اسلامياتالقران الكريم

تفسير الآية ” وترى الملائكة حافين من حول العرش “

{ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ } [سورة الزمر: 75]

تفسير الآية :
جاء في تفسير الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: { وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } يقول تعالى ذكره: وترى يا محمد الملائكة محدقين من حول عرش الرحمن، ويعني بالعرش: السرير. ذكر من قال ذلك: عن قتادة قوله: { وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } محدقين، وعن السدي قال: محدقين حول العرش، قال: العرش: السرير.

يقول بن كثير: {وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم}، يخبر تعالى عن ملائكته الذين يحيطون بالعرش العظيم، ويسبحون بحمده ويعظمونه، ويقدسونه وينزهونه عن النقائص والجور، وذلك بسبب حكمه العادل في قضية أهل الجنة والنار التي نزل كلا في المحل الذي يليق به ويصلح له.

وقوله : يسبحون بحمد ربهم: يصلون حول عرش الله شاكرين له، والعرب تدخل الباء أحيانا في التسبيح، وتحذفها أحيانا، فتقول: سبح بحمد الله، وسبح حمد الله، كما قال جل ثناؤه: سبح اسم ربك الأعلى [الأعلى:1]، وفي موضع آخر: فسبح باسم ربك العظيم [الواقعة: 74].

وقوله: { وقضي بينهم بالحق } يعني: قضى الله بالعدل بين الأنبياء الذين أرسلهم والشهداء وأممهم، حيث أنزل أهل الإيمان برسله الجنة وأهل الكفر بما جاء به الرسل النار، ويقال أنه قضى بالحق بين أهل الجنة وأهل النار.

{ وَقِيلَ الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ } يقول: وختمت خاتمة القضاء بينهم بالشكر للذي ابتدأ خلقهم الذي له الألوهية، وملك جميع ما في السموات والأرض من الخلق من ملك وجن وإنس، وغير ذلك من أصناف الخلق، وكان قتادة يقول: يفتح أول الخلق بالحمد لله، فقال: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} [سورة الأنعام: 1]، وختم بالحمد فقال: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين}.

يقول بن كثير: يقال: `الحمد لله رب العالمين` يعني أن الكون بأكمله، سواء كانت الكائنات الحية أو غير الحية، تتحدث بالحمد لله رب العالمين عن حكمته وعدله. ولذلك لم ينسب هذا القول لشخص محدد، بل يعتبر عاما. وهذا يدل على أن جميع المخلوقات شهدت بالحمد لله، كما قال الإمام القرطبي: قال قتادة: أول من فتح بالحمد لله هو الله نفسه، فقال: `الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض` [سورة الأنعام: 1]. وختم بالحمد قائلا: `وقضي بينهم بالحق، وقيل الحمد لله رب العالمين`. فعلينا أن نقتدي به في بداية كل أمر بالحمد وفي ختامه بالحمد.

وقيل : قول: `الحمد لله رب العالمين` هو قول الملائكة، وبهذا يعبرون عن حمدهم لله تعالى على عدله وقضائه. وروى عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المنبر آخر سورة `الزمر` فتحرك المنبر مرتين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى