تفسير الآية ” فيها يفرق كل أمر حكيم “
يقول الله تعالى { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [الدخان:يتضمن تفسير الآية وتوضيح رأي العلماء حول ما إذا كانت الليلة المذكورة فيها ليلة النصف من شعبان أو ليلة القدر
تفسير القرطبي
قال ابن عباس : يقوم الله بتدبير شؤون الدنيا في ليلة القدر، بما يتعلق بالحياة والموت والرزق، وهذا ما ذكره قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم. وقد ذهب بعضهم إلى أن الشقاء والسعادة لا يتغيران في تلك الليلة، وهذا ما قاله ابن عمر. وقد أوضح المهدوي أن معنى هذه العبارة هو أن الله عز وجل يأمر الملائكة بما سيحدث في ذلك العام، وأنه يعلم بهذا الأمر عز وجل. وقال عكرمة إن هذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان، وهي الليلة التي يتم فيها تثبيت أمر السنة وتنقلب فيها حال الأحياء والأموات، كما يكتب حجة الإسلام والمسلمين فيها، ولن يزيد في عددهم ولا ينقص منهم أحد. وقد روى عثمان بن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تقطع الأعمار من شعبان إلى شعبان، حتى يتزوج الرجل وينجب منه وقد خرج اسمه في الموتى.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا نهارها فإن الله ينزل لغروب الشمس إلى سماء الدنيا يقول ألا مستغفر فأغفر له ألا مبتلى فأعافيه ألا مسترزق فأرزقه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر » [ذكره الثعلبي. وخرج الترمذي بمعناه] عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب ».
تم ذكر حديث طويل من عائشة، صاحبة كتاب العروس، حيث اختارت ليلة النصف من شعبان، التي يطلق عليها ليلة البراءة، كليلة تفرق فيها جميع الأمور الحكيمة. وقد تم ذكر ردها على هذا الحديث في موضع آخر، حيث تم التأكيد على أن ليلة القدر هي الليلة التي ينبغي التركيز عليها، وروى حماد بن سلمة عن ربيعة بن كلثوم أنه سأل الحسن عن ليلة القدر، وقد أجابه الحسن بأنها في كل رمضان، وأنها الليلة التي يحكم فيها قضاء الله لجميع الخلق.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يتم كتابتها من أم الكتاب في ليلة القدر ، ويكتب فيها جميع الأحداث التي ستحدث في السنة ، مثل الموت والحياة والرزق والمطر ، حتى يتم الحج ، وسيتم القول: يحج فلان ويحج فلان. وقال الله في هذه الآية: “إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى”. وهذه الإبانة الدقيقة لأسباب الخلق مخصصة للملائكة الموكلين بها. وقد تم ذكر هذا المعنى سابقا. وقال القاضي أبو بكر بن العربي: إن الجمهور يعتقدون أنها ليلة القدر. ومنهم من يعتقد أنها ليلة النصف من شعبان ، وهذا باطل لأن الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن” [البقرة: 185] ، مما يوضح أن وقت نزول القرآن هو شهر رمضان ، ويحدد وقت الليلة المباركة في هذا الشهر بالقول: “في ليلة مباركة” ، ومن يعتقد غير ذلك فقد اعترض على الله.
في ليلة النصف من شعبان، ليس هناك حديث يعتمد في فضلها أو تحديد المصائر فيها، لذا لا داعي للتركيز عليها. يقال أنه يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويكتمل في ليلة القدر. في تلك الليلة، يتم نقل نسخة الأرزاق إلى ميكائيل، ونسخة الحروب إلى جبريل، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف. أما نسخة الأعمال فيسلم إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم، ونسخة المصائب إلى ملك الموت. وبعض الناس يقولون: يعطى كل عامل بركة في أعماله، فينشرف على ألسنة الناس ويتمتع بتقديرهم في قلوبهم.