اسلامياتالقران الكريم

تفسير الآية ” وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا “

{ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ } [سورة الزمر: 8]

تفسير الطبري :
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ } يقول تعالى ذكره : وإذا مس الإنسان بلاء في جسده من مرض، أو عاهة، أو شدة في معيشته، وجهد وضيق { دَعَا رَبَّهُ } يقول : استغاث بربه الذي خلقه من شدة ذلك، ورغب إليه في كشف ما نزل به من شدة ذلك. وقوله : { مُنِيبًا إِلَيْهِ } يقول : تائبًا إليه مما كان من قبل ذلك عليه من الكفر به، وإشراك الآلهة والأوثان به في عبادته، راجعًا إلى طاعته. ووفقًا لما قلنافي ذلك، قال أهل التفسير.

ذكر من قال ذلك : أخبرنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله تعالى: {وإذا مس الإنسان ضر} قال: المرض والبلاء والشدة، {دعا ربه منيبا إليه} قال: داعيا إليه، وفي قوله تعالى: {ثم إذا خوله نعمة منه} يقول تعالى تذكره: ثم إذا أعطاه ربه نعمة منه، أي عافية، فأزال عنه ضره، واستبدله بالمرض صحة، وبالشدة رخاء. والعرب تقول لكل من أعطى غيره من المال أو الغير: قد أعطاه، وعن السدي {ثم إذا خوله نعمة منه}: إذا أعطاه الله عافية أو خيرا.

وقوله : يقول: نسي ما كان يدعو إليه من قبل، أي ترك دعاءه الذي كان يدعو به إلى الله قبل أن يكشف ما كان به من ضرر وجعل لله شركاء، أي شركاء لله. وهكذا قال أهل التأويل. فيما يتعلق بالسدي، يعني “ترك”، وهذا ينطبق فقط على الكافر. هناك نوعان من تفسير “ما” في “نسي ما كان”، الأول: أنه يعني “الذي”، وبمعنى أنه ترك الذي كان يدعوه في وقت الضرر، والذي يشير إلى الله تعالى ، في هذه الحالة يتم وضع “ما” في موضع “من” ، على سبيل المثال مثل: “ولا أنتم عابدون ما أعبد” [الكافرون: 3]، وهو يشير إلى الله. الثاني: أن “ما” يعني المصدر لما ذكرته، وإذا كانت الحالة هكذا، فإن الهاء في “إليه” يمكن أن تشير إلى الذي ذكره، أو إلى الرب .

وقوله : { وجعل لله أندادا } يعني: جعل لله أشباها وأمثالا. ولكن هناك اختلاف في تفسير معنى جعلهم له أندادا. بعضهم يقول: إنهم جعلوهم أندادا لله في طاعتهم لهم في المعاصي. وقال السدي: إن الأنداد هم الرجال الذين يطيعونهم في معاصي الله. وقال آخرون: إنهم جعلوهم أندادا لأنهم كانوا يعبدون الأصنام، وجعلوها أندادا لله في عبادتهم لها. ويعتبر الرأي الأول أكثر صحة، وهو أنه أطاع الشيطان في عبادة الأصنام، فجعلهم أندادا لله، وذلك لأن هذا يتناسب مع سياق العتاب الذي يلقيه الله عليهم بسبب عبادتهم للأصنام.

وقوله : { ليضل عن سبيله } يعني: ليزيل من يرغب في توحيد الله والإيمان به عن التوحيد والاعتراف به ودخول الإسلام. وقوله: { قل تمتع بكفرك قليلا } يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لشخص يفعل ذلك: استمتع بكفرك بالله قليلا حتى يحين موعدك، ثم تأتيك المنية { إنك من أصحاب النار } أي أنك من أهل النار الذين سيقضون فيها. وقوله: { تمتع بكفرك } هو تحذير وتهديد من الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى