اسلامياتالقران الكريم

تفسير الآية ” فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ” وسبب نزولها

{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [سورة فصلت: 34-36].

سبب نزول الآية :
قال مقاتل : أسلم أبو سفيان بن حرب بعدما كان معاديًا للنبي صلى الله عليه وسلم ومؤذيًا له، وبعد المصالحة التي جرت بينهما أصبح حليفًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأصبح وليًا في الإسلام متحمسًا للقرابة.

وقيل: نزلت هذه الآية في أبي جهل بن هشام الذي كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أمره الله تعالى بالصبر عليه والصفح عنه، ويقال إن هذا كان قبل الأمر بالقتال. ويقول ابن عباس إن الله تعالى أمرهم في هذه الآية بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا تصرف الناس على هذا النحو، فإن الله يحميهم من الشيطان، ويخضع لهم أعداؤهم.

تفسير الآيات :
{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ } أي فرق عظيم بين هذه وبين هذه، { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر رضي اللّه عنه: ما عاقبت من عصى اللّه فيك بمثل أن تطيع اللّه فيه، قال ابن عباس : الحسنة لا إله إلا الله، والسيئة الشرك. وقيل: الحسنة الطاعة، والسيئة الشرك. وهو الأول بعينه. وقيل: الحسنة المداراة، والسيئة الغلظة. وقيل: الحسنة العفو، والسيئة الانتصار. وقال الضحاك: الحسنة العلم، والسيئة الفحش. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الحسنة حب آل الرسول، والسيئة بغضهم.

ادفع بأحسن ما تملك”، وهي عبارة مقتبسة من القرآن، والمستحب في ذلك هو الحسنة والتسامح والتجاوب الإيجابي. وقد قال ابن عباس أنه يعني أن تتعامل باللين والصبر مع من يتجاهلك، وأنه إذا شتمك شخص ما فاعف عنه وادع الله له بالرحمة، سواء كان ما يقوله صحيحا أو كاذبا. ويروى أن أبو بكر الصديق قال هذه العبارة لشخص هجم عليه، وقال مجاهد أن المقصود بأحسن ما تملك هو قول السلام عند مقابلة العدو، وقال عطاء وثالث شخص أنه يعني المصافحة.

 وقوله عزَّ وجلَّ: وإذا كان هناك عداوة بينك وبين شخص ما، يمكن أن يصبح كأنه ولي حميم إذا قمت بمعاملته باللطف والخير والإحسان، حتى يصير قريبا منك كما لو كان صديقا مقربا لك، ولكن هذه الوصية لا تقبلها إلا الذين يستطيعون الصبر والتحمل، ولا يتقبلها إلا الذين لديهم نصيب كبير من السعادة في الدنيا والآخرة، وفي تفسير هذه الآية، قال ابن عباس إن الله أمر المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة، وإذا قاموا بذلك، سوف يحميهم الله من الشيطان ويسود عدوهم كما لو كان وليا حميما لهم.

وقوله تعالى: إذا أردت الحماية من وساوس شيطان الإنس، فيجب عليك الاستعاذة بالله عندما ينزغ عليك، فالشيطان الإنس يمكنه أن يتحايل عليك بالإحسان إليه. أما الشيطان الجن فلا يمكنه أن يستخدم أي حيلة عند الوسوسة، ولذلك يجب الاستعاذة بخالقه الذي سبحانه وتعالى سلطه عليك. وإذا استعذت بالله واستعنت به، فسوف يكفيك ويصرف عنك كيد الشيطان. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يقوم للصلاة يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من شيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه»، وهذا حديث رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن.

يقول الطبري : يقول تعالى ذكره: “وإما يلقين الشيطان يا محمد في نفسك وسوسة من حديث النفس إرادة حملك على مجازاة المسيء بالإساءة، ودعائك إلى مساءته، فاستجر بالله واعتصم من خطواته، إن الله هو السميع لاستعاذتك منه واستجارتك به من نزغاته، ولغير ذلك من كلامك وكلام غيرك، العليم بما ألقى في نفسك من نزغاته، وحدثتك به نفسك وبما يذهب ذلك من قبلك، وغير ذلك من أمورك وأمور خلقه، قال السدي: “وسوسة وحديث النفس،” قال ابن زيد: “هذا الغضب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى