تفسير الآية ” قل إن كان للرحمن ولد “
قال الله تعالى : {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } [سورة الزخرف: 81]
تفسير الآية ابن كثير
يقول تعالى: {قل} يا محمد {إن كان للرحمٰن ولد فأنا أول العابدين}” أي إذا كان الرحمن لديه ولد، فأنا أكون أول من يعبده. يعني أنني عبد مخلص ومطيع لكل ما يأمرني به. لا يوجد لدي استكبار أو معاندة في عبادته. إذا كانت هذه هي الحالة، لكن هذا الأمر مستحيل بالنسبة له تعالى. الشرط لا يلزم تحققه أو وجوده، كما قال الله تعالى: “{لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفىٰ مما يخلق ما يشاء ۚ سبحانه ۖ هو الله الواحد القهار}” [سورة الزمر: 4].
وقال بعض المفسرين في قوله تعالى: أنا أول العابدين” هو التعبير المستخدم للإشارة إلى الأنبياء السابقين. قال ابن عباس: “قل إن كان للرحمن ولد”، يعني أن الله ليس لديه ولد، وأنا أول الشهود على ذلك. وقال قتادة: هذه كلمة عربية تعني أن هذا لم يحدث، وبالتالي فإنه غير ملائم. وقال أبو صخر: “أنا أول العابدين”، أي أنا أول من عبد الله وحده ولا يوجد له ولد. ويمكن أيضا فهمها على أنني أول شخص يعبد الله عز وجل كونه واحدا وبدون ولد. وقال مجاهد: “أنا أول من عبده وحده، وأنكم تكذبون”. وقال البخاري: “أنا أول العابدين”، أي أنا أول الذين يعبدون الله بالفعل، وهما كلمتان: رجل يعبد وعبدة.
والأول أقرب على شرط وجزاء ولكن هو ممتنع قال البيضاوي: لا يلزم منه صحة وجود الولد وعبادته له، بل المراد نفيهما على أبلغ الوجوه، وإنكاره للولد ليس لعناد ومراء، بل لو كان أولى الناس بالاعتراف به، فإن النبي يكون أعلم باللّه وبما يصح له وما لا يصح. انتهى وهو قول جيد، وقال السدي: معناه ولو كان له ولد كنت أول من عبده بأن له ولداً، ولكن لا ولد له، وهو اختيار ابن جرير
{ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } قيل: يعني كلامي يا محمد قول لله إن كان له ولد، فأنا أول من يعبده، لكن من المستحيل أن يكون له ولد؛ إنما هذا مثل قولك لشخص ما: إن ثبت بالدليل فأنا أول من أؤمن به، وهذا مبالغ فيه في الاستبعاد، أي لا يجوز الاعتقاد بوجود ولد لله، وهذا ترقيق في الكلام؛ كما في قوله: { وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين }، والمعنى هو أني سأكون أول العابدين لوجود ذلك الولد، لأن تعظيم الولد يعظم الوالد. وقال مجاهد: المعنى إن كان للرحمن ولد فأنا أول من يعبده وحده، على أنه لا يوجد له ولد. وقال السدي أيضا: المعنى لو كان لله ولد لكنت أول من يعبده، ولكن لا يصح ذلك.
وقال الطبري اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : قل إن كان للرحمٰن ولد فأنا أول العابدين”، وقال بعضهم إن المعنى الذي يقصده النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو قوله: “قل يا مشركين، إن كنتم تزعمون أن للرحمٰن ولدا، فأنا أول المؤمنين بالله وأول المكذبين لكم ولما تزعمون من ولده.