تفسير الآية ” لو أنزلنا هذا القرآن على جبل “
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وهذه الأمثال نقدمها للناس لعلهم يتأملون. يقول الله تعالى بتعظيم أمر القرآن وتوضيح قدره، وأنه يجب على القلوب أن تتواضع وتنكسر عند سماعه بسبب ما يحتويه من وعد وتهديد حقيقي، وذكر للجنة والنار ليكون به الأمل في طلب الرحمة والمغفرة من الله تعالى، ورغبة في دخول الجنة والهروب من النار.
تفسير الآية:
يبين لنا رب العزة تبارك وتعالى مدى عظمة هذا الكتاب وهو القرآن الكريم الذي لن يستطيع الجبل على الرغم من غلظته وقساوته أن يتحمل لو فهم هذا القرآن وتدبر معانيه فإنه سوف يخشع ويتصدع خوفًا من الله عز وجل، فكيف يليق بكم أيها البشر ألا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه ولهذا قال الله تعالى: ونقدم هذه الأمثال للناس، ولكن العالمون هم من يفهمون معانيها [العنكبوت:43]، {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:21].
وفي تفسير الآية، يقول ابن عباس رضي الله عنه: لو أنزلت هذا القرآن على جبل، لتصدع من ثقله وخشع من خشية الله. وأمر الله الناس عند نزول القرآن عليهم بأن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع. ثم قال: وهكذا يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون.
حنين الجزع للوحي والذكر:
وتأكيدا على قول الله تعالى في قصة حنين الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها ما ثبت من الحديث المتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما بني له المنبر، وكان يوم الخطبة يقف إلى جانب جذع من جذوع المسجد، فعندما وضع المنبر، جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليخطب، فجاوز الجذع إلى نحو المنبر، فحن الجذع وجعل يئن كما يئن الطفل الذي يسكن، لما كان يسمع من الذكر والوحي الذي كان عنده، وفيه قال الحسن البصري بعد ذكره لقصة حنين الجذع “فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجذع”، فإذا كانت الجبال الصم لو سمعت كلام الله وفهمته لخشعت وتصدعت من خشيته، فكيف بكم وقد سمعتم وفهمتم؟ وفيه قال الله تعالى: {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى} [الرعد:31].
ما يستفاد من الآيات:
يوجد في القرآن الكريم ما يجعل الجبال تخضع له ساجدة وتتصدع إذا تم تدبره وعقله، وهذا يدل على عظمته.
يجب على جميع المسلمين الشعور بالخشوع عند قراءة القرآن الكريم.
– يجب أن تكون قراءة القرآن الكريم قراءة وتدبر وفهم لمعانيه وليست قراءة فقط حتى يصل الإنسان للخشوع.
الدين الإسلامي هو أعظم الأديان السماوية التي جاءت للبشرية، والقرآن الكريم هو كلام الله الذي يتوجب علينا قراءته وتدبره.