصم الخصوم، والفجار، والألد الظالم، وذكر الله تعالى هذا في قوله “وهو ألد الخصام” في سورة البقرة الآية 204

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ}: يريد الآية (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا)، أي هل ترى منهم أحدا، أو تسمع لهم صوتا، ويعني الركز هنا الصوت الخفي، وفسر بعض العلماء الصوت الخفي بأنه الصوت الذي لا يستطيع الإنسان سماعه بشكل واضح، واستشهدوا بقول الشاعر: “فتوجست ركز الأنيس فراعها عن ظهر غيب والأنيس سقامها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى